مفاجآت وملل سياسي

أظهرت انتخابات السابع من سبتمبر/أيلول أن ثقة المغاربة بالنخبة السياسية في بلادهم قد تراجع بشكل كبير. وبلغت نسبة المشاركة الانتخابية هذه المرة 37% مقارنة بـ 52% في عام 2002. تعليق الباحثة سونيا حجازي

ثمة صفات عديدة ننعت بها حزب العدالة والتنمية المغربي PJD إلا أننا بالتأكيد لا نستطيع وصفه بـ "المتطرف". ويعتبر الحزب نفسه ممثلاً شرعياً للإسلام السياسي في البلاد، مما ساعده على الفوز المفاجئ في الانتخابات البرلمانية في عام 2002 وتمكن من زيادة عدد مقاعده ثلاثة أضعاف ليصبح أقوى قوة معارضة. وتجدر الإشارة إلى أن الحزب قد نشأ نتيجة اتحاد أعضاء من الحركة الإسلامية، "الوحدة والإصلاح" وحزب "الحركة الشعبية الدستورية".

توقع الحزب الفوز بغالبية الأصوات أيضاً في الانتخابات الأخيرة والمشاركة في الحكومة التي يُشكلها الملك. وأعلن مدير حملة الحزب الإنتخابية إمكانية الحصول على الأقل على سبعين مقعداً من أصل ثلاثمائة وخمسة وعشرين. بيد أن حزب العدالة والتنمية حصل فقط على ستة وأربعين مقعداً ليصبح ثاني أقوى حزب بعد حزب الاستقلال الوطني. ولا أحد يشك في نزاهة الانتخابات، لا سيما وأنها جرت تحت نظر مراقبين محليين ودوليين في المغرب، إلا أن البعض يشك بأن البعض لجأ إلى شراء أصوات الناخبين.

أما الخاسر الأكبر في هذه الإنتخابات فهو حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي رشح نفسه للانتخابات لأول مرة في عام 1997 نزولاً عند رغبة الملك الحسن الثاني ممثلاً برئيس الوزراء عبد الرحمن اليوسفي. وجاء ترتيبه الخامس في الانتخابات الحالية، وهذا كان أحد مفاجآت النتائج الانتخابية - أو ربما لم تكن مفاجأة على الإطلاق، إذ أن فترة حكم اليوسفى كانت بمثابة خيبة أمل للكثيرين.

أظهرت انتخابات السابع من سبتمبر/أيلول أن الثقة بالنخبة السياسية في العالم العربي قد شهدت تراجعاً شديداً بعد سلسلة من المحاولات الانتخابية. إذا وصفتها بـ "الملل السياسي"، فإني بالتأكيد أجمل هذا الوضع: جاء في بعض وسائل الإعلام العربية أن بعض الأصوات غير المحسوبة كُتب عليها عبارات مثل "عاشت السلفية الجهادية" أو "جميعكم لصوص". وفي مدينة العيون، عاصمة الصحراء الغربية، كُتبت عبارات مثل "عاشت الجمهورية الصحراوية"! وكانت نسبة المشاركة الانتخابية هذه المرة 37% مقارنة بـ 52% في عام 2002.

كانت البرامج الانتخابية لجميع الأحزاب المرشحة (وعددها 33) وعشرات المرشحين المستقلين شبه متشابهة. فأعضاء معسكر اليسار والمعارضة الإسلاموية موزعين على مختلف الأحزاب. عندما يثني سعد الدين عثماني، مرشح حزب العدالة والتنمية، على المغرب على أنه أكثر البلاد ملاءمة للمستثمرين الدوليين ومثالاً للنمو الإقتصادي، نسمع من خلاله وزير الاقتصاد المغربي نفسه. وزاد الطين بلة الحملة الانتخابية الفاترة التي كان مسرحها شاشة التلفزة لا غير.

تُعتبر الحركة غير القانونية "جماعة العدل والإحسان" برئاسة الشيخ ياسين بمثابة معارضة حقيقة في المغرب. عدد أعضائها غير معروف، ولكنها تستحوذ على شبكة من الداعمين في جميع أنحاء البلاد. من قناعاتهم الدعوة إلى نبذ العنف، بيد أنها في الوقت نفسه تدعو إلى إلغاء النظام الملكي وتضرب بذلك على الوتر الحساس. يربط عبد السلام ياسين سياسته مع الصوفية الإسلامية غير السياسية ويستقطب بذلك العديد من الأتباع. وبوسعنا القول أن الصوفية الاجتماعية الجديدة هي التوجه الإيديولوجي لــ "جماعة العدل والإحسان".

وتُشيد نادية ياسين، المتحدثة غير الرسمية للجماعة،وابنة مؤسسها بحزب العدالة والتنمية. وقد يعود ذلك إلى ابتعاد الحزب عن تعاونه مع القصر الملكي. وليس لدى "جماعة العدل والإحسان" ما يثير قلقهم، إذ أنهم بإمكانهم الجلوس جانباً ومراقبة الأمور عن بعد: فالسياسة المتبعة والملل السياسي سوف يدفع المواطنين إليهم، الذين يبحثون عن قوة معارضة ثابتة في الإسلام، دون أي جهد يُذكر.

ويفخر حزب العدالة والتنمية باعتبار نفسه النسخة المغربية لحزب العدالة والتنمية التركي، حيث حاول استخدام تشابه الأسماء هذا لمصلحته لا سيما في الحملة الانتخابية لعام 2007. بيد أن هذا أسفر عن نتيجة عكسية. من يُعلن أنه قابل للترويض، لا يستسيغه الشعب كقوة معارض.

يتحلى حزب العدالة والتنمية التركي إلى اليوم بمصداقية تاريخه وفعّاليته كونه حزب إسلاموي، وبالرغم من ذلك فهو شوكة في عين الكثيرين في مؤسسات الدولة، ويؤكد ذلك المواجهات التي حصلت في أوائل صيف هذا العام بين الجيش وغول، وزير الخارجية التركي.

أدت التطورات السلبية نتيجة الانفتاح السياسي في الجزائر، البلد المجاور للمغرب، إلى توافق بين أتباع القصر والعلمانيين والإسلامويين على عدم العمل على تنافر المجتمع. ويُعتبر راديكالياً كل من يُطالب بتغيير الدستور في المغرب، كما تفعل جماعة نادية ياسين ووالدها.

بقلم سونيا حجازي
ترجمة منال عبد الحفيظ شريده
حقوق الطبع قنطرة 2007

قنطرة

مقابلة مع مليكة زغال حول انتخابات المغرب
يجري في السابع من شهر أيلول/سبتمبر انتخاب برلمان جديد في المغرب. ما الذي يمكن أن يتغيَّر في حال تمكّنت القوى الإسلاموية - مثلما تشير التكهّنات - من زيادة قوّتها؟ مارتينا صبرا تحدّثت حول ذلك مع الباحثة في العلوم السياسية مليكة زغال

حرية الصحافة في المغرب
أخذت الأجهزة القضائية في المغرب تفرض قبل إجراء الانتخابات البرلمانية في السابع من سبتمبر/أيلول المقبل رقابة على الصحافيين العاملين في قطاع الصحافة الحرة. فمن ينتقد الملك محمد السادس يصبح عرضة لإجراءات القمع والتنكيل. مقال كتبه دافيد زيبيرت