رياح السلام تهب على الشرق الأوسط

الانفراج في الأزمة اللبنانية من خلال التوافق على رئيس وتشكيل حكومة جديدة والإعلان عن انطلاق مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وسوريا برعاية تركية يحمل إشارات إيجابية لمنطقة الشرق الأوسط. عبد الرحمن عثمان حاور فولكر بيرتيس، مدير المعهد الألماني للدراسات الدولية والأمنية حول هذه المزاج الجديد في الشرق الأوسط.

الانفراج في الأزمة اللبنانية من خلال التوافق على رئيس والعمل على تشكيل حكومة جديدة والإعلان عن انطلاق مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وسوريا برعاية تركية يحمل إشارات إيجابية لمنطقة الشرق الأوسط. عبد الرحمن عثمان حاور فولكر بيرتيس، مدير المعهد الألماني للدراسات الدولية والأمنية حول هذه المزاج الجديد في الشرق الأوسط.

​​اتَّفق الفرقاء اللبنانيون على صيغة حلٍّ توافقي لتقاسم السلطات في المستقبل. يفترض من خلال ذلك إنهاء الاحتجاجات المستمرة منذ ثمانية عشر شهرًا وأعمال العنف في هذا البلد العربي. وطبقًا لهذا الاتِّفاق الذي تلاه يوم الأربعاء رئيس الوزراء القطري، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، صار بإمكان المعارضة اللبنانية الموالية لسورية والتي يتزعمها حزب الله الشيعي الاعتراض في المستقبل على قرارات الحكومة من خلال حقّ الفيتو التي حصلت عليه المعارضة.

البروفيسور فولكر بيرتيس، كيف تم التوصّل إلى اتِّفاق الأطراف اللبنانية في الدوحة وما الذي أسهم في التوصّل إلى هذا الاتِّفاق؟

فولكر بيرتيس: أعتقد أنَّ هذه الأزمة كانت عميقة جدًا بحيث أنَّ جميع الأطراف قد أدركت أنَّ الاتِّفاق أمر ضروري إذا ما كان اللبنانيون لا يريدون تعريض بلادهم ودولتهم للخطر. لقد أظهرت الاشتباكات التي وقعت قبل أسبوعين أي الاشتباكات المسلحة في شوارع بيروت، لجميع الأطراف اللبنانية مدى خطورة الموقف. وفي هذا الصدد قبل اللبنانيون بالوساطة العربية مثلما فعلوا ذلك مع نهاية الحرب الأهلية الكبيرة في العام 1989 وذلك عندما ساهمت حكومة المملكة العربية السعودية في توصّل الأطراف اللبنانية إلى اتِّفاق الطائف.

هل هناك علاقة بين هذا الاتِّفاق واستئناف المفاوضات الإسرائيلية السورية في تركيا؟

بيرتيس: كلّ الأمور في الشرق الأوسط ترتبط على نحو ما ببعضها بعضًا وعليه توجد هنا على الأقل علاقة غير مباشرة، من حيث أنَّ الطرف السوري له مصلحة في أن يعقد مع إسرائيل عاجلاً أو آجلاً اتفاقية حول إعادة مرتفعات الجولان السورية المحتلة. والآن يرى المرء هنا إمكانية للتفاوض مع إسرائيل بوساطة تركيا، كما أنها نستطيع القول إنَّ سوريا إذا كانت تسعى في الحقيقة إلى فرض حقوقها المشروعة على إسرائيل، أي استرجاع هضبة الجولان، فسوف تتعامل عندئذ مع لبنان بشكل بنّاء وربما نكون قد رأينا هنا بادرة لذلك مع ملاحظتنا دعم سورية لاتِّفاق قطر.

هل يعني هذا أنَّ سوريا سوف تستعيد قريبًا مرتفعات الجولان؟

بيرتيس: يُقال في هذا الصدد باللغة العربية "إن شاء الله". آمل أنَّها سوف تستعيدها في فترة قريبة، لكن في الحقيقة لا يمكن الاعتماد على ذلك، فهذا يتوقَّف على أمور كثيرة، وكذلك على قدرة الحكومة الإسرائيلية على وضع اتِّفاق السلام المحتمل مع سوريا حيز التنفيذ. أعتقد أنَّ السوريين سوف يستعيدون عاجلاً أم آجلاً مرتفعات الجولان مثلما استعادت مصر سيناء.

