أول لاعبة محجبة في الدنمارك

ما تزال زينب الخطيب في ربيعها الخامس عشر، غير أنَّها تؤدِّي عملاً رائدًا. فعلى أي حال ليس من المألوف رؤية فتاة محجَّبة تعلب كمهاجمة كرة قدم. ولكن هذا أمر طبيعي بالنسبة لزينب وللمنتخب الوطني الدنماركي للناشئين. أندريه توسيس تعرّفنا بهذه اللاعبة.

​​زينب الخطيب سريعة في عدوها ورشيقة في حركتها وتتمتاز بقوة ضربها الكرة برأسها. وليس من دون سبب أن تعد هذه المسلمة البالغة من العمر خمسة عشر عامًا وذات الأصول الفلسطينية موهبة هجومية واعدة في المنتخب الوطني الدنماركي للناشئين دون سن السادسة عشر. لقد أثارت زينب الخطيب في وقت قصير ضجة إعلامية كبيرة، تجاوزت حتى حدود الدنمارك. ولكن من غير المعهود أن تحظى كرة القدم النسوية بهذا القدر من اهتمام الجماهير، خاصة فيما يتعلَّق بمجال الناشئين. ولكن ثمة الكثير مما يمكن ذكره عن زينب ويتجاوز قدراتها الكروية وغريزتها البارزة في صنع الأهداف.

هذه الفتاة الدنماركية المولودة في لبنان تلعب كرة القدم بالحجاب - ترتدي أحيانًا حجابًا بني قاتم اللون وفي أوقات أخرى حجابًا أبيض اللون. وتقول زينب موضحة: "لقد كان هذا قراري الخاص ولا علاقة لوالدي ووالدتي به". وعندما قرَّرت ارتداء الحجاب قبل أكثر من عام لم ينظر لها أحد قطّ في فريقها، نادي مدينة أودنس Odens B1909/Fjordager نظرات انتقاد؛ ولا في المنتخب الوطني للناشئين.

موقف اتحاد كرة القدم الدنماركي غير المتعصِّب

وتقول هذه الرائدة المحجبة باختصار: "كنت خائفة قليلاً من أن يتم انتقادي. لكن لم يقل أحد شيئًا سلبيًا". فاتحاد كرة القدم الدنماركي منفتح للغاية، إذ سمح لزينب بواسطة تصريح استثنائي ارتداء الحجاب في الملعب. ولكن الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA يرى ذلك على نحو مختلف، حيث لا يوجد حسب رأي الاتحاد الدولي لكرة القدم مكان للمظاهر والرموز الدينية في الملاعب. وهذا الرأي متعصِّب جدًا. بيد أنَّ الناطق باسم اتحاد كرة القدم الدنماركي، لارس بيريندت Lars Berendt يرى ذلك من منظور مختلف:

"لا ينبغي أن يعتبر تلقائيًا الغطاء المشدود على الرأس رمزًا دينيًا". بل إنَّ الأمر يتعلَّق في ذلك بقناعة ثقافية، حسب قول لارس بيريندت. "كما أنَّ اللاعب رونالدينو Rolnaldino يجري في الملعب وعلى جبينه عصبة، على الرغم من أنَّ جميع لاعبي فريق ما يُطالبون بارتداء ملابس موَّحدة"، حسب قول لارس بيريندت الذي يجد أنَّ السماح لزينب بارتداء الحجاب أمر منطقي. والأهم - حسب تعبيره - أنَّ الأمر يتعلَّق بفتاة موهوبة من الممكن لها أن تتقدَّم بكرة القدم الدنماركية.

"يجوز لمن تتوفَّر لديه المهارة الكافية تمثيل هذا البلد - بغض النظر عن الديانة التي ينتمي إليها أبوه وأمه"، مثلما يقول لارس بيريند ببداهة مقنعة. هذا الموقف غير المتعصِّب يعبِّر عن موقف اتحاد كرة القدم الدنماركي.

شعبوية دنماركية

وهذا الرأي غريب قليلاً، لاسيما أنَّ الدنمارك لا تعتبر بالضرورة من الدول المتسامحة في التعامل مع "مسألة الحجاب" - مع الجدال المتنامي في أوروبا والدائر حول موضوع الحجاب. إذ قام البرلمان الدنماركي قبل بضعة أشهر فقط بمنع القاضيات والعاملات في المحاكم من ارتداء الحجاب أثناء العمل؛ لأنَّ من شأن الحجاب - حسب رأي البرلمانيين - أن يضعف القواعد الأساسية في الثقافة الدنماركية.

وبسبب هذه المخاوف دعا حزب الشعب الدنماركي اليميني الشعبوي وحتى من خلال حملة إعلانية إلى "رفض" الحجاب في الدنمارك رفضًا عامًا. وكذلك هدَّدت رئيسة البرلمان الدنماركي التابعة لحزب الشعب الدنماركي نائية محجبة بمنعها من مواصلة كلامها أثناء اجتماع للبرلمان.

​​إذن لا يستبعد أن تكون زينب مخرزًا في عين هذا الحزب. غير أنَّ هذه الناشئة الواعدة تبدو تمامًا غير متأثِّرة: "لم يكن الحجاب بالنسبة لي أمرًا مطروحًا للنقاش قطّ. ولن أخلعه أبدًا. وإذا لم يسمح لي بارتدائه في المنتخب الوطني، فعندها سوف اضطر إلى التوقّف". ويا له من موقف مدهش بجراءته، نظرًا إلى الشعوبية المسيطرة في الدنمارك والمعارضة لارتداء الحجاب.

"لقد أدخلت مبدئيًا في حسابي أنَّ ارتدائي الحجاب لن يقبل"، حسب قول زينب. لكن لم يتم خوض أي حملة كلامية في وسائل الإعلام الجماهيرية ولم يقم حزب الشعب الدنماركي بحملة شخصية ضدّ زينب. وبصرف النظر عن هذا الموقف من الحجاب، فهل يمكن أن يعود السبب إلى أنَّ الدنمارك لديها مهاجمة واعدة كثيرًا يعقد عليها الدنماركيون بعض الآمال؟

الجديد على المستوى الدولي

صحيح أنَّ وجود لاعبات كرة قدم مجَّبات أمر غير مألوف في ألمانيا، لكن من الممكن الالتقاء بلاعبات محجبات في نوادٍ مختلفة. وعلى سبيل المثال في نادي BFC التركي الرياضي أو نادي الدرسيم الرياضي Al Dersimspor، وكلاهما موجود في محلة كرويتسبرغ في برلين. ويمكن مشاهدة النادي الأخير في الفيلم الوثائقي "كرة القدم من خلف الحجاب".

​​وهذا الفيلم يروي قصة فريق نسائي برليني لكرة القدم دعاه المنتخب الوطني الإيراني قبل ثلاثة أعوام إلى مباراة ودِّية. وفي هذه المباراة تابعت أربعة آلاف مشجِّعة لاعبات الفريقين اللواتي كن يرتدين الحجاب والقمصان الرياضية، وكانت تراقبهