علاقات فاترة مع أنقرة

تغيرت مواقف الدول الأعضاء الجديدة في الاتحاد الأوروبي، تماما كما هي عليه الحال في دول أوروبا الغربية، بحيث تحولت المؤشرات الإيجابية القديمة لديها حيال انضمام تركيا المحتمل الى الاتحاد إلى موقف حافل بالشك بل حتى بالرفض. تحليل كتبه اميل مينتشيف.

​​تغيرت مواقف الدول الأعضاء الجديدة في الاتحاد الأوروبي والواقعة وسط أوروبا وجنوب شرقها، تماما كما هي عليه الحال في دول أوروبا الغربية، بحيث تحولت المؤشرات الإيجابية القديمة لديها حيال انضمام تركيا المحتمل الى الاتحاد إلى موقف حافل بالشك بل حتى بالرفض. تحليل كتبه اميل مينتشيف.

مما يلفت النظر أن هناك في ما يتعلق بمصالح السياسة الداخلية تزايدا في تسخير انضمام تركيا المحتمل الى الاتحاد الأوروبي في عدد كبير من دول وسط أوروبا وجنوب شرقها كوسيلة لتبرير المواقف المتحفظة لديها من مشروع توحيد أوروبا. كما أن هذه المسألة باتت في هذه الأثناء من أهم الحجج المستخدمة ضد توسيع الاتحاد الأوروبي من قبل أصحاب التوجهات الغوغائية الساعين لاجتذاب الشعوب إليهم.

لو افترضنا احتمال استلام أصحاب هذه التوجهات الذين يساورهم هوس وحيد هو الدفاع عن "المصالح القومية" زمام السلطة فإنهم قد يعملون على إضعاف الإرادة القائمة إزاء ممارسة سياسة أوروبية مشتركة ترمي إلى توسيع الاتحاد كما أنهم سيدعون إلى غلق الأبواب في وجه أعضاء محتملين جدد من خلال استخدام حجتهم المتمركزة على الدفاع عن "المصالح القومية".

تحفظ داخل الدول الأعضاء الجديدة

يشكل التحفظ المتزايد القائم في الدول الأعضاء "القديمة" للاتحاد الأوروبي حيال توسيع الاتحاد عاملا آخر يستند عليه أصحاب التوجهات الغوغائية الراغبون باجتذاب الشعوب إليهم ومعارضو مشروع توحيد أوروبا داخل الدول الأعضاء "الجديدة" في الاتحاد الأوروبي في تبرير رفضهم لانضمام تركيا إلى الاتحاد.

بوسعنا أن ندّعي دون مغالاة بأن مثل هذه التطورات كفيلة بإلحاق أضرار جسيمة بعملية توحيد أوروبا وما قد تفرزه من انعكاسات إيجابية.

فالتيارات المتحفظة من حركة توحيد أوروبا وغيرها المعادية حتى لهذه الحركة داخل الدول الأعضاء "الجديدة" في الاتحاد الأوروبي قادرة بما لا شك فيه على إفراز تداعيات سلبية على مواقف الأحزاب السياسية الأخرى ومواقف الرأي العام كذلك لا سيما وأن البنية الأساسية للديموقراطية في هذه الدول الأعضاء الجديدة ما زالت تفتقر بقدر كبير الى الاستقرار والثبات.

مواقف حيال طلب تركيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي

هذه الخاصية تسري بصورة متميزة على المواقف المتخذة داخل الدول المذكورة في ما يتعلق بانضمام تركيا المحتمل إلى الاتحاد الأوروبي. هناك في هذا السياق مؤشر سلبي يلاحظه المرء منذ مايو/أيار 2004.

ففيما اتخذت الدول الأعضاء الجديدة التابعة لوسط أوروبا وجنوب شرقها في المرحلة الأولية مواقف تأرجحت بين اللامبالاة حينا والتضامن مع ترشيح تركيا لعضوية الاتحاد حينا آخر تغيرت الحال تدريجيا بحيث أصبحت هذه الدول تنظر إلى هذه المسألة بروح التحفظ بل حتى الرفض.

