تخليد ذكريات مهاجرين عاشوا حياة جديدة في ألمانيا
مستودع جمعية دوميد -التي تتخذ من مدينة كولونيا الألمانية مقرا لها- توجد فيه مجموعة من الصور كبيرة الحجم للمصور غوناي أوتوتونتشوك والتي يظهر فيها رجال ونساء وأطفال تختلف أعمارهم بكل وضوح. وبكل وضوح أيضا يمكن رؤية الفوارق جليا بين مظهر هؤلاء الأشخاص المصورين في الماضي ومظهر أغلبية المواطنين في ألمانيا اليوم. ويوضح المؤرخ الشاب روبرت فوكس، المرشد الذي يرافق عدة مرات في الشهر مجموعات زوار جمعية دوميد لتعريفهم بأقسام المستودع ومحتوياتها، قائلا: " تقوم المدارس بشكل خاص بإعارة المعروضات المستودَعة هنا عن طيب خاطر، فهذه المعروضات هي شهادات حية جدا، توضح مسارات اندماج السكان من أصل أجنبي داخل المجتمع الألماني".
بين مغادرة الوطن والوصول إلى بلد المهجر
عندما قام مهاجرون أتراك عام 1990 بتأسيس جمعية دوميد، سعوا بداية إلى جمع أشياء تذكارية، بينها حقائب وتذاكر سفر وأجهزة راديو وصحف وصور وغير ذلك من الأشياء. وتتحدث تلك القطع التذكارية في مضمونها عن مغادرة الوطن باتجاه الخارج وعن الوصول إلى عالم غريب أو عن الحياة في ألمانيا. ويلاحظ فوكس أن المهاجرين أرادوا في السابق" وما زالوا يريدون القيام بحكاية قصصهم"، ولذلك قامت جمعية دوميد بإجراء آلاف المقابلات مع المهاجرين.
في أحد أقسام المستودع توجد رفوف معدنية يبلغ طولها عدة أمتار. وعليها وضعت معروضات كثيرة ولكل قطعة منها رقما حيث يمكن من خلاله معرفة قصة تلك القطعة كاملا بعد البحث عنه في كومبيوتر الجمعية. في مستودع آخر نجد بين المعروضات إعلانات كبيرة الحجم علقت ولصقت قبل 40 عاما على جدران في اسطنبول للإعلان عن حاجة الشركات الألمانية إلى عُمّال أتراك. كما تم في الماضي نشر مثل تلك الإعلانات في البرتغال واليونان وكوريا الجنوبية أيضا.
قصص مثيرة عن الهجرة
من بين معروضات المستودع نجد أيضا صندوقا من النحاس الأصفر يحتوي على كل لوازم مسح الأحذية. هدف أحد المهاجرين الأتراك لكسب الزبائن في برلين من خلال هذا الصندوق التقليدي، رغم عدم حيازته على تصريح رسمي للقيام بعمل مسح الأحذية. وفي نهاية الأمر وقع عمدة برلين إيبرهارد ديبغن شخصيا على الوثيقة المرغوب فيها. واعتبرت الدعاية التجارية آنذاك أن المهاجر التركي هو مساح الأحذية الوحيد في برلين من بلد المشرق.
ويجب الإشارة أيضا إلى ما تركه المهاجرون المتوفون في ألمانيا من قطع تذكارية، من بينها العديد من أشرطة الكاسيت، التي كانون يسجلون فيها رسائلهم إلى الأقارب والاصدقاء ويرسلونها بالبريد إلى الوطن الأصلي. وتحدث أطفال المهاجرين في تلك الأشرطة عن حياتهم في الأوطان مع أجدادهم وجداتهم، حيث لم تكن أجهزة الكومبيوتر قد انتشرت بعد.
وقد دعت جمعية أوميد لحضور اجتماع خلال الأيام القادمة تحضره رئيسة البرلمان الألماني السابقة ريتا زيسموت لتعريف الرأي العام بمشروع متحف الهجرة، حيث ترأست زيسموت سابقا، وهي من الحزب الديمقراطي المسيحي، اللجنة المستقلة لشؤون الهجرة. الجمعية تبحث حاليا عن موقع لإقامة هذا المتحف. وذكر المؤرخ فوكس أنه "من المقرر أن يكون هذا الموقع في مدينة ذي علاقة قوية بموضوع الهجرة". ومن المحتمل أن يتم بناء المتحف إما في برلين أو في شتوتغارت أو في كولونيا".
شتيفان ديغه
ترجمة: أ.ز