من جار منبوذ إلى جار منشود
كان من بين اهم النتائج التي اسفرت عنها زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب ارضوغان الى بغداد في شهر تموز يوليو الماضي، التوقيع على اتفاقية فريدة من نوعها هي اتفاقية تشكيل مجلس اعلى للتعاون الاستراتيجي، و عندما سئل مستشار ارضوغان للسياسة الخارجية أحمد داود اوغلو عن معنى وفحوى هذه الاتفاقية اجاب قائلا: "يكفي أن تعرفوا ان هذا النوع من الاتفاقيات قليل ونادر ويتطلب قدرا عاليا من الثقة والتعاون ، إنها أشبه بتلك الاتفاقية التي وقعت بين فرنسا وألمانيا وأسست لقيام السوق الاوروبية المشتركة ومن ثم ولادة الاتحاد الأوروبي.
وفي الواقع تنظر تركيا اليوم الى العراق على انه اهم شريك اقتصادي لها في المنطقة، بل هو البوابة الاقتصادية لها على دول الخليج العربي، كما أن الطموح التركي في الشراكة مع العرب يبلغ حتى الحلم بتشكيل مجموعة اشبه بالاتحاد الاوروبي في الشرق الاوسط . لكن إلى أي درجة تتفق هذه الاحلام التركية مع واقع النظرة العربية الى تركيا ؟
قد بكمن الجواب في سؤال احد سائقي التاكسي في الاردن لي عندما علم انني اقيم في تركيا: هل في تركيا مسلمين؟ و إلى متى سيبقون متحالفين مع اسرائيل ضد العرب ؟ ذهل سائق التاكسي عندما أجبته بأن 90 % من الشعب التركي مسلم و أن علاقة تركيا مع اسرائيل تغيرت وأن تركيا تنظر الان الى العرب كشريك مهم في المنطقة .
العلمانية الغربية والتحالف مع إسرائيل
إن الصورة التي ماتزال مطبوعة في ذهن المواطن العربي البسيط عن تركيا يمكن اختصارها في رمزين: العلمانية الغربية والتحالف مع إسرائيل. وذلك لان كثيرا من العرب لا يدركون معنى العلمانية بشكل صحيح، وأغلبهم يعتقد أن العلمانية هي الالحاد والابتعاد عن الدين ومحاربة رموزه، و النظام العلماني التركي الذي يصر على منع ارتداء الحجاب في الجامعات يساعد على ترسيخ هذه الصورة الخاطئة لدى المواطن العربي عن العلمانية.
ولذلك يعتبر كثير من العرب تركيا جزءا من الغرب أو على الأقل معلقة بين الشرق والغرب، لكنها بأي حال من الاحوال ليست جزءا من العالم الشرقي الاسلامي . أما موضوع التحالف مع اسرائيل فأن كون تركيا اول دولة اسلامية تعترف بقيام دولة إسرائيل، والاتفاقيات العسكرية، التي وقعتها انقرة مع تل ابيب عام 1996 والتي روجت إعلاميا على أنها بداية تحالف امريكي تركي اسرائيلي في المنطقة، ما تزال مهيمنة على صورة تركيا في عقول البسطاء العرب عن حلفاء تركيا في المنطقة و سياساتها الخارجية . لذا فإن غالبية العرب تتعاطف مع الاحزاب الاسلامية التركية التي ترى فيها حنينا الى الماضي حيث المشترك الثقافي والديني والتاريخي، فالأتراك الإسلاميون هم الاتراك، الذين يريد لهم العرب أن يحكموا تركيا، لأنهم هم الذين يعبرون عن تركيا التي يريدها العربي في خياله وذهنه.
تركيا الشرقية الإسلامية التي تشاركه قضاياه السياسية وتقف إلى جانبه وليس إلى جانب إسرائيل أو أمريكا، وعليه فإن العرب دائما ما كانوا يساندون و لو بقلوبهم و عواطفهم الاحزاب الاسلامية التي تدخل في صراع مع الجيش او القوى العلمانية، إذ إن هذه القوى العلمانية هي التي تجسد في ذهن المواطن العربي صورة تركيا التي لا يحبها، تلك التي يعتبرها مصطنعة ودخيلة على المنطقة وحليفة للغرب وإسرائيل.