موقف بولندة

طالب ماريك بيلكا الذي تولى رئاسة الحكومة في بولندة عام 2004 أي بعد فترة قصيرة من انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي في شهر يوليو/تموز من نفس العام بضم تركيا إلى الاتحاد. من الحجج التي استخدمها حينذاك في هذا السياق أن انضمام تركيا يتيح فرصة كبيرة للسياسة الخارجية للعمل على إحلال الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بكاملها.

كما كان رئيس الجمهورية البولندي السابق الكسندر كفازنيفسكي قد وصف قبل ذلك تركيا الحديثة بأنها تشكل "فرصة عظيمة للاتحاد الأوروبي" باعتبار أنها تشكل جسرا بين العالمين الإسلامي والمسيحي. هذا ولم يغير الأخوان كاجنسكي (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة) هذا الموقف. فقد صرح السفير البولندي لدى الاتحاد الأوروبي يان تومبينسكي في شهر أبريل/نيسان الماضي بأن بولندا لا زالت تؤيد انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي ولكنها تعلق أهمية فائقة على ضرورة التزام تركيا التزاما دقيقا بالمعايير الموضوعة على انضمام الأعضاء الجدد.

هذا يعني أن بولندة ولو على المستوى الحكومي على الأقل هي أكثر دول وسط وجنوب شرق أوروبا ذات العضوية الجديدة تأييدا لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. أما موقف الرأي العام في هذه الدولة من انضمام تركيا فإنه يتسم بعدم المبالاة. لكن استطلاعات الرأي الأخيرة دلت على انحسار معدل تأييد انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالحال قبل ثلاثة أعوام.

موقف جمهورية التشيك

تتسم تصريحات المسؤولين السياسيين التشيكيين حيال الملف التركي بالحذر الشديد. فقد صرح ستانيسلاف غروس الذي تبوأ منصب رئيس الوزراء أثناء فترة انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي قائلا أمام حشد من الدبلوماسيين في صيف عام 2004 إن تكريس "مستقبل أوروبي" لتركيا أمر يخدم مصالح جمهورية التشيك. لكنه أضاف بأن الأمر يتطلب مراعاة كافة الانعكاسات المحتملة في هذا المجال.

كما كان وزير الخارجية التشيكي السابق كيريل سفوبودا (الحزب المسيحي الديموقراطي) قد صرح قائلا إن على الاتحاد الأوروبي أن يتخذ التدابير اللازمة في حال اتخاذه قرارا بتوسيع صفوفه من خلال ضم تركيا، مبررا تلك التحضيرات بكون مثل هذا القرار جوهري الطابع بالنظر لأن تركيا ستكون عند الانضمام العضو المسلم الوحيد في الاتحاد. أضاف الوزير بأن تعداد تركيا السكاني يبلغ اليوم 72 مليون نسمة ليصل بعد 15 عاما إلى 100 مليون.

أما الرئيس السابق فاسلاف هافيل فقد شدد على أن موضوع انتماء تركيا لأوروبا يعتمد على كيفية التعريف السياسي لمفهوم الانتماء. وكان رئيس الحكومة التشيكي توبولانك قد تبنى في مقال مشترك له مع زميله البولندي كاجنسكي موقفا إيجابيا من مسألة ضم كل من تركيا وأوكرانيا ومولدافيا وبلوروسيا ودول غرب البلقان إلى الاتحاد الأوروبي دون أن يفرق بين دول الترشيح المختلفة هذه. لكن الرأي العام يتبنى في هذا السياق إما موقف اللامبالاة أو ينظر إلى المسألة نظرة سلبية.

