"خطوة فاصلة على طريق مساواة المسلمين قانونيا في الحقوق الدينية"
سيدة فوروتان، ما رأيك في إعلان وزير الداخلية توماس دي ميزيير إعادة توجيه مؤتمر الإسلام؟
نايكا فوروتان: سيكون ذلك واعدا للغاية إذا ركز مؤتمر الإسلام الألماني على القضايا التي تهم المسلمين فعلا، إذ ينبغي أن تصبح الأولوية لقضايا الخدمات الاجتماعية العامة والرعاية الدينية الإسلامية في ألمانيا. وبذلك سيتضح الهدف الأولي من مؤتمر الإسلام الذي توارى عن الأنظار مع مرور الوقت، ألا وهو: مساواة المسلمين في الحقوق الدينية مع غيرهم والاعتراف بهم ككيان قانوني عام.
وبمَ يتعلق ذلك بالضبط؟
نايكا فوروتان: يتضح اتضاحا متزايدا أن المسلمين هم جزء من هذا المجتمع وليسوا مسافرين أو مهاجرين سيرحلون مرة أخرى في وقت ما. وبالتالي فالاهتمامات اليومية تصبح أكثر أهمية: كالدفن الإسلامي وإنشاء مقابر خاصة بالمسلمين ودور رعاية لكبار السن المسلمين أو الرعاية الدينية حتى في المؤسسات العامة مثل الجيش الألماني، إضافة إلى موضوعات أخرى مثل التصنيف القانوني للممارسات الإسلامية كالختان أو ذبح الحيوانات. فالمسلمون يريدون ضمانا قانونيا لتلك الأمور. ولا علاقة لهذه المسائل بالجوانب الأمنية، ولا مع الاندماج أساسا.
ألا ينبغي أن يتناول المؤتمر قضايا الاندماج إطلاقا؟
نايكا فوروتان: ينبغي أن يتم نقل قضايا الاندماج إلى خارج مؤتمر الإسلام. فهذا المنتدى أنشئ لتعزيز المساواة القانونية الدينية، ولكن تم بسرعة جدا ربط تلك الموضوعات بقضايا الاندماج. لكن مثل هذه القضايا تؤثر علينا كمجتمع بأكمله. ولذلك فإنني أدعو إلى إنشاء لجنة برلمانية خاصة، تتشاور بشأن قضايا الاندماج. فمع الأسف أدى وضع الاندماج في مؤتمر الإسلام إلى أن يثبت في العقول الربط بين "المسلمين ورفض الاندماج".
لقد قال مؤخرا وزير الداخلية توماس دي ميزيير إنه يريد أيضا تناول كل القضايا المجتمعية في مؤتمر الإسلام. من فضلك لا تفعل ذلك، دعونا نعالج هذه القضايا في البرلمان الألماني دون توجيه من وزارة الداخلية يقترن بالإسلام وبالمسلمين. فهذا يسمم صورتنا الذهنية.
مؤتمر الإسلام سيقتصر على ممثلي الجمعيات الإسلامية فقط. ألن يكون لهذه الجمعيات بذلك وزن أكبر من اللازم؟
نايكا فوروتان: الجمعيات الإسلامية تجد نفسها في مأزق في النقاش. فمن جهة كانت السياسيون منذ سنوات يتحاملون عليها ويطالبونها بوجوب التحدث بصوت واحد، رغبةً منهم في الحوار مع شريك واحد ومحدد. ولكن حين تتعاون الجمعيات بعضها مع بعض تعاونا وثيقا وتقدم نفسها على أنها شريك حوار، سرعان ما يأتي الاتهام بأنها قوية أكثر من اللازم. بالطبع حين تكون الاتحادات الإسلامية هي الممثل الوحيد للجانب المسلم في مؤتمر الإسلام فهذا يعني الإعلاء من شأن هذه الاتحادات. لكن الأمر هنا يتعلق بمسائل قانونية دينية وليس بقضايا عامة متعلقة بالعيش المشترك. ومن هنا فتفاوض ممثلي الجمعيات الإسلامية حول هذه القضايا أمر مشروع. لكني أجد أن من المهم جدا وجوب النظر إلى ممثلي الجمعيات الإسلامية على أنهم ممثلون لمصالح المسلمين وليسوا ممثلين لدين الإسلام، أي مثل السياسيين، فهم ليسوا فقهاء في الدين الإسلامي.
من المقرر عدم السماح للأفراد بالمشاركة، ألن تغيب بذلك الأصوات الناقدة داخل المؤتمر؟
نايكا فوروتان: لم يحسم الأمر بعد. وفي نهاية مارس/ آذار 2014 تريد وزارة الداخلية التشاور مع الجمعيات حول وجهة مؤتمر الإسلام في السنوات المقبلة. ولم يحسم الأمر بعد وهل ستكون هناك ربما رغبة للجمعيات في حضور أفراد إلى المؤتمر. في الماضي كان يتكرر سماع هذا الاتهام: بأي حق يمكن للشخص الفلاني أو العلاني أن يمثل مصالح طائفة دينية. بالنسبة للجنة أعتقد أنه سيكون جيدا في نقاط معينة دعوة ممثلين فرادى أو خبراء بشأن قضايا محددة. وحتى الآن كان مؤتمر الإسلام بمثابة فضاء رمزي، أما في المستقبل فسيكون لجنة لها عمل محدد.
لماذا تحتاج ألمانيا أصلا إلى مؤتمر للإسلام؟ فبعض المنتقدين يرون فيه معاملة تفضيلية للمسلمين لا تجوز.
نايكا فوروتان: مع أن الحكم في أية ديمقراطية حديثة يكون للأغلبية، إلا أنه تكون هناك أيضا حقوق للأقليات. ولكون المسلمين، بأربعة مليون نسمة، يشكلون أكبر أقلية دينية في ألمانيا، فيجب عليهم التفاوض مع الدولة حول وضعهم القانوني. وحتى الآن لم يتم منحهم اعترافا بكونهم هيئة عامة وهذا ظلم واضح. فالكنائس المسيحية والجمعيات اليهودية معترف بها كطوائف دينية. أما بخصوص المسلمين فلا يوجد سوى جمعيات قليلة لديها هذا الوضع القانوني على سبيل المثال الطائفة الأحمدية في ولاية هيسن.
ما الذي حققه مؤتمر الإسلام حتى الآن؟
نايكا فوروتان: حتى أقوى المنتقدين يعترفون بأن مؤتمر الإسلام قد أثار العديد من القضايا. لقد أثار مسألة تدريس الدين الإسلامي في ألمانيا وناقش قضايا كموضوع الرعاية الاجتماعية والرعاية الدينية الخاصة بالمسلمين وكذلك موضوع الدفن الإسلامي. وإذا كانت هناك اليوم ولايات، مثل هامبورغ وهيسن وبريمن تسير قدما في الاعتراف القانوني بالإسلام كملّة ودين، فإن الفضل في ذلك يعود أيضا إلى مؤتمر الإسلام.
حاورتها: كلاوديا مينده
ترجمة: صلاح شرارة
تحرير: على المخلافي
حقوق النشر: قنطرة 2014
الدكتورة نايكا فوروتان باحثة في علم الاجتماع في معهد العلوم الاجتماعية بجامعة هومبولت في برلين.