حرب جديدة تلوح في الأفق

إسرائيل في عمليتها العسكرية العنيفة في قطاع غزة تتبع استراتيجية خاطئة؛ فبدلاً من التغلّب على حماس ودحرها تستمر حكومة إيهود أولمرت بدفع الفلسطينيين إلى معسكر التطرّف، كما يرى بيتر فيليب في هذا التعليق.

​​قبل بضعة أيام توقّع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، مستقبلاً مظلمًا، حيث أعرب عن خشيته من عدم التوصّل خلال هذا العام إلى سلام مع الفلسطينيين. يبدو أنَّ الأحداث التي وقعت في نهاية الأسبوع تصب في هذا الاتجاه، إذ إنَّ الاشتباكات المسلّحة بين إسرائيل وقطاع غزة قد اكتسبت بعدًا يكاد يصل حجمه إلى حرب جديدة وعلى الجانبين لا يفكّر أحد بالتراجع، بل بالانتقام وبمزيد من التصعيد.

كلّ شيء يذكّر بحرب 2006

وفي هذه الأثناء كان التعليق الذي أورده مؤخرًا نائب وزير الدفاع الإسرائيلي، متان فيلنائي، مروّعًا بصورة خاصة؛ حيث قال: "إذا اشتد إطلاق الصواريخ من قطاع غزة على مناطق إسرائيلية وزاد المدى الذي تصل إليه فسوف يجلب أهل غزة على أنفسهم هولوكوست (محرقة) أكبر". إنَّه لتهديد غير مألوف على الإطلاق يرد على لسان سياسي إسرائيلي ويتجاوز كلّ التهديدات التي توعّد بها الجيش الإسرائيلي لبنان في بداية الحرب التي شنّها الجيش الإسرائيلي في صيف عام 2006 واستمرت ثلاثة وثلاثين يومًا.

لكن على الرغم من ذلك فإنَّ كلّ شيء يذكّرنا اليوم بحرب عام 2006: في تلك الحرب كانت الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى إيقاف الاعتداءات التي يقوم بها حزب الله على إسرائيل انطلاقًا من لبنان وإلى القضاء على هذه المنظمة الشيعية بقدر المستطاع، في هذه المرّة يتعلّق الأمر باعتداءات تشن على إسرائيل من قطاع غزة وبمحاولة تجريد حماس من سلطتها.

تعليق مفاوضات السلام ليس أمرًا مدهشًا

​​إنَّ ما لم ينجح في لبنان لن يتم أيضًا في قطاع غزة. لقد خرج حزب الله في لبنان من تلك الحرب أقوى مما كان عليه في السابق، على الأرجح أن إسرائيل ستتمكّن في غزة من تجريد حماس من سلطتها، لكن ماذا سيكون الثمن؟ فهكذا لا يمكن في الحقيقة لأي أحد في الحكومة الإسرائيلية أن يندهش من استياء محيط الرئيس الفلسطيني محمود عباس وتعليق كافة الاتصالات الخاصة بمفاوضات السلام.

حتى وإن كان عباس يخوض معركة تنافس شديدة مع حماس ويتّهم الإسلامويين بالخيانة والانقلاب. فهو لا يستطيع السماح لنفسه، نظرًا لمثل هذه العملية العنيفة ولحجم الخسائر الكبيرة بين المدنيين العزّل، بمتابعة المفاوضات والاجتماع بعد بضعة أيام مع إيهود أولمرت. وبصرف النظر تمامًا عن أنَّ هذه الاجتماعات - التي تم إقرارها ضمن فعاليات باذخة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر في مدينة أنابوليس الأمريكية، لم تأت أيضًا بأي شيء قطّ.

وسيلة غير ناجعة ضدّ العنف

صحيح أنَّ الحكومة الإسرائيلية لا تستطيع السكوت على إطلاق صواريخ حماس على مناطقها من دون أن تقوم بفعل شيء. لكن من المفترض أنَّها قد تعلّمت مع الزمن أنَّ العنف المضاد لا يعتبر في الغالب الوسيلة الوحيدة الناجعة من أجل إيقاف مثل هذه الاعتداءات. فبدلاً من التغلّب على حماس ودحرها تقوم الحكومة الإسرائيلية الآن أيضًا بدفع الفلسطينيين الآخرين إلى معسكر التطرّف. وتفعل ذلك أيضًا مع العرب الآخرين؛ ونتيجة لذلك يبدو أنَّ عرض السلام مع إسرائيل والاعتراف بها الذي عرضته عليها الدول العربية قبل فترة ليست ببعيدة، لقاء تخليها عن المناطق التي احتلتها في عام 1967، قد أصبح منذ فترة طويلة طي النسيان. واليوم يقارن العرب ما تفعله إسرائيل في غزة بما فعله النازيون. ولا يمكن رفض مثل هذه المقارنة واستنكارها قطّ، لا سيما وأنَّ نائب وزير الدفاع الإسرائيلي متان فيلنائي قد استخدمها بنفسه.

بيتر فيليب
ترجمة: رائد الباش
دويتشه فيله 2008

قنطرة
"
السياسة الغربية تجاه حكومتي فتح وحماس:
"سياسة الضغوط تخلق تربة "سياسة الضغوط تخلق تربة خصبة للجهاديين والسلفيين"
الباحثة الألمانية موريل أسيبورغ، رئيسة وحدة البحث الخاصة بإفريقيا والشرق الأوسط في مؤسسة العلم والسياسة في برلين، تعتبر أن زيادة الضغوط على السكان في قطاع غزة ستزيد من تطرف المجتمع وتشكل تربة خصبة للجهاديين والسلفيين.

بعد سيطرة "حماس" على غزة:
سيناريوهات المستقبل
أدت سيطرة منظمة "حماس" على جميع المؤسسات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في غزة الى خطوط انقسام سياسية جديدة عبر المنطقة كلها. والسؤال الآن هو "ما العمل؟". يوسي ألفر يقدم في هذه المقالة قراءة لإحتمالات المستقبل.

باتجاه السلام؟
مشروع الانسحاب من غزة
هل يمكن مقارنة خطوة شارون الأخيرة بمبادرة إسحاق رابين التاريخية أم بمبادرة بغين والانسحاب من سيناء؟ تعليق بيتر فيليب.