"اليوم العالمي للفلسفة" في بلد يحارب التفكير والتنوير
لا يمكن أن يكون الأمر أكثر سخافة من ذلك: فإيران بالتحديد حصلت على موافقة اليونسكو لإقامة ملتقى دولي بمناسبة "اليوم العالمي للفلسفة" في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2010. إيران بالذات، ذلك البلد الذي يعاقب في الوقت الحالي على كل أشكال التفكير، البلد الذي أكد فيه مرشد الثورة علي خامنئي مؤخراً أن الفلسفة تمثل خطراً، معلناً أنه سيتم مستقبلاً حذف كل أعمال الفلسفة الغربية من المقررات الجامعية في إطار ثورة ثقافية واسعة النطاق.
سيقام المنتدى في البلد، الذي اضطر فيه سعيد هاجاريان - الذي أصابه النظام بإعاقة جسيمة إثر محاولة اعتقال فاشلة- في محاكمة صورية العام الماضي إلى الاعتذار لأنه قرأ مع طلابه مؤلفات في الفلسفة الغربية. في البلد، الذي يتهم أحد فلاسفته بالتخطيط للثورة المخملية وبإغواء الشباب الإيراني. ولكن: إغواؤهم لأي شيء؟ للتفكير!
معاداة فلسفة الغرب
لن يُسمح لأي منهم بالحديث في الملتقى العالم بمناسبة "اليوم العالمي للفلسفة": محمد شبستري، المتخصص في فلسفة هانس-جورج غادامر (1990-2002) والنمساوي لودفيش فيتغنشتاين (1889-1951)، والذي أُجبر على التقاعد. ومحسن كاديفار، الذي يقيم حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية وأعلنه النظام الإيراني مهرطقاً، لا يستطيع العودة إلى وطنه إيران.
وعبد الكريم سروش يجب عليه هو الآخر أن يخشى على حياته في إيرن، ورامین جهانبگلو سيعرف مجدداً ربما ماذا يعني الحبس الانفرادي في سجن إيفن، إذا عاد إلى إيران. ففي اعتقاله للمرة الأولى عام 2006 أُتهم بالتخابر مع فلاسفة غربيين، فقد دعا يورغن هابرماس وريتشارد روتري وأنطونيو نيغري لزيارة إيران.
ومن المقرر أن يتحدث بدلاً عن أشهر الفلاسفة الإيرانيين في "اليوم العالم للفلسفة" غلام علي حداد عادل، الذي يقوم أيضاً بمهمة الإعداد للملتقى. وعلى الرغم من أن حداد عادل يعد أحد المتخصصين في أعمال الفيلسوف التنويري الألماني إيمانويل كانت. لكن يبدو أن أعمال كانت السياسية لم تؤثر فيه شيئاً، أو أن الأمر الأكثر تأثيراً في موقفه السياسي الشخصي يتمثل في أن ابنته متزوجة من ابن خامنئي.
لم تنط بحداد عادل شرف مهمة إقامة "اليوم العالمي للفلسفة"، بل تم اختياره أيضاً للقيام بالثورة الثقافية الجديدة المذكورة. وبعد كل هذا: هل يوجد شخص ما زال يرى في أن إيران يمكن أن تكون البلد الصحيح لإقامة الملتقى الدولي بمناسبة "اليوم العالمي للفلسفة"؟
تضامن محدود مع الفلاسفة الملاحقين
الصحفي الإيراني أحمد زيد آبادي، الذي زج به مجدداً في السجن بعد احتجاجات صيف 2009، وضع على صفحته في موقع فيسبوك مقالة الفيلسوف الألماني أوتفريد هوفه المنشورة في صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ والتي يوضح فيها سبب عدم مشاركته في هذا الملتقى. وفي الملخص المنشور باللغة الانجليزية لهذا التعليل يعبر زيد آبادي عن شكره للتضامن الذي يظهره هوفه في مقاله.
ألا تريد منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" أن تتضامن؟ على سبيل المثال مع الطلبة، الذين صاحوا بعضو البرلمان الإيراني وأستاذ الفلسفة حداد عادل قائلين: "اخجل من نفسك، اخجل من نفسك، يا من تعارض الشعب!"، وتم تهديدهم برميهم في سجن كاهريزاك السيئ السمعة؟
مخاطر الفلسفة
قدمت جملة من الفلاسفة والمثقفين تضامنهم، ومن بينهم يورغن هابرماس وشيلا بن حبيب. أما رامین جهانبگلو فقد وجه بمشاركة منظمة Reset Dialogues on Civilizations رسالة احتجاج إلى منظمة اليونسكو. وأشار في رسالته إلى أنهم سيعقدون بمشاركة مثقفين إيرانيين آخرين، يعيشون في المنفى بسبب معارضتهم للنظام، مؤتمراً صحفياً الأسبوع المقبل في نيويورك من أجل التساؤل مرة أخرى، فيما إذا كان هناك أسخف من إقامة مؤتمر اليونسكو في طهران؟
لكن في هذه الأثناء أوضح خامنئي: أن الفلسفة تمثل خطراً، إن لم يكن على إيران فعليه وعلى نظامه. إن الفلسفة، سواء كانت غربية أم فلسفة التصوف الإسلامي بشكل خاص تلقى في يومنا هذا رواجاً كبيراً لدى الشباب الإيراني، إذ تحيى كشكل من أشكال المعارضة للايدولوجيا السياسية والتعصب الديني للنظام.
كما أن طهران ما زالت تعد اليوم مكاناً تُقرأ فيه أعمال هابرماس والمنظرة السياسية والباحثة اليهودية من أصل ألماني حنة آرندت (1906-1975). لكن سيكون في عدد الفلاسفة في سجن إيفن أكبر من عددهم في تشرين الثاني/ نوفمبر على منصات النظام.
كاتايون آميربور
ترجمة: عماد مبارك غانم
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2010
كاتايون آميربور: أستاذة العلوم الإسلامية في جامعة زيوريخ
قنطرة
الفلسفة في إيران:
بين كارل بوبر والحكمة الشرقية
يرتبط الفكر الفلسفي في إيران ومنذ عهد بعيد بالمدارس الفلسفية الغربية، وفي الآن نفسه ينكب على دراسة تراثه الفلسفي الخاص. ألسندرو توبا، المتخصص في الثقافة الإيرانية يسلط الضوء على اتجاهات الفكر الإيراني المعاصر.
حوار مع الشاعر الإيراني سعيد:
"حميت تديُّني من جمهورية إيران الإسلامية"
يعيش الشاعر الإيراني سعيد في ألمانيا منذ عام 1965، كما أنَّه وجد في اللغة الألمانية وطنه الجديد. وفي كتابه الجديد الذي صدر تحت عنوان "هذه الأرض المحرَّمة لنا"، يقوم الشاعر سعيد بإدخال الشرق والغرب في حديث حول جذورهما المشتركة ومشاهير من يتخطون الحدود بين الثقافات وحول الأمل في تقارب مليء بالاحترام. إيرين كوفرجين أجرت معه الحوار التالي.
محمد مجتهد شبستري:
الإيمان والعقل والحرية
هل يمكن أن توجد حقوق إنسان إسلامية؟ وهل أحكام القرآن صالحة لكل زمان أم نها قابلة للتغيير وفقا لاجتهادات العقل؟ تلك هي أسئلة الفكر الإسلامي الحديث التي تحتل صدارة اهتمامات العالم الإيراني محمد شبستري.