نقطة تحول مهمة قبيل حرب العراق 2003
أن قرار البرلمان التركي في الاول من مارس عام 2003 الذي رفض التعاون مع القوات الأمريكية في غزو العراق كان بمثابة نقطة التحول التاريخية في صورة تركيا لدى العالم العربي . فلأول مرة تظهر تركيا خارج الاطار الغربي الاطلسي الأمريكي، الذي رسمته تركيا لنفسها في عقول العرب، إن ذلك الموقف التركي لقي استحسانا و تجاوبا كبيرين مع الشارع العربي، خصوصا و أن هذا الشارع قارن بين الموقف التركي من الحرب على العراق ومواقف معظم الدول العربية التي تواطأت في صمت مع امريكا في حربها تلك من خلال تقديم قواعد عسكرية ودعم لوجستي و استخباراتي.
وذلك رغم أن تركيا كانت بحاجة الى الدعم الامريكي لاقتصادها المنهار، واذكر عددا كثيرا من المقالات في الصحف العربية، التي صدرت في ذلك الوقت تشيد بالموقف التركي وتقول: "دعونا نتعلم من تركيا كيف نقول لامريكا لا" . ولا عجب أن صدور هذا القرار التركي عن برلمان يسيطر عليه حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الاسلامية جعل الشارع العربي يستبشر بظهور تركيا جديدة على الساحة اقرب اليه والى قضاياه، وزاد من هذا التحول تصريحات رئيس الوزراء رجب طيب ارضوغان القاسية بحق عمليات الجيش الامريكي في العراق واغتيال إسرائيل للشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس، حيث اعتبر ارضوغان العملية ارهاب دولة، فيما التزمت القيادات العربية الصمت حيال اغتيال ذلك الرجل المقعد.
دمشق تجني اليوم ثمار علاقة تركيا بإسرائيل
كما أن إصرار تركيا على ضرورة اعطاء فرصة لحماس لتحكم في الاراضي الفلسطينية بعد فوزها في الانتخابات الفلسطينية واستقبال تركيا لرئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل في أنقرة رغم الضغوط الامريكية والإسرائيلية، وإرسال هيئة تركية لتفقد المسجد الاقصى والإنفاق الإسرائيلية التي تحفر أسفله، كلها تصرفات و سياسات زادت من جرعة الثقة العربية في السياسات التركية خلال السنوات الست الماضية فيما يتعلق بعلاقة تركيا بإسرائيل، حتى أن هذه العلاقة التي كان العرب ينتقدونها، تحولت إلى عنصر مهم و و ايجابي في دعم مفاوضات السلام العربية الإسرائيلية، و أهم مثال على ذلك هو ما يحدث من مفاوضات سرية و غير مباشرة بين سورية وإسرائيل برعاية تركية، اذ أن سورية كانت أكثر دول المنطقة انتقادا للعلاقات التركية الاسرائيلية المتميزة، لكن دمشق هي التي تجني اليوم ثمار هذه العلاقة التي طالما انتقدتها.
كما أن كان المواطن العربي ما يزال يعتقد أن كل هذا التغيير في المواقف التركية نابع من وصول حزب العدالة و التنمية الى السلطة و أن الامر لو ترك للعسكر و حزب أخر لما اقدمت تركيا على تلك الخطوات، و هو ما يجعل الشك لدى العرب موجودا دائما باستمرار وثبوت هذا التوجه الجديد في السياسة الخارجية التركية، لان العرب يربطون كل هذا التغيير باستمرار وجود ارضوغان و رفاقه في الحكم و يعلمون أن في تركيا قوى تسعى دائما لازاحتهم عن السلطة، كما حدث سابقا مع الزعيم الاسلامي نجم الدين اربكان، زعيم حزب الرفاه التركي، الذي اسقط الجيش حكومته وحظرت المحكمة الدستورية حزبه ومنعته من ممارسة السياسة.
رب ضارة نافعة ( مصائب قوم عند قوم فوائد !! )
وعلى الصعيد السياسي البحت، فإن تحسن العلاقات التركية السورية بعد حل قضية عبدالله اوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني الانفصالي والذي كان مختبئا في دمشق يدير ويخطط هجمات حزبه من هناك ضد الجيش والأمن التركي، هذا التحسن في العلاقات بين البلدين مهد الطريق لتركيا من أجل تحسين علاقاتها السياسية مع بقية الدول العربية وداخل الجامعة العربية، حيث أن الفيتو السوري كان موجودا دائما سابقا داخل الجامعة ضد اي مشروع او اقتراح تطوير للعلاقات العربية التركية بحجة استمرار الخلافات السورية التركية حول تقاسم مياه نهري دجلة والفرات .
