إبراهيم رئيسي.. النصير العنيد لحكم رجال الدين في إيران
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تعهد بمواصلة حملة قمع الاضطرابات*
الفوز في انتخابات 2021 عزز موقف المحافظين في إيران*
**خامنئي هو صاحب القول الفصل في إيرا
واشنطن فرضت عقوبات على رئيسي بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان
وبعد ثلاثة عقود، أصبح رئيسا ويتوقع كثيرون أن يصبح الزعيم الأعلى الإيراني القادم. ويشرف رئيسي على التعامل الصارم مع التحديات المحلية والدولية التي شهدت إصدار المحاكم الإيرانية عشرات من أحكام الإعدام.
فقد شُنق أربعة أشخاص بعد إدانتهم باتهامات تتعلق باضطرابات شعبية اندلعت في سبتمبر أيلول بسبب وفاة الإيرانية الكردية مهسا أميني (22 عاما) في مقر للشرطة. وقالت وسائل إعلام إيرانية يوم السبت إن علي رضا أكبري، النائب السابق لوزير الدفاع الإيراني، أُعدم بعد إدانته بالتجسس.
وأثارت عمليات الإعدام إدانات من أوروبا والولايات المتحدة، لكن رئيسي أصر على استمرار “رصد ومحاكمة ومعاقبة” كل من تعتقد السلطات أنه متورط في أعمال عنف.
وقال علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، إن “الإعدام يستهدف خلق جمهورية خوف لا يجرؤ الناس فيها على الاحتجاج ولا يجرؤ المسؤولون على الانشقاق”.
وقال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي هذا الأسبوع إن أكبري الذي حصل على الجنسية البريطانية وكان يعيش في الخارج، تم “استدراجه للعودة” واعتقاله قبل ثلاث سنوات.
ويشرف رئيسي على حملة قمع لا تلين للاضطرابات التي يقول نشطاء إن أكثر من 500 محتج وعشرات من أفراد قوات الأمن قتلوا فيها، فيما يعيد للأذهان دور رئيسي في حملة تطهير ضد السجناء السياسيين في عام 1988.
فحينذاك، بعد أسابيع قليلة من وقف إطلاق نار في يوليو تموز أنهى ثماني سنوات من الحرب مع العراق، نفذت السلطات الإيرانية إعدامات جماعية سرية لآلاف المنشقين والمعتقلين المعارضين للجمهورية الإسلامية.
وأقيمت محاكمات عُرفت باسم “لجان الموت” في جميع أنحاء إيران، ضمت قضاة دينيين ومدعين عموميين ومسؤولين من وزارة الاستخبارات لتقرير مصير آلاف المعتقلين في محاكمات تعسفية لم تستغرق سوى بضع دقائق، وفقا لتقرير لمنظمة العفو الدولية.
وبينما لم يتأكد عدد القتلى في جميع أنحاء البلاد قالت منظمة العفو إن عددهم يبلغ خمسة آلاف على أدنى التقديرات.
وذكرت منظمة العفو أن رئيسي الذي كان وقتها نائبا للمدعي العام لطهران، كان عضوا في لجنة الموت في العاصمة.
ونقلت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير نُشر العام الماضي، عن سجين قوله إنه رأى رئيسي في سجن خارج طهران وإن رئيسي كان يذهب إلى موقع الإعدام لضمان تنفيذ العملية بشكل صحيح.
وحين سُئل في عام 2021 عن مزاعم تورطه في عمليات القتل، قال رئيسي “إذا دافع قاض أو مدع عام عن أمن الناس، فيجب الإشادة به… أنا فخور بأنني دافعت عن حقوق الإنسان في كل منصب شغلته”.
ولم يرد مكتب الرئاسة على طلب للتعليق.
واعترف مسؤولون إيرانيون بعمليات الإعدام لكنهم قللوا من حجمها.
