ممارسة العنف من "حقوق الرجل وواجباته" في البادية الأردنية
في البادية الأردنية تعمل نساء ناشطات كل ما في وسعهن في محاولة لمساعدة المرأة هناك وتوعيتها بحقوقها، وتقول فوزة الزبيدي الناشطة في مجال حقوق المرأة في البادية الشمالية، رئيسة جمعية المرأة العربية الخيرية في المفرق، شمال شرق عمّان إن "الأنثى في البادية تعاني من أمور عدة منها تزويجها دون مشورتها وأحيانا يكون هذا الزواج في سن مبكر، وهناك معاناة في موضوع الإرث أيضا، فعندما تحصل الفتاة على نصيبها من الإرث يقوم الأهل في بعض الحالات بالتحايل عليها بطرق متعددة، كما أن فرص التعليم في البادية تكون أفضل لدى الذكور.
وفيما يتعلق بالحقوق السياسية تؤكد الزبيدي أن النساء في البادية وخاصة الأميات منهن "ليس لهن حرية الاختيار وإنما يؤمرن بقبول الشخص الذي يختاره الزوج أو الأب أو الأخ. وتقول الناشطة الأردنية إنها تحاول من خلال جمعيتها توعية المرأة في القطاعات السياسية والقانونية والثقافية والصحية والاقتصادية، حيث تقوم بتنظيم أنشطة في مناطق عدة في البادية، وبذلك أصبحت النساء البدويات يشاركن أيضا في مؤتمرات وندوات وورشات عمل في العاصمة عمّان، حيث اكتسبن الخبرة في الدفاع عن حقوقهن من خلال التوعية القانونية".
شراكة المرأة
وتشير الناشطة الزبيدي إلى أن فرص عمل النساء في البادية ضعيفة بسبب قلة الموارد، وبالتالي فإن جمعية المرأة العربية الخيرية تسعى إلى تقوية المكانة الاقتصادية للمرأة من خلال مساعدتها في إقامة مشاريع الخياطة والتطريز وتنسيق الزهور والتجميل أو غيرها من المشاريع قي مجالات الكمبيوتر والإنتاج المطبخي وخدمات الحضانة.
الوضع ليس أفضل بالنسبة للمرأة في جنوب الأردن، وتقول أمامة الشمايلة، رئيسة جمعية (فزعة خير) في مدينة الكرك جنوب عمّان إن "بعض الرجال يرون أن المرأة يجب أن تنتبه لمنزلها ولزوجها وأوﻻدها فقط، غير أن هناك تحولا في الفترة الأخيرة، حيث بدأ الرجال يفضلون المرأة المتعلمة والعاملة بسبب الظروف المعيشية الصعبة".
وتشير المتحدثة إلى إحجام بعض السيدات عن الترشح للانتخابات لعدم وقوف عشيرتها إلى جانبها أو لعدم رغبة الزوج أو فقط لعدم توفر الإمكانات المالية. وتضيف أنها تقوم من خلال مهمتها في الجمعية بتقديم محاضرات توعية عن موضوعات العنف ضد المرأة وعن حقوقها في مواجهة هذا العنف بشتى أشكاله.
العادات والتقاليد والعوائق الاجتماعية
وحسب الناشطة الشمايلة فإن "العنصر الذكوري يسيطر على النساء" وتعني بذلك أن المرأة ﻻ تستطيع أخذ أي قرار دون موافقة الأهل، سواء فيما يخص عملها أو غير ذلك، فهي لا تستطيع السفر حتى في مهمة رسمية إﻻ بعد موافقة من الأهل.
من جهتها تعبر الناشطة الإعلامية هنية الضمور عن اعتقادها أن "العائق الاجتماعي والعادات والتقاليد هي أبرز التحديات التي تواجه النساء في البادية" وتضيف أن الحياة في البادية تفتقر للمقومات الأساسية، رغم ما قامت به منظمات المجتمع المدني من مبادرات. وتؤكد الضمور أن التهميش يميز صورة المرأة البدوية.
وتضيف الضمور أن المرأة البدوية تمارس أعمالا يومية شاقة، حيث إنها تلبي حاجات منزلها وأسرتها، ولذلك فهي في حاجة إلى "الاستقلالية والتوعية". ولن يتم ذلك إلا بفرص حصولها على حقوقها وواجباتها من خلال حملات كسب التأييد والدفاع عن الحقوق. وتشير إلى أن بعض الرجال بدأوا يتفهمون حقوق المرأة، ولكنهم بنوع من التحفظ.
موقف التستر على سلوك الرجل
أما أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية حسين الخزاعي فيلاحظ أن المرأة في البادية الأردنية تشارك الرجل في كافة الأعمال الشاقة إضافة إلى تربية الأطفال. وبالنظر إلى أن الزواج في البادية تقليدي داخل القبيلة الواحدة أو العشيرة الواحدة، "فإننا نلاحظ أن المرأة تُخفي وتتستر على أي سلوك سلبي قد يقوم به الزوج".
ويشرح الخزاعي أنه بسبب النشأة الاجتماعية والموروثات الثقافية فإن هذه المجتمعات تنظر إلى العنف كجزء من واجبات الرجل، فالعنف الذي يمارسه يعد "حقا من حقوقه الكاملة"، حيث إنه لا يتعرض إلى مساءلة أو لوم.
ويوضح الخبير الاجتماعي أن مناطق البادية تعاني من الفقر والأمية والبطالة وعدم وجود ثقافة حقوق الإنسان وثقافة الشكوى، كما أن هذه المناطق قد تكون "بعيدة عن رقابة الدولة" خاصة عندما لا تتوفر على مؤسسات تهتم بتنظيم الحياة الأسرية وبتقديم شكاوى.
ويخلص الدكتور الخزاعي إلى أن هذه المجتمعات بحاجة لتوعية كبيرة وإلى تغيير التوجهات والحد من ممارسات بعض الرجال بحكم العادات والتقاليد والقيم، مثل حرمان المرأة من الإرث وخرق حقوقها.
محمد خير العناسوة – عمّان / الأردن
تحرير: عبدالحي العلمي
حقوق النشر: دويتشه فيله 2013