في المقابل فإن اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر ايلول عام 2001 الذي تبنته منظمة القاعدة الإرهابية، واحتلال أمريكا للعراق، خدما تركيا وساعدا على تقارب العلاقات العربية التركية بطريقه تتميز بمفارقة كبيرة. فانتشار التطرف الإسلاموي والعنف الإسلاموي جعل واشنطن تبحث عن نموذج اسلامي مقبول يكون قدوة للمسلمين من أجل تخليهم عن العنف.
هنا بدى حزب العدالة و التنمية، الذي ولد من رحم حزب اسلامي هو حزب الفضيله هو ما تبحث عنه واشنطن، إذ أن الحزب استطاع ان يطور لغته السياسية بشكل يبعدها عن الطرح الاسلامي المباشر. واستطاع أن يطرح نفسه كحزب يميني محافظ داخل تركيا العلمانية، لكنه في عيون المسلمين والعرب يعتبر حزبا اسلاميا معتدلا. كما حصل حزب العدالة والتمنية على دعم واشنطن من خلال مشروع الشرق الاوسط الكبير المزعوم، والذي من خلاله دفعت واشنطن حلفاءها الدول الغنية الخليجية للاستثمار وبشكل كبير في تركيا من أجل دعم الاقتصاد التركي، وهذا ساعد على التقارب مجددا بين تركيا ودول الخليج التي كانت تنظر بشك وريبة إلى النظام التركي العلماني، و خصوصا المملكة العربية السعودية.
أما الحرب الأمريكية لاحتلال العراق فقد قبلت موازين المنطقة سياسيا وعسكريا ، فإنهار العراق الذي كان يشكل اكبر رادع وعامل توازن عربي مقابل إيران، و زاد النفوذ الايراني في العراق و المنطقة، وانشق الصف العربي، الذي كان قائما على المثلث العربي الاقوى السعودية – سوريا – مصر مع خروج سورية من هذا المثلث و انضمامها الى إيران . و بدى أن فراغا سياسيا بدأ يظهر في منطقة الشرق الاوسط مع تراجع القوى العربية وتوسع النفوذ الإيراني . فبدأت الانظار العربية تتجه صوب تركيا كحليف جديد لها ضد إيران، خصوصا وأن المملكة العربية السعودية، التي نظرت الى الامر على انه خلاف طائفي وليس سياسي، بين إيران الشيعية والدول العربية السنية، اعتقدت ان الشعب التركي المسلم السني وبجيشه القوى يستطيع أن يلعب الدور، الذي كان يلعبه العراق في صد النفوذ الايراني عن المنطقة العربية. فزاد التقارب العربي الرسمي مع تركيا لدرجة ان الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز زار تركيا مرتين رسميا خلال 14 شهرا، و لم يكن بعادة الملوك السعوديين أن يزوروا تركيا أبدا.
لكن تركيا رفضت العرض السعودي بلطف بأن تكون زعيمة العالم السني الإسلامي، وأكدت أنها دولة علمانية النظام وأنها ضد هذا الاستقطاب المذهبي والطائفي وأنها تؤيد الحوار مع طهران . لكن تركيا في نفس الوقت استثمرت هذه الحاجة العربية الرسمية اليها من خلال توقيع المزيد من الاتفاقيات اتجارية والاقتصادية مع العالم العربي من خليجه شرقا الى مغربه غربا .
كما أن الإستراتيجية التي وضعها حزب العدالة و التنمية التركي القائمة على رفض سياسة المحاور والتحالفات والبقاء على الحياد والتدخل من أجل التوسط في مختلف ملفات المنطقة، جعل من تركيا دولة موثوقة من جميع الاطراف العربية وغير العربية في المنطقة .فبدأنا نرى اصباع او يدا تركيا في مختلف القضايا العربية، بدأ من الصراع العربي الإسرائيلي، مرورا بملف دارفور السوداني، و الملف اللبناني وحتى الملف النووي الإيراني. و هذا عامل مهم في تغيير الصورة النمطية في عقلية المواطن العربي عن تركيا.
