تواجد ضعيف للمجتمع المدني في مواجهة التطرف الإسلاموي
بعد الإعتداءات التي شهدتها مصر في الشهور القليلة الماضية ازداد الجدل حول مسؤولية منظمات المجتمع المدني في مواجهة الأفكار الإسلاموية المتطرفة التي تتبنى العنف. حوار مع دينا شحاتة الباحثة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والعضو في جمعية نهضة المحروسة حول ماهية الدور الذي يجب أن يلعبه المجتمع المدني لمواجهة ظاهرة العنف والتطرف الإسلاموي.
ما مدى وجود الجمعيات والمنظمات المدنية الضرورية للتعامل مع ظاهرة التطرف والعنف في مصر؟
دينا شحاتة: أرى أن منظمات المجتمع المدني النشطة في مصر لا تتعامل مع ظاهرة العنف والتطرف الديني بصورة مباشرة، فمعظم الجمعيات والمنظمات المدنية التي ظهرت في الخمسة أعوام الماضية تتخذ الاتجاه الخيري أو التنموي الخيري من مساعدة الفقراء والمحتاجين وتوفير فرص عمل وموارد مالية لزواج الشباب أو جمعيات لتنمية المناطق العشوائية وتثقيف الأشخاص وتعليمهم اللغات والكمبيوتر.
معظم الجمعيات تحاول محو الفقر التي تنظر إليه على أنه السبب الرئيسي في اتجاه الشباب للعنف والتطرف الديني، ولكن هناك مجتمعات كثيرة تعاني من الفقر والمشكلات التنموية ولم ينتج منها بالضروري أفكار متطرفة وعنيفة.
فالمشكلة تتركز في العقول وانتشار الفتاوي المتطرفة من معظم رجال الدين الموجودين حاليا بلا رقيب حيث أصبح الكثيرون يفتون في العديد من الأمور الدينية والناس يستمعون ويصدقون دون تفكير.
نحتاج إلى مناخ أكثر حرية يتيح تواجد أكبر للجمعيات والمنظمات التابعة للمجتمع المدني التي تعد قليلة للغاية، ولابد للجهات الحكومية الرسمية أن تساعد المجتمع المدني على الانطلاق بحرية لمواجهة مثل هذه الظواهر المدمرة بعيدا عن قيود الرقابة والقيود الأمنية.
وكيف يمكن تفعيل دور المجتمع المدني في التصدي للعنف والإرهاب وخاصة بعد أحداث شرم الشيخ؟
شحاتة: أعتقد أن المجتمع المدني يمكن أن يلعب دورا هاما في مواجهة العنف والفكر المتطرف من خلال العمل على ثلاثة أصعدة. الأول هو مجال حقوق الإنسان وخلق تيار مناهض لممارسات التعذيب والاعتقالات الجماعية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية وخاصة في أعقاب أي عمل إرهابي، حيث يرجح الكثيرون أن استمرار العنف والتطرف يرجع للتعذيب والاعتقالات الجماعية لأشخاص أبرياء بعد الحوادث الإرهابية. والحقيقة أن منظمات حقوق الإنسان بدأت تقوم بهذا الدور.
الصعيد الثاني يتركز في التنمية وخاصة في المناطق المهمشة المنسية مثل سيناء، فهناك مناطق كثيرة مهمشة في مصر لابد وأن يصل إليها المجتمع المدني لتنميتها وتوعية أفرادها. يظن الكثيرون أن المناطق المهمشة تتمثل فقط في العشوائيات وصعيد مصر. لذلك تذهب كل الجمعيات المحلية والدولية إلى هذه المناطق، إلا أن هناك سيناء المهمشة لسنوات طويلة لدرجة أن بدو سيناء يعيشون بشكل منعزل بالفعل عن الحياة المصرية ويرون أنفسهم كمستقلين وليسوا جزءا من المجتمع المصري.
