تدريس الإسلام بلغة الألمان...دعم مؤسساتي لاندماج المسلمين
السيدة سيلفيا لورمان، وزيرة التربية والتعليم في ولاية شمال الراين ويستفاليا، مر عام على البدء بتدريس مادة "تعليم الدين الإسلامي" في مدارس الولاية تحت رعاية وزارتكم. هل هناك تقييم أولي لهذه التجربة؟
سيلفيا لورمان: هذا العرض جاء استجابة للحراك والمبادرات التي شهدتها الولاية بخصوص سياسة الاندماج والمشاريع التي تم إطلاقها في هذا الإطار. فقد تم عام 2011 إبلاغ الحكومة الألمانية برغبتنا في اتخاذ مبادرة تكون بمثابة مؤشر على المساواة والاعتراف بالقيم الإنسانية للمواطنين من أصول مهاجرة، وإتاحة الفرصة للتلاميذ المسلمين لتعلم دينهم في المدارس الألمانية كما هو الحال بالنسبة للمسيحيين واليهود.
ولتحقيق ذلك كان من الواجب إيجاد شركاء يمثلون المسلمين الألمان لدى المؤسسات الحكومية. ففي السابق كان هذا مشكلا ظل مطروحا لعدة سنوات. وأنا سعيدة بأننا الآن نتعامل مع مجلس تنسيق مسلمي ألمانيا كشريك مؤقت يتولى مسؤولية الإجابة على الأسئلة الدينية، كما تقوم بذلك الكنيسة بخصوص تدريس المسيحية في المدارس الحكومية.
فإيجاد شريك إسلامي كان خطوة هامة بالنسبة للبرلمان والحكومة. وفيما يخص التصور العام للدروس والمحتوى والشكل فهو موكول للشريك الذي يمثل المسلمين ويحظى بدعمنا. ورغم أن المجموعات المستفيدة لا تزال صغيرة، إلا أنني سعيدة نظرا للإعجاب الذي يبديه التلاميذ، فافتخارهم بتلقي دروس الإسلام باللغة الألمانية يمنحهم القوة.
كما أن تلك الدروس تعطيهم أيضا إمكانية حمل المعارف التي يتلقونها إلي آبائهم. فهذا يمنح العائلات المسلمة قدرة الحديث مع الجيران الألمان حول الدين الإسلامي باللغة الألمانية. وعلى ضوء هذه المعطيات فإن هدف الاعتراف بالمسلمين تم تحقيقه وأنا سعيدة جدا بذلك.
في صفوف المسلمين توجد مذاهب وتيارات دينية مختلفة، ما هو الإسلام المعياري النموذجي الذي تدرّسونه؟
هذا التنوع والاختلاف المذهبي يوجد أيضا لدى المسيحيين. شركاؤنا في ولاية شمال الراين وستفاليا هي الجمعيات الإسلامية المنضوية تحت مجلس تنسيق مسلمي ألمانيا الذي يضم الاتحادات الإسلامية الرئيسية الأربعة في ألمانيا وهي: الاتحاد التركي الإسلامي (ديتيب) ، والمجلس الإسلامي، ورابطة المراكز الثقافية الإسلامية (VIKZ) والمجلس المركزي للمسلمين. حيث وقعوا تصريحا بالموافقة على التعاون معنا ويعملون باستقلالية وبتشاور مع الجمعيات الإسلامية. فاختيار نموذج الإسلام الذي يُدرس في المدارس لا أحدده أنا، بل يتم في إطار التشاور مع الشركاء الممثلين للمسلمين.
أغلب التلاميذ المسلمين لهم أصول مهاجرة. ما هي الصعوبات التي تلاحظ في صفوف هذا الصنف؟
تخصيص مجموعة معينة بملاحظات معينة كصعوبات نمطية لا ينصف التعددية الثقافية والإنسانية للتلاميذ. من هنا لا يمكن الحديث عن صنف التلاميذ المهاجرين. وفعل ذلك سيكون خطأ كبير.
مؤخرا تم نشر نتائج دراسة أنجزت على المستوى الاتحادي وأظهرت أن التلاميذ المسلمين يشعرون بالتمييز ضدهم. لكننا نعرف بأن النجاح في المدرسة يرتبط بالمستوى الاجتماعي للتلميذ. فالأمر يتوقف على الجانب الاجتماعي وليس على البلد الأصلي للآباء وهل هو من تركيا أو المغرب أو يوغوسلافيا سابقاً.
طبعاً هناك تلاميذ يحصلون على معدلات ضعيفة، لكن هناك تلاميذ من أصول مهاجرة يحصلون على شهادة البكالوريا بميزة ممتاز وهناك آخرون يحضرون رسالة الدكتوراه، لهذا أرجوا عدم التعميم. مهمتنا واضحة وتتجلى في العمل على منح نفس الفرص للتلاميذ المتفوقين بغض النظر عن أصولهم وانتمائهم الطبقي.
