معرض ''آرت دبي''.... ربيع ثقافي بألوان الربيع العربي
لم يكن العارض الفني ماتياس أرند يحسب أنه سيصطدم بالرقابة في معرض آرت دبي في الامارات العربية، فيوم افتتاح المعرض في الواحد والعشرين من شهر مارس/ آذار قدم إليه رجال الشرطة وطلبوا منه سحب لوحات أحد أهم الرسامين الروّاد في إيران، وذلك لمهلة من المفترض ألا تتجاوز ثلاثين ثانية فقط. ويتعلق الأمر بالرسام الإيراني خوسرو حسن زاده، وذلك بسبب لوحته التي تحمل إسم "يا علي مدد" والتي اختارها العارض أرند تيمة للملصقة الكبيرة أمام جناحه في المعرض. أن يستغيت الشيعة بالإمام علي في عبارة "يا علي مدد" أمر لا يثير الاستغراب، لكن لدى السنة وهم الغالبية في دبي اعتبروا تلك العبارة خطابا سياسيا، يتجاوز الخطوط الحمراء المسموح بها في الإمارات. ويتزامن هذا مع تزايد التوتر بين إيران والغرب بسبب ملف طهران النووي.
الربيع العربي
وفي فندق فاخر محاط بالنخيل وبأحد أجمل الشواطئ العربية، نظمت هذه السنة الدورة السادسة لمعرض آرت دبي، الذي يعتبر من أفخم وأرقى المعارض في العالم. وهو المعرض الوحيد في الخليج الذي يهتم بالفن الحديث. ولا يعد آرت دبي فضاءا تجاريا تباع فيه اللوحات، بقدر ما هو مكان لعرض الأعمال الفنية خصوصا العربية منها أمام الجمهور. وكان الربيع العربي وتداعياته من بين القضايا التي تم طرحها في دورة هذا العام، فغاليري آتاسي عرضت منحوتة "المندس" للفنان والنحات السوري المعارض فادي اليازجي، الذي سخر عبرها من ممارسات المخابرات السورية، وقد أهداها إلى مغني الثورة السورية ابراهيم القاشوش، الذي لحن أغنية تدعو إلى سقوط نظام بشار الأسد، وقتل على إثرها في شهر يوليو بعدما قُطعت حنجرته.
وعرضت في آرت دبي لوحة أخرى، أكثر جرأة، ظهر عليها بن علي وحسني مبارك والعقيد القذافي ببطون منتفخة تعبيرا عن شجعهم وطمعهم وسلبهم لخيرات البلاد التي رأسوها، لكن هذه اللوحة سريعا ما تمت مصادرتها في المعرض. وعلى ما يبدو لم تأثر الأزمة المالية العالمية والربيع العربي على دبي التي تشهد انتعاشا حاليا، بل وخرجت مستفيدة من الأزمة، بعدما توقع الجميع عام 2008 أنها على حافة الإفلاس. إلا أن مشاريع الإعمار المتوقفة أعيد العمل فيها وفي هذا الاطار أعلن الشيخ محمد ابن مكتوم عند افتتاح آرت دبي انطلاق عملية بناء دار الأوبرا، وهو المشروع ذاته الذي توقف حين كان المدير الثقافي ميشائيل شيندهيلم مسؤولا عنه.
آرت دبي: جسر بين الثقافات
ويظهر فضاء دبي الذي يحتوي على خليط من الأعراق والجنسيات جليا، أن أوروبا لم تعد محور العالم وأن الثقافة الفنية أخذت قسطها من العولمة لتضم جميع العوالم الفنية الواقعة بين أوروبا وأستراليا، كما يشرح العارض ماتياس ارند. ويعتبر هذا العارض الألماني من بين العارضين الذين لا يخشون التغيير، ويصرون على تقديم الأعمال غير الأوروبية أو الأمريكية، كما تفعل غالبية المتاحف والغاليريهات في الغرب. ويسعى معرض آرت دبي إلى أن يصبح جسرا بين أوروبا وأمريكا والشرق الأوسط، والآن وكما أعلنت مديرة المعرض أنتونيا كارفار التي يعود إليها الفضل في النهوض بآرت دبي ليرقى إلى ما هو عليه اليوم، أنه سيتم الاهتمام أيضا بأفريقيا والشرق الأدنى، وهو ما يتطلب بناء شبكة علاقات جديدة، وهو أمر سهل جدا تحقيقه في دبي، على حد تعبيرها.
الكاتب: فيرنر بلوخ
ترجمة: وفاق بنكيران
مراجعة:هبة الله إسماعيل
حقوق النشر: دويتشه فيله 2012