موقف سلوفاكيا

تؤيد سلوفاكيا حيازة تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي فيما لو توفرت لديها كل الشروط اللازمة للانضمام. فقد شدد نائب رئيس الحكومة السلوفاكية بال تشاكي المنتمي لحزب الائتلاف المجري في مقابلة أجراها مع نظيره التركي عبد الله غول في غضون زيارته لتركيا في سبتمبر/أيلول 2004 على دعم سلوفاكيا لمطمح تركيا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

يومها شكر تشاكي تركيا لكونها تجاوبت في حينه على نحو إيجابي مع مطمح سلوفاكيا بالانضمام إلى حلف الناتو ودعا إلى توثيق عرى التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب. كذلك رحب رئيس الحكومة السلوفاكية تزوريندا ببدء مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد. أما الحزب القومي وهو يميني متطرف ويشارك في الائتلاف الحكومي الراهن الذي يترأسه رئيس الوزراء فيكو فإنه يرفض على عكس ذلك انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي.

موقف المجر

ردود الفعل في المجر تتسم بطابع الحذر. كانت وزارة الخارجية المجرية قد شددت مرارا وتكرارا على كون المجر قد ساهمت في صياغة القواعد التي أعدتها المفوضية الأوروبية بشأن انضمام تركيا إلى الاتحاد وأنها تسهر على الالتزام التام بهذه القواعد. ورأت الوزارة ضرورة تلبية كل دولة تنشد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي للمعايير التي حددها مؤتمر كوبنهاغن. وبناء على رؤية الوزارة "لا يحق حرمان" الدولة التي تتوفر لديها تلك المعايير من "فرص حيازة العضوية".

أثناء الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء التركي طيب أردوغان لبودابست في أكتوبر/تشرين الأول 2005 أشار رئيس الحكومة المجرية غورساني إلى كون بلاده تؤيد مشروع انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي وشدد بقوله "سوف نتابع ممارسة هذا الخط السياسي". لكن موقف الرأي العام في المجر يتسم بطابع سلبي رافض في الأغلب لأسباب أهمها هيمنة الأحداث التاريخية السلبية في العلاقة بين البلدين. على الرغم من ذلك فإن نتائج استطلاعات الرأي تدل على أن مشروع انضمام تركيا الى الاتحاد يلقى أعلى نسبة من التأييد بين أغلبية الدول الأعضاء الجديدة في الاتحاد.

موقف سلوفينيا

جاء في بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية السلوفينية عام 2004 : "تؤيد سلوفينيا سياسة الأبواب المفتوحة التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي. ونحن ندعم بصورة خاصة تكريس الاندماج العاجل لدول غرب البلقان. وانطلاقا من هذا الهدف سوف نساعد هذه الدول على نحو فعال في إطار الاستعدادات المتخذة لتصبح أعضاء. لقد نالت تركيا وضعية المرشح لهذه العضوية ونحن نرى بأن من حق هذه الدولة (وغيرها من الدول الأخرى المرشحة للعضوية) أن تصبح عضوا في الاتحاد الأوروبي عند تلبيتها لكافة الشروط والمعايير اللازمة لعضوية الاتحاد الأوروبي".

شددت وزارة الخارجية بالإضافة إلى ذلك على أنه يتوجب على تركيا تطبيق الإصلاحات السياسية المتفق عليها. كما شدد رئيس الدولة درونوفسك على أن لكل من تركيا ودول غرب البلقان مكانا داخل الاتحاد الأوروبي. وكانت سلوفينيا الدولة الثانية بعد بولندة داخل مجموعة الدول الأعضاء الجديدة في الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بعدم مواجهة موضوع انضمام تركيا الى الاتحاد بموجة كبيرة من الرفض. لكن انعطافا وقع في هذا السياق في نهاية عام 2006 إذ وصلت نسبة المعارضين لانضمام تركيا 10 % أكثر من نسبة المؤيدين له.