الطريق إلى النجاح في المدرسة يبدأ بإتقان اللغة الألمانية. لكن هناك عائلات لا تتحدث اللغة الألمانية مع الأبناء في البيت وهو ما يعتبره البعض ظاهرة غير صحية. ما رأيك؟
بالطبع يجب على التلاميذ والشباب تعلم اللغة الألمانية ويجب أن يتحدثوها بطلاقة، فاللغة الألمانية هي بمثابة تأشيرة الدخول إلى باقي المجالات. لكن في المقابل لا يجب عليهم التخلي عن اللغة الأم لعائلاتهم. ما نسعى إليه هو دعم قدرات التلاميذ. فالتلميذ الذي يتحدث سلفاً لغةً ما فهذا بمثابة امتياز، خصوصاً في زمن العولمة.
لكننا نسعى لمعرفة نقاط الضعف في مراحل ما قبل المدرسة الابتدائية، وهي عموماً مشاكل مطروحة في العائلات الألمانية أيضا، وهذا يرجعنا من جديد إلى الحديث عن العامل الاجتماعي.
في حال ضعف اللغة الألمانية للآباء مقابل إتقانهم لغتهم الأم، يتحتم عليهم الحديث مع الأبناء باللغة التي يتقنونها بشكل جيد. فالطفل الذي تعلم اللغة الأولى بشكل جيد تكون لديه قابلية لإتقان اللغة الثانية، ولا يجب قلب الأمور.
العديد يتعلمون اللغة الألمانية في المدرسة كلغة أم. ألا ترين بأنه يجب على المدرسين أخذ المميزات الثقافية للتلاميذ بعين الاعتبار أثناء تلقينهم قواعد اللغة الألمانية. فالمنهجية التي ستفيد التلميذ ذا الأصول التركية ربما لن تفيد تلميذا من أصول عربية؟
هذا صحيح. في الجامعة توجد مادة اللغة الألمانية كلغة أجنبية موجهة للطلبة الذين اختاروا شعبة التدريس في المدارس، ولا يقتصر ذلك على مدرسي اللغة الألمانية في المستقبل بل يشمل مدرسي المواد الأخرى، التي يتم تدريسها باللغة الألمانية كذلك. فمادة الإسلام في المدرسة تدرس باللغة الألمانية، وهذا يساهم في تحسين مستوى التلاميذ في اللغة الألمانية. كما تتيح العديد من المدارس الابتدائية أمام الأمهات فرصة تحسين مستواهن في اللغة الألمانية. هدفنا هو تحقيق أجواء ملائمة لكل الناس الذين يعيشون هنا.
السياسية التعليمية مرتبطة بالسياسة العامة. ألا ترين بأن المشاركة السياسية للألمان ذوي الأصول المهاجرة في العمل السياسي سيساهم على حل العديد من المشاكل، لأنهم أدرى بأمورهم؟
في العام الماضي صادقنا في ولايتنا على قانون يحث على تقدير واحترام اللغات الأصلية للألمان من أصول مهاجرة وللمهاجرين. ومن بين الأمور التي تطرقنا إليها في ذلك القانون مسألة المشاركة السياسية. نحن نريد أن يشارك كل الناس الذين يعيشون هنا، بغض النظر عن أصولهم، في تدبير الشأن السياسي سواء على مستوى التعليم أو البلديات، لكن للأسف، فالعديد من الأسئلة لا تزال معلقة.
أنا مع حق مشاركة المهاجرين في الانتخابات البلدية، إذ ليس معقولا فتح ذلك المجال أمام مواطنين أوروبيين يعيشون هنا وإغلاقه أمام مواطن من أصل تركي يعيش هنا منذ سنوات طويلة. فهذا لا يتناسب مع ما راكمناه في مجال الاندماج. ونفس الشيء يشمل الجنسية المزدوجة. فالعديد من المسائل القانونية تتطلب منا إيجاد حلول لها وهو ما يجب أن نقوم به سوية.
هل هناك إجراءات إضافية لدعم المشاركة السياسية للألمان من أصول مهاجرة؟
المدرسة تساعد على تنمية الجانب السياسي لدى التلاميذ ولدينا في الولاية برلمان الطفل وبرلمان الشباب وهناك منح لدعم الشباب من أصول مهاجرة للدخول إلى المنظمات الشبابية للأحزاب السياسية وهذا ما يفعلونه.
حاورها: عبد الرحمان عمار
تحرير: عبد الرحمن عثمان
حقوق النشر: قنطرة 2013
سيلفيا لورمان (من حزب الخُضر الألماني) هي وزيرة التربية والتعليم في ولاية شمال الراين ويستفاليا الألمانية.