الحرب بالأساطير!

يعمل الكاتب الإسرائيلي يوري أفنيري منذ عقود من أجل إحلال السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وقيام دولتين. حاورته سيلكا بارتليك حول مشكلة مركزية في صراع الشرق الأدنى المستمر: إختلاق الأساطير من قبل الفلسطينيين والإسرائيليين.

يؤكد يوري أفنيري أنه لم يعش مناخ السلام في حياته بعد. بل ان عكس ذلك هو ما ميز دائما مسار حياته. فهو عايش خلال طفولته في المانيا فترة صعود النازية ثم نهوض نظام الرايخ في شهوره الاولى قبل هجرة اسرته الى اسرائيل وبالتالي الى فلسطين.

فيلم خيالي

يقول أفنيري "خلال فترة حياتي في فلسطين على مدى 72 سنة لم أنعم أبدا ولو ليوم واحد بحياة السلام. وينطبق هذا علي وعلى أي شخص اسرائلي او فلسطيني آخر. واعني بذلك ان احداث الحرب سيطرت على مدى 72 سنة على الاخبار اليومية. ولذلك فان السلام بالنسبة لنا في بلدنا هذا يشكل نوعا من الافلام الخيالية."

"في الماضي كانت هناك من حين لآخر فرص اقامة السلام" - يضيف أفنيري ـ "غير ان الفلسطينيين و الاسرائليين لم يتمسكوا بها. السؤال هو ماذا يجب على الكاتب القيام به لتخطي ذلك؟ هل يستطيع حقا القيام بشيء ما؟ جوابي هو نعم وبدون شروط. ان الكاتب يمكنه بل يجب عليه - ومن واجبه - ان يعمل على تغيير الوضع"

إختلاق الأساطير

في كل حرب - يضيف أفنيري- يتم اختلاق الأساطير. وهذه الاساطير تهدف الى تعريف ما يجعل العدو عدوا وما يجعل الضحية ضحية. هذه الاساطير هي التي تعرقل كل اشكال التفاهم . و لذلك فان مهمة الكاتب تتجلى في تخطي اساطير شعبه وأساطير الآخرين الذين يوصفون بالعدو والعمل على فهمم تلك الاساطير و شرحها:

"ان الحرب الحقيقية أوعدم الاستعداد للسلام طاهرتان تعبران عن حرب قائمة بين الاساطير. فعندما اتكلم عن اصدقائي الفلسطينيين فاني اجد ان كل تجربة في حياتي تختلف تماما عن تجارب الاف الاشخاص من الجانب الآخر. ونفس الاحداث التي ينطلق منها كل اسرائيلي عن قناعة ينظر اليها الجانب الآخر بشكل مخالف تماما وكأننا لانتحدث عن شعبين يعيشان في نفس البلد الصغير ويتنافسان على العيش فيه بل عن شعبين من عالمين مختلفين"

الإسرائليون مثلا يعتبرون ان حرب عام 1948 كانت بهدف الحرية والاستقلال في حين يعتبرها الفلسطينيون نكبة وكارثة وطنية قام الاسرائيليون فيها بابعاد نصف الشعب الفلسطيني عن موطنه.

إن تسعة وتسعين بالمائة من افراد كلا الجانبين يؤمنون بهذه الاساطير. وهم مستعدون بكل قناعة للتضحية بحياتهم من اجلها. غير انه عندما يعي كل جانب منهما ان الحق الى جانبه مائة بالمائة و أن الجانب الآخر ايضا على حق مائة بالمائة فحينئذ فقط يمكن الاقتراب من رؤية السلام.

ويعترف أفنيري ان الوصول الى ذلك يحتاج الى المثابرة والى وقت طويل . ومن موقفه الانتقادي والمتفائل فهو مقتنع انه يمكن للأدباء وللمثقفين القيام حقا بتغيير تلك المواقف الموروثة رغم كل موجات العنف المتكررة حتى الآن.

سيلكا بارتليك
ترجمة عبد الحي علمي
حقوق الطبع دويتشه فيله

قنطرة

العناد والشجاعة
منح منتدى ليف كوبيليف في كولونيا جائزة السلام وحقوق الإنسان إلى الفلسطيني سري نسيبة والإسرائيلي أوري أفنيري. أولريكه فيسترينغ تعرّف بناشط السلام الإسرائيلي