موقف إستونيا

تؤيد حكومة استونيا إجراء مفاوضات مع تركيا بشأن انضمامها الى الاتحاد. وكان كل من رئيس الحكومة يوهان بارتس ووزيرة الخارجية كريستينا اويولاند (كلاهما ينتميان لتحالف الوسط اليميني) قد أكدا في مطلع شهر سبتمبر/أيلول 2005 لوزير الخارجية التركي عبد الله غول دعمهما لمشروع انضمام تركيا. كذلك اتخذ رئيس الحكومة الحالي اندروس انسيب ذات الموقف الإيجابي حيث قال في مقابلة صحفية أجريت معه " ينبغي منح تركيا فرصة لذلك حتى ولو تطلب الأمر منها بذل قصارى الجهد لتلبية المعايير اللازمة". ولكن تبين بأن الرأي العام في هذه الدولة لا يتفق هنا مع موقف الحكومة .

موقف لاتفيا

صرح وزير الخارجية ارتيس بابريكس ( تحالف الوسط اليميني) أثناء الزيارة القصيرة التي قام بها وزير الخارجية التركي غول للعاصمة ريغا في سبتمبر/أيلول 2005 بقوله إن لاتفيا "ستتصدر قائمة الدول التي تدعم تركيا" في حال صدور بيان إيجابي في هذا الشأن عن المفوضية الأوروبية. ما تأمله لاتفيا لقاء ذلك هو وقوف تركيا الى جانبها إزاء التقييم الدولي لمرحلة العهد السوفييتي في تلك الدولة واعتباره احتلالا. لكن سكان لاتفيا أنفسهم يتخذون في هذا الصدد موقفا مشابها من سكان استونيا حيث يرفض أغلبهم انضمام تركيا الى الاتحاد.

موقف ليتوانيا

سبق أن أيد رئيس الدولة فالداس ادامكوس وحكومة الوسط اليساري التي يرئسها الغيرداس برازوسكس في عام 2005 البدء بمفاوضات الانضمام مع تركيا. لكن ادامكوس اعترض في خريف العام نفسه على احتمال مطالبة تركيا بتوفير "معايير انضمام مخففة" مقارنة بالمعايير التي فرضت على ليتوانيا وغيرها من الدول الأعضاء الجديدة في الاتحاد الأوروبي. الجدير بالذكر أن الرأي العام في هذه الدولة يتبنى حيال انضمام تركيا موقفا مطابقا للحال في دول البلطيق الأخرى حيث أنه يرفض ذلك.

موقف رومانيا

أيدت النخب السياسية في رومانيا على نحو مستديم متابعة عملية توسيع الاتحاد الأوروبي كما أنها اتخذت موقفا إيجابيا حيال ترشيح تركيا لعضوية الاتحاد. من أهم أسباب ذلك كون رومانيا مدينة بالشكر لتركيا بسبب الدعم الذي قدمته لها تركيا في سياق انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

فقد صرح وزير الخارجية الروماني في منتصف عام 2006 قائلا "تتبادل أنقره وبوخارست علاقات ثنائية جيدة للغاية وإن الإحساس بالإعجاب يغمرني حيال شجاعة السياسيين الأتراك الذين يسلكون اليوم الطريق في اتجاه مشروع الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بعد انقضاء ثمانين عاما على اندلاع الثورة في تركيا ونشوء الدولة الحديثة فيها نتيجة لذلك. وإني أرى بأن من حق تركيا أن تمنح هذه الفرصة المعبرة عن رغبتها".

لكن بعض بوادر القلق بدأت تهيمن على الأجواء وذلك باحتمال تهميش تركيا في حال حيازتها لعضوية الاتحاد الأوروبي لمطمح رومانيا في الحصول على قدر كاف من الصناديق المالية المعنية بالنهوض بالهياكل الأساسية. لكن رومانيا تبقى أكثر دول الاتحاد الأوروبي دعما لانضمام تركيا إلى صفوفه. فقد دلت استطلاعات الرأي التي جرت في خريف عام 2006 هناك على أن 61 % من السكان يؤيدون انضمام تركيا (أي بتقدم يبلغ 44 نقطة مقارنة بمعارضي الانضمام).