فمن خلال بحثنا في جمعية نهضة المحروسة عقب تفجيرات شرم الشيخ وجدنا أن البدو يعانون الكثير من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السيئة لدرجة أنهم يقولون أنهم يعيشون أزمة اقتصادية منذ أن احتلتهم مصر ويرون أن أوضاعهم كانت أفضل بكثير في ظل وجود سيناء تحت الاحتلال الإسرائيلي.
لذلك على منظمات المجتمع المدني أن تخرج إلى هناك للتوعية والتنمية ومن أجل خلق وسائل تعبير تجعل الشباب هناك وفي باقي أنحاء مصر يبحثون عن طرق سلمية يعبرون بها عن أفكارهم بدلا من العنف، كإنشاء مواقع إلكترونية يعبرون فيها عن مكنون أنفسهم في ظل فضاء حر بدون رقابة.
ولابد من توعية بدو سيناء بحقوقهم ومساعدتهم في تسويق منتجاتهم اليدوية. وتعمل جمعية نهضة المحروسة مع البدو هناك منذ فترة في مشروع لتسويق الحرف اليدوية الذي يشتهرون بها.
أما الصعيد الثالث والأخير فهو صعيد التنوير عن طريق مواجهة المجتمع المدني للأفكار التكفيرية التي تحض على الكراهية والانغلاق من خلال طرح فكر مغاير واستخدام وسائل الإعلام المختلفة لنشر فكر عقلاني معتدل ومتسامح وتطوير التعليم لتشجيع النشئ على تكوين فكر نقدي يحصنهم ضد عمليات غسل الأدمغة التي يتعرضون إليها، وخاصة أن التعليم في مصر يعتمد على الطاعة والتلقين مما يجعل الشباب فريسة سهلة لتيارات الفكر المتطرف والعنيف.
ويجب الاستعانة بدعاة الدين ذوي الفكر المعتدل لتجديد الخطاب الديني الموجود حاليا والذي يجنح إما للتشديد والتطرف والمغالاة أو إلى تسطيح الأمور حتى توغل فكر القاعدة وتحول من تنظيم إلى حالة يتبناها الكثير من الشباب في العالم العربي كله.
و يجب أيضا أن يفتح النظام الحاكم الباب بصورة جدية للشباب في المشاركة بفاعلية وليس كمجرد ديكور في الأحزاب والجمعيات والنقابات والمظاهرات المختلفة. ولكن المجتمع المدني لن يستطيع عمل ذلك بمفرده، فلابد من تكاتف الجهات المختلفة من مؤسسات حكومية رسمية و مدنية ورجال أعمال و غيرهم.
أجرت الحوار نيللي يوسف
حقوق الطبع قنطرة 2005
دينا شحاتة تعمل باحثة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية و قامت بتدريس العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة وهى من مؤسسي جمعية نهضة المحروسة.
قنطرة
ندوة دولية عن الشباب في العالم العربي وألمانيا
لا نجد حضورا يذكر للشباب في الكثير من برامج البحوث في الشرق الأوسط وبالتالي معلومات أصحاب القرار عن أفكار وأمنيات الشباب العربي ضئيلة جدا. مؤتمر دولي في القاهرة يسعى إلى إصلاح هذا الوضع. تقرير فريدريك ريشتر
الجيل الجديد للإرهابيين جاء من منابع السخط وغياب الأمل والإحباط
أثارت الاعتداءات التي شهدتها مصر عددا من التساؤلات عن خلفية المعتدين الشباب ودوافعهم، هذه هي محاور الحوار التالي مع نبيل عبد الفتاح، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية و الإستراتيجية في القاهرة
مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف
يخشى نشطاء حقوق الإنسان في سياق التحري عن مدبري إعتداءات شرم الشيخ من إعتقالات تطال مواطنين لا علاقة لهم بالأمر، ومن التنكيل بالموقوفين المحتجزين لدى قوى الأمن. "مركز النديم" في القاهرة يقوم بتوثيق حالات التعذيب في مصر منذ تأسيسه 1993. تقرير مارتينا صبرا
www