معرض الذاكرة- مفقودو الحرب الأهلية اللبنانية في صور

ما تزال تبعات الحرب الأهلية اللبنانية الطويلة التي عصفت بلبنان بين عامي 1975 و 1990 تثقل بشدة على دولة الأرز. لذا ينظم عدد من المنظمات المختلفة معرضا للصور الفوتوغرافية في بيروت يسعون من خلاله لإعادة لفت الأنظار إلى عدد كبير من الذين كانوا قد فُقدوا في تلك الفترة، وكذلك لحث المجتمع اللبناني على معالجة هذه الحقبة من ماضيه.

يتبين من اللحظة الأولى أن افتتاح معرض الصور الفوتوغرافية في مبنى قصر الأونيسكو في بيروت لم يكن معهودًا، حيث يشاهد الزائر مئات الملصقات المعلقة بشكل مستقيم إلى جانب بعضها بعضا. صور تحمل غالبا ألوانا باهتة لشبان في مقتبل العمر، يطلون على الزائر من الجدران، شبان فُقدوا في الحرب الأهلية اللبنانية. ووُضع تحت الصور بيانات مقتضبة عن الاسم وتاريخ الميلاد وتاريخ الاختفاء.

في مواجهة النسيان

يُعتبر معرض الصور الفوتوغرافية الذي حمل عنوان "... ولم يعودوا" „Missing“ جزءا من حملة تطال كافة المناطق اللبنانية تنظمها جمعية "أمم للتوثيق والأبحاث"، وهي جمعية غير حكومية. وتقول نادشيه فروندون مديرة المشروع في جمعية أمم في سياق الحديث عن المعرض: "تكمن فكرة هذا المشروع في جعل الماضي اللبناني موضوعا للبحث والنقاش، بالأخص ما يتعلق بأقدار المفقودين في الحرب الأهلية، حيث نريد أن نخلق لهم مساحة في الرأي العام."

وقد بدأ منظمو المعرض قبل عدة أشهر بالاتصال بعائلات المفقودين وبما يسمى بــ"لجان المفقودين" في سبيل الحصول على صور منهم ليستخدموها في إعداد الملصقات، فأعدوا حتى الآن 500 ملصق، لكن هذا لا يشمل جميع المفقودين بحسب فروندون التي قالت: "يفوق عدد أسماء المفقودين على قوائمنا الألف اسم، لكننا لا نملك للأسف صورا لجميع الأشخاص."

العفو العام بدلا من معالجة الماضي

​​حتى اليوم، لم تلتئم الجراح التي خلفتها الحرب الأهلية التي انتهت منذ زمن طويل في هذا البلد الصغير على الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. ويقدر عدد الذين لم يعودوا بعد انتهاء الحرب بنحو 16 ألف شخص. ويبلغ العدد الإجمالي للذين قضوا خلال الحرب 150 ألف شخص على الأقل.

تريد جمعية "أمم" غير الحكومية أن تواجه الساسة اللبنانيين بالواقع، وأن تُبين لهم أنهم قد تعاملوا باستخفاف لدى إصدارهم قرار العفو عن كل جرائم الحرب الأهلية بشكل نهائي بدلاً من معالجة مشاكل الماضي.

كما تعزم جمعية "أمم" توعية المواطنين في لبنان ورفع حساسيتهم تجاه حقيقة ما حدث في بلدهم في تلك الفترة، وتجاه مصير ضحايا الصراع الدموي الذي استمر لعشرات السنين. وتقول مونيكا بورغمان القيّمة على المعرض ومديرة جمعية "أمم": "لو عمل اللبنانيون على معالجة الماضي الفظيع، أقصد الحرب الأهلية اللبنانية التي دامت لـ 15 عاما، لكان الوضع السياسي بالتأكيد مختلفا عما هو عليه اليوم. إلا أن لبنان لم يعالج هذه الفترة على الإطلاق، وما يزال البحث في هذه المواضيع إلى يومنا هذا من المحظورات."

"أمهات بلازا دي مايو" قدوة تحتذ

شكلت "أمهات بلازا دي مايو" المجموعة الأرجنتينية لحقوق الإنسان مصادر إلهام لمشروع المعرض. هذه المجموعة النسائية التي تسعى بواسطة الصور واللافتات إلى جذب الأنظار إلى أقدار المفقودين من أبنائهن وبناتهن وتطالب الحكم العسكري بالكشف عن مصائرهم منذ عام 1977.

كذلك شأن التعاطي مع "المأساة الجزائرية" أيضًا: الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين المتطرفين الإسلاميين والجيش في بلد عربي آخر، قد دفع المنظمين للتفكير بالقيام بمشروع مشابه في لبنان أيضًا.

وتروي مونيكا بورغمان: "لقد وصفنا المعرض بأنه (معرض صور قيد الإنشاء). وقد جاءت هذه التسمية بكل بساطة نتيجة وجود حاسوب وماسح ضوئي في قاعات المعرض، حيث نأمل أن تجلب عائلات أخرى صور مفقوديها أيضًا، ليتسنى للمعرض بذلك التوسّع باستمرار."

معرض في الانترنت

​​يمكن زيارة المعرض على الانترنت على موقع www.memoryatwork.org الذي يُفترض أن يكون منبرا لبنانيا. بيد أن النشاطات لا تقتصر على هذا، فهناك بالإضافة إلى معرض الصور سبع ورشات عمل في مختلف المناطق اللبنانية، يُفترض أن يشارك فيها مختصون وضحايا الحرب الأهلية وكذلك سياسيون وأفراد من الجيش.

يتم تمويل المشروع من خلال الدعم المالي لعدة جهات منها وزارة الخارجية الألمانية ومؤسسة العلاقات الخارجية (ifa) ومؤسسة هاينريش بول.

آريان فاريبورز من بيروت
ترجمة يوسف حجازي
قنطرة 2008

قنطرة

الموسيقار إبراهيم معلوف:
رسول الموسيقى بين باريس وبيروت
الشاب اللبناني إبراهيم معلوف كان قد عزف على آلة الترومبيت مع فرقة الثنائي "أمادو ومريم" وفرقة المغنية "لاسا دي سيلا" وفرقة بومجيلو، كما شق لنفسه مساراً مهنياً متألقاً في الموسيقى الكلاسيكية. أما اليوم فيربط إبراهيم معلوف في باكورة ألبوماته الموسيقى الشرقية بالموسيقى الإلكترونية ناظماً بهما لغة نغمية فريدةً من نوعها.

فن
التجربة المشتركة لجدار برلين والحرب الأهلية
عرض عشرة فنانين ألمان أعمالهم في بيروت تمحورت حول تجربة مدينتين عاش سكانها انقساما سياسيا ولّى ظاهريا. حسين بن حمزة زار المعرض وكتب لنا التقرير التالي

منى حاطوم:
ليس من شأن الفن تقديم المواعظ
من يزور معرض الفنانة البريطانية الفلسطينية الأصل منى حاطوم يجد نفسه وكأنه يتحرك على أرض غامضة. ومن أجل التعرف على تجربتها الفنية أجري أورس شتاينر وصاموئيل هرتسوك معها الحوار التالي.