موقف بلغاريا

ينبغي أن نفرّق هنا بين مواقف النخب السياسية البلغارية والرأي العام حيال انضمام تركيا المحتمل الى الاتحاد الأوروبي. من العوامل المهمة في هذا السياق الدور الذي تلعبه الجالية المنحدرة من أصل تركي باعتبارها تشكل أقلية ذات اعتبار مهم حيث تبلغ 10 % تقريبا من مجموع السكان.

صحيح أن هناك تطابقا في وجهات النظر بين الحكومة البلغارية والموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي. لكن هناك عاملا له تأثيره في هذا السياق وهو أن الحزب الذي يمثل مصالح الأتراك البلغاريين أي "حركة الدفاع عن الحقوق والحريات" يشكل أحد أطراف الائتلاف الحكومي.

يحاول ممثلو هذا الحزب من حين إلى آخر توظيف دعمهم الفائق لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي لمصلحتهم الخاصة مما دفع أحزاب المعارضة إلى طرح نقاش حول هذه المسألة أثناء الحملة التي سبقت انتخابات البرلمان الأوروبي في مايو/أيار 2007 . وقد نجحت أحزاب الائتلاف الحكومي الثلاثة في احتواء تلك المبادرة حتى الآن. لكنه من المؤكد أن النقاش حول هذه المسألة سيدور سواء في إطار انتخابات البلدية التي ستجرى في شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2007 الحالي أو في الانتخابات البرلمانية المقبلة أي في عام 2009.

هذه المسألة كفيلة بخلق شرخ داخل المجتمع البلغاري وبالتأثير على نحو فعال على موقف الرأي العام البلغاري إزاء انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي. لكن موقف الرأي العام ما زال يتسم في الوقت الحاضر بموقف إيجابي في الأغلب.

هيمنة التوجه السلبي

عكست النتائج الأخيرة الصادرة في خريف عام 2006 عن البارومتر الأوروبي صورة قاتمة في أغلب أوجهها. فهناك في كل الدول الأعضاء الجديدة في الاتحاد الأوروبي توجه رافض لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي كالحال مثلا في سلوفاكيا وجمهورية التشيك واستونيا (بمجموع أكثر من 30 نقطة).

أصبح معارضو الانضمام يشكلون للمرة الأولى أغلبية ولو ضئيلة في حالة بولندا. أما في سلوفينيا التي سادها حتى الآن توازن في نسب مؤيدي ومعارضي الانضمام التركي للاتحاد الأوروبي فقد ازدادت نسبة المعارضين بمقدار 10 % مقارنة بمؤيدي الانضمام.

يقتصر التأييد الواضح لانضمام تركيا على بلدين اثنين هما بلغاريا ورومانيا اللذان التحقا بالاتحاد الأوروبي في مطلع شهر يناير (كانون الثاني) من عام 2007 الحالي. لعل ذلك يعود إلى تضامن هاتين الدولتين مع دولة مجاورة لهما أي تركيا كانت لمدة سنوات طويلة وحتى فترة انضمامهما تمر بذات وضعية الترشيح للعضوية.

لن تقع على المدى القصير تغيرات تذكر حيال هذا الوضع الراهن في دول وسط أوروبا وجنوب شرقها. كما أن نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة في تركيا لم تخلق قناعة سواء في صفوف مؤيدي أو معارضي انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي باحتمال تحرك الأمور قدما في غضون العامين أو الأعوام الأربعة المقبلة في ما يتعلق بفرص ترشيح تركيا لهذه العضوية.

هل تشكل الانتخابات انتصارا أم "مصيدة خفية"؟

يرى أنصار انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي في فوز حزب العدالة والتنمية التركي تأكيدا على الخط الذي التزمت به الحكومة التركية حتى الآن في ما يتعلق بالتبني التدريجي للأحكام السائدة في الاتحاد وبتطبيق "معايير كوبنهاغن" الأمر الذي يؤدي رغم كون الطريق صعبا ووعرا إلى متابعة مفاوضات الانضمام بين تركيا والمفوضية الأوروبية.