هل تعتبر اتِّفاق الأطراف اللبنانية حلاً يمكن الاعتماد عليه في المستقبل وماذا سيكون مصير حزب الله؟

بيرتيس: لم يتَّفق اللبنانيون حتى الآن على مصير حزب الله. لقد تم وضع المسائل الكبيرة المختلف عليها مثل نشاط حزب الله جانبًا، ولو تم وضعها في موقع الصدارة من المفاوضات فما كان سيتم من دون شكّ التوصّل إلى هذا الاتِّفاق. أعتقد أنَّه اتفاق يمكن الاعتماد عليه لفترة ما ولا أقول للأبد، لكن لذلك من الضروري أحيانًا في الحياة السياسة أن يتم التوصّل إلى اتِّفاق لبضعة أشهر أو سنين. وما من شك ستكون الأشهر القادمة بمثابة اختبار لقدرة هذا الاتِّفاق على البقاء.

إذا لم يتم التوصّل إلى اتِّفاق بين سوريا وإسرائيل أثناء المفاوضات التي تجرى في تركيا، فهل سيتأجج الوضع في لبنان من جديد؟

بيرتيس: إنَّ كلاً من سوريا وإيران وكذلك وبقدر محدود إسرائيل ولكن أيضًا الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية لها تأثير معيَّن على أطراف النزاع في لبنان، لكن كذلك لا توجد من دون أطراف النزاع اللبناني خلافات واتِّفاقات في لبنان، ومن هذه الناحية يكون السؤال دائمًا عن مدى سماح حزب الله أو المنظمات السياسية الأخرى في لبنان للقوى الأجنبية بأن تستخدمهم كأدوات. وعندما لا يفعل حزب الله والقوى السياسية اللبنانية الأخرى ذلك وعندما يتوصّلون إلى اتِّفاق فيما بينهم وعندما يضعون مصالح دولتهم في موقع الصدارة، فإنَّ تأثير الإيرانيين والسوريين والإسرائيليين والأمريكان أو الألمان والفرنسيين سيكون ضعيفًا جدًا.

ما هي الآثار التي يمكن أن يتركها الانفراج الأخير الذي حصل الآن في لبنان وسوريا وإسرائيل على المفاوضات مع الفلسطينيين؟

بيرتيس: أعتقد أنَّ هذا يشكِّل مبدئيًا وقبل كلِّ شيء ميِّزة إيجابية بالنسبة للمفاوضات المستمرة بين إسرائيل والفلسطينيين. وهذا لن يؤثِّر تأثيرًا مباشرًا، لكن من الممكن مبدئيًا لكلِّ انفراج في المنطقة أن يساهم أيضًا في انفراج العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية وبالعكس إذا ازداد التوتّر، مثلاً بين سورية وإسرائيل، فستزداد عندها المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين صعوبة وحتى وإن كان لمجرَّد أنَّ سورية على سبيل المثال تشجِّع حركة حماس وتعمل على إنعاش ودعم المقاومة المسلحة. وعليه فإنَّ انفراج الأوضاع في لبنان يعتبر مبدئيًا أمرًا جيدًا بالنسبة للفلسطينيين.

أجرى الحوار: عبد الرحمن عثمان
ترجمة: رائد الباش
دويتشه فيله 2008

قنطرة

اتفاق الفرقاء اللبنانيين:
جراحة تجميلية لا تعالج جذور المشكلة
اتَّفقت الحكومة اللبنانية الموالية للغرب مع حزب الله على تشكيل حكومة جديدة وعلى قانون انتخابي جديد، الأمر الذي سيجنب لبنان على المدى المنظور شبح الحرب الأهلية، غير أنه لم يعالج جذور المشكلة في بلاد الأرز وفق ما يراه بيتر فيليب في هذا التعليق

بعد انسحاب الجيش السوري:
إلغاء الطائفية هو أكبر تحدي يواجهه المجتمع المدني في لبنان
بعد اغتيال رئيس الوزارء السابق رفيق الحريري تظاهر الآلاف في شوارع بيروت مطالبين بانسحاب السوريين واستقالة حكومة كرامة. هل يمكننا اعتبار هذه الحركة الجماهيرية بداية انطلاق مجتمع مدني حقيقي في لبنان؟ حوار مع عمر طرابلسي مدير منظمة "مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل التنموي" في بيروت.

خريف بطاركة السلطة: إلى أين يتجه العالم العربي؟
علينا الإلتزام بالحذر في تفسير الواقع
مشاهد غير معهودة في الشرق الأوسط: مظاهرات سلمية في لبنان، إسلاميون وليبراليون يحتجون في مصر ضد نظام مبارك وانتخابات بلدية في السعودية، بلاغات صادرة عن مجموعات المقاومة الفلسطينية بشأن التخلي عن استخدام العنف ومفاوضات الأحزاب في العراق من أجل تشكيل ائتلاف حكومي. هل يمر العالم العربي بمرحلة تحول جذري؟ تحليل الباحث عمرو حمزاوي