الدراما في خدمة التقارب الشعبي
و على المستوى الشعبي والفني فإن تجربة دبلجة المسلسلات الدرامية والعاطفية التركية إلى اللغة العربية كانت ناجحة بشكل قوى فاق كل التوقعات، ودخلت تركيا إلى بيوت كل العرب عبر مسلسلين اثنين هما "نور" و "سنوات الضياع"، اللذان عرضا على قنواة "ام بي سي" السعودية عام 2007. فبدأ المواطن العربي يتعرف عن قرب اكثر على العادات والتقاليد التركية، والثقافة التركية، ولا بد أن سر نجاح ورواج المستقبل يكمن في ان الشارع العربي ورغم انتقاده للتجربة العلمانية التركية، الا انه ابدى تعطشا لجرعة الحرية التي يوفرها هذا النظام العلماني فخصوصا فيما يتعلق بعلاقة الرجل بالمرأة.
ولا عجب أن المعترضين على عرض هذه المسلسلات كانوا فقط المتطرفين الاسلاميين، الذين اعتبروا ان جرعة الحرية في هذه المسلسلات التي تتحدث عن حق المرأة في أن تحب وتعشق مثل الرجال، جرعة زائدة عن الحد قد تخرج الشارع العربي المسلم عن السيطرة ليطالب بالمزيد من الحريات. و لا عجب أيضا ان عدد السياح العرب الذين قدموا لزياة تركيا هذا الصيف زاد حتى الان عن ثلاثة اضعاف عدد الذين زاروا تركيا من العرب العام الماضي، بل إن تركيا تحولت الى هوليوود الشرق الأوسط لتصوير الفيديو كليب العربي للمطربين العرب، الذين يريدون ان يتميزوا عن بقية رفاقهم الذين يصورون اغانيهم في العالم العربي.
العالم العربي ما يزال يفتخر ببدايات الحكم العثماني الذي امتد حوالي خمس قرون، ولا يذكر السلطان محمد الفاتح الا بكل فخر واعتزاز في دول العالم العربي والإسلامي، لكن في نفس الوقت، فإن حقبة المائة سنة الاخيرة من حكم العثمانيين، التي تميزت بسيطرة الجيش وجمعية الاتحاد والترقي التركية المتطرفة، تركت جراحا كبيرة يصعب نسيانها لدى الشعوب العربية، فما تزال صورة جمال باشا المعروف في سورية بجمال باشا السفاح قائمة في مخيلة المواطن العربي، الذي ورث قصصا مروعة عن أجداده، الذين عانوا منسياسات جمعية الاتحاد و الترقي العنصرية ومن مجازر قياداتها بحق القيادات العربية وسياسات التجنيد الإجباري القصري الغير محدود بزمن خلال فترة ما عرف بـ"سفربرلك"، التي حاول خلالها متطرفو جمعية الاتحاد والترقي احتلال روسيا و ورطوا الدولة العثمانية في دخول الحرب العالمية الأولى، التي لم يكن للعرب فيها اي مصلحة، و هي تلك الحقبة، التي ظهرت فيها النزعة القومية التركية الطورانية والتي وصلت عند جمعية الاتحاد والترقي الى مرتبة الفصل العنصري والاستعلاء على بقية القوميات داخل الدولة العثمانية، التي طالما وحد ابناءها الاسلام دون تفرقة.
وعبرت الدراما العربية ايضا عن تلك الحقبة من خلال المسلسل السوري "اخوة التراب"، الذي أثار احتجاج الحكومة التركية عام 2001 عند عرضه في القنوات العربية، حينها كانت العلاقات السورية التركية متأثرة بأزمة عبدالله اوجلان ولم تتجاوز خلافاتها بعد . لكن المهم انه مازالت هذه الصورة النمطية المخيفة للاتراك قابعة وباقية في زاوية ما داخل المخيلة العربية، تتجسد و تخرج الى الواقع مع كل انقلاب عسكري يحدث في تركيا ومع كل تدخل تقوم به القوى العلمانية التركية لمنع الحجاب في الجامعات أو الإطاحة بحزب إسلامي حاكم داخل تركيا.