وفي فبراير شباط 1989، قال الرئيس الإيراني السابق أكبر هاشمي رفسنجاني إن “أقل من ألف شخص أُعدموا”. وفي عام 2016، نقلت وسائل إعلام حكومية عن عضو آخر في “لجنة الموت” بطهران قوله “نحن فخورون بتنفيذ أمر الله”.
وقال سعيد جولجر، من جامعة تينيسي في تشاتانوجا بالولايات المتحدة “تم إعداد رئيسي ليكون رئيسا لأسباب منها وحشيته وولائه وانعدام ضميره. وأظهر هذه السمات عام 1988″.
وأضاف “يدعم القمع السياسي بالكلية”.
* خاضع لعقوبات أمريكية
ولد رئيسي عام 1960 لعائلة متدينة في مدينة مشهد بشمال شرق إيران. وفقد والده وهو في الخامسة من عمره لكنه سار على خطاه ليصبح رجل دين.
وحين كان طالبا شابا في معهد ديني في مدينة قم بوسط البلاد انضم إلى الاحتجاجات ضد الشاه المدعوم من الغرب في ثورة 1979. ولاحقا، جعلته اتصالاته بالزعماء الدينيين في قم شخصية موثوقا بها في الجهاز القضائي.
وشغل رئيسي منصب نائب رئيس السلطة القضائية عشر سنوات، ثم عين مدعيا عاما في 2014. وبعد خمس سنوات، فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليه لاتهامه بانتهاك حقوق الإنسان، بما في ذلك إعدامات في فترة الثمانينيات.
وفي مسعاه إلى الرئاسة، خسر رئيسي أمام حسن روحاني الذي كان يشغل المنصب حينذاك في انتخابات عام 2017. ويرجع فشله إلى حد كبير إلى شريط صوتي كان يعود تاريخه وقتها إلى 28 عاما وظهر في عام 2016 ويعتقد أنه سلط الضوء على دوره في عمليات الإعدام.
وفي التسجيل، تحدث آية الله حسين علي منتظري، نائب الزعيم الإيراني الأعلى السابق، عن عمليات القتل. واعتقل نجل منتظري وسُجن لنشره الشريط.
وانتهت حملة رئيسي الرئاسية لعام 2021 بانتصار وضع جميع أفرع السلطة في البلاد تحت سيطرة المحافظين الموالين للزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي لأول مرة منذ سنوات.
وفوز رئيسي في الانتخابات يعزز فيما يبدو فرصه في أن يخلف ذات يوم خامنئي (83 عاما)، لكن بعض المحللين والمطلعين يعتقدون أن فشله في معالجة اقتصاد متوعك والصعوبات التي يواجهها في السياسة الخارجية قد أضرت بمستقبله.
ولخامنئي، وليس للرئيس، القول الفصل في جميع السياسات الرئيسية في ظل النظام السياسي الإيراني المزدوج والمقسم بين المؤسسة الدينية الشيعية والحكومة.
وقال فايز، من مجموعة الأزمات الدولية، إن رئيسي “لا يقود القمع. إنه أداة له”.
لكن مواقف رئيسي المتشددة والمنسجمة بشكل وثيق مع خامنئي ساعدت في توجيه السياسة في الخارج وفي الداخل على حد سواء.
ومنذ انتخابه، التزمت إيران موقفا صلبا في المفاوضات لإنقاذ اتفاقها النووي مع القوى العالمية، وراهنت على أن لديها النفوذ لانتزاع تخفيف كبير للعقوبات مقابل القيود المفروضة على تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم التي تعمل بشكل متزايد على تحديثها.
ودعم خامنئي الاتفاق الأصلي الموقع في 2015 الذي تفاوضت فيه حكومة روحاني لتحصل على إلغاء مؤقت لعزلة إيران الاقتصادية والسياسية.
لكن في عام 2018، انسحب الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب من الاتفاق وأعاد فرض العقوبات، قائلا إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه قبل توليه منصبه كان مفرط التهاون مع طهران. (رويترز)