أما معارضو الانضمام فإنهم لا يرون في نتائج الانتخابات التركية دليلا على فوز النخب التي تفكر وتتعامل بروح متعاطفة مع الحركة الأوروبية بل يعتبرون الأمر لا يعدو كونه مناورة من قبل دعاة الحركة الإسلاموية داخل حزب العدالة والتنمية بهدف محاربة الجهاز العسكري التركي من خلال استخدام حجج أوروبية.

ستبين لنا الشهور المقبلة عما إذا كانت نتائج الانتخابات تعكس انتصارا للحركة الأوروبية في تركيا أم كانت مجرد "مصيدة خفية". بغض النظر عن ذلك لا زال واضحا للرأي العام في دول الاتحاد الأوروبي وتركيا بأن قرار ضم تركيا الى الاتحاد كان ولا يزال يعتمد على بروكسل أكثر من اعتماده على أنقره.

من المقاييس المهمة في سياق تقييم الترشيح التركي من قبل الدول الأعضاء الجديدة في الاتحاد التشديد على وجود تطابق في الأعراف المجتمعية لأوروبا وانتماء مشترك للمدنية الأوروبية، وذلك على نحو أكبر كثيرا من الحال في أوروبا الغربية حيث ينظر إلى مسالة الانتماء الأوروبي على أنها أمر بديهي. هذا يختلف في حالة دول وسط أوروبا وجنوب شرقها حيث يتزامن فيها تبني الديموقراطية مع شعار "العودة إلى أوروبا" ونظرا لأن التجزئة المفتعلة للقارة الأوروبية أثناء الحرب الباردة خلّفت في تلك المنطقة آثارا مؤلمة.

شكلت الهوية الأوروبية للدول المرشحة للعضوية في رؤية المواطنين العاديين من فارصوفيا البولندية حتى لوبليانا السلوفينية أمرا أكثر أهمية بكثير من كافة المعايير التي حددها مؤتمر كوبنهاغن. هذه الرؤية ستظل ربما قائمة أيضا إزاء تقييم المرشحين مستقبلا للعضوية في الاتحاد الأوروبي.

ربما لا يصبح محور اهتمام الرأي العام في الدول الأعضاء الجديدة مسألة "التكلفة/ المنفعة" بالمفهوم الاقتصادي ولا قضايا أخرى كاحتمال انزلاق المؤسسات الأوروبية إلى حالة شلل وظيفي أو إشكالية الأبعاد الأمنية لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بل قد يتمركز اهتمام الرأي العام هناك على هدف اكتساب المجتمع التركي صفة الانتماء الأوروبي بصورة مستديمة لا رجعة لها.

في حال وجود أدلة تؤكد وقوع هذا التحول فانه سيكون كفيلا بخلق قناعة راسخة لدى هذه الدول الأعضاء الجديدة حيال جدوى انضمام تركيا للاتحاد، وهي قناعة سيكون لها وقع أكبر من أي تقدم يحصل في إطار مفاوضات الانضمام.

بقلم اميل مينتشيف
ترجمة عارف حجاج
حقوق الطبع قنطرة 2007

الدكتور اميل مينتشيف درس مادة الاقتصاد القومي في جامعة صوفيا للعلوم الاقتصادية وعمل محاضرا لدى معهد العلاقات الدولية والسياسة الخارجية التابع لأكاديمية العلوم. وهو يعمل منذ عام 2006 باحثا علميا في معهد تاريخ أوروبا الشرقية التابع لجامعة بون.

قنطرة

سياسة تركيا الأوروبية بعد الإنتخابات
فاز رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في الـ22 من شهر تموز/يوليو ليتفرَّغ في الأشهر المقبلة أكثر من ذي قبل لموضوع لعب مؤخرًا في أنقرة دورًا جانبيًا فقط: موضوع السياسة الأةروبية. تعليق بقلم سوزانة غوستين

تركيا والاتحاد الأوربي
ملف شامل يناقش العلاقة بين تركيا والاتحاد الأوربي من جهة والعلاقة بين تركيا والعالم الإسلامي من جهة أخرى