تركيا كنموذج لتطور العالم العربي
لكن هذه الصورة تتبدد مع ثبات واستقرار حزب العدالة والتنمية في الحكم بسبب سياساته الاقرب الى قلوب العالم العربي، لكن ليس الاسلام فقط هو ما يجمع بين هذه العواطف التركية والعربية، بل وجود توجه تركي سياسي للاهتمام بقضايا العالم العربي والوقوف معهم في نفس الصف وليس في الصف المقابل، وهذا ما يوفره حزب العدالة والتنمية، لتبدو معه تركيا اكثر انسجاما مع محيطها العربي. كما أن النهضة الصناعية والتجارية التي تنعم بها تركيا – رغم مشاكل اقتصادها المزمنة – هي مثار اعجاب وتقدير لدى الأوساط الاقتصادية العربية، التي بدأت تستثمر في تركيا وتتجار معها.
والعجيب أنه بمحصله كل هذه العوامل جميعها، و مع تراجع الدور العربي الفاعل والمؤثر في المنطقة، فإن شعورا يزداد انتشارا داخل الاوساط الشعبية العربية بأن العالم العربي يحتاج من جديد لدعم تركيا له ووقوف الشعب التركي من جديد الى جانبه ورعاية مصالحه . فحتى التجربة التركية مع الاتحاد الأوروبي، التي كانت مثار سخرية من جانب العالم العربي الذي لا يصدق ان الاتحاد الاوروبي سيسمح لدولة مثل تركيا بالانضمام الى عضويته، وواظب على لوم تركيا بسبب مساعيها للعضوية في الاتحاد الأوروبي، حتى هذا الموقف العربي تبدد بعد أن رأى آثار الإصلاحات السياسية والاقتصادية الأوروبية، التي طبقتها تركيا خلال السنوات العشر الماضية، مما جعل كثيرين من العرب يدعمون فكرة تشكيل وحدة او شراكة بين طرفي البحر المتوسط بين العرب والأوروبيين لعلهم يستفيدون كما استفادت تركيا.
والحاصل أن العرب ممتنون من مساع تركيا لاكتشاف العالم العربي من جديد، ولا يبدو أن العرب سينزعجون من فكرة عودة اتحاد ولو معنوي بينهم وبين تركيا على غرار العلاقة العثمانية القديمة، بشرط أن يتولى العثمانيون الجدد الممثلين بحزب العدالة والتنمية رعاية هذه العلاقة وليس العلمانيون من احفاد جمعية الاتحاد والترقي، وعلى أساس أن يكون الهدف من هذه الوحدة المعنوية انتشال العالم العربي من تخلفه السياسي ودعم الديمقراطيات فيه وتجاوز الأزمات السياسية، من أجل شرق اوسطي أكثر استقرارا وتقدما.
يوسـف الشـريف ـ أنقرة
قنطرة 2008
يوسف الشريف من مواليد دمشق عام 1973 ويعيش منذ أكثر من 15 عاما في تركيا. ويعمل مديرا لمكتب قناة الجزيرة في تركيا ويكتب مقالات لصحيفة الحياة اللندنية، حيث تركز كتاباته بشكل كبير على العلاقة بين تركيا ودول الجوار.
قنطرة
علاقات تركيا بالعالم العربي:
تركيا كنموذج للشرق الأوسط؟
مع استلام إردوغان رئاسة الوزراء في تركيا تغير موقف العرب من السياسة التركية التي طالما جوبهت بالإهمال في الماضي. فالكثير من دعاة الإصلاح العرب يرون الآن في النموذج التركي الجديد مثالا يمكن أن تحتذي به دول المنطقة كلها. راينر هيرمان يكشف سر هذا التحول.
محمد نور الدين:
قوس العلاقات المتعرج
ماذا يعني التوجه التركي الجديد نحو العالمين العربي والإسلامي في نفس الوقت الذي تسعى فيه للحصول على عضوية الإتحاد الأوروبي؟ في هذه المقالة يوضح محمد نورالدين كيف يمكن لتركيا أن تكون أداة ايجابية في تظوير علاقة العالم الإسلامي بأوروبا والولايات المتحدة.
الإسلاميون العرب والنموذج التركي:
هل من تأثيرات محتملة؟
هل ستبقى تجربة حزب العدالة والتنمية محصورة داخل الحدود التركية بحكم كونها نتاج أوضاع غير قابلة للتكرار أم أنها رغم خصوصيتها ستؤثر في الفكر السياسي لعدد من الحركات الإسلامية العربية ذات التوجه الإصلاحي؟ تحليل صلاح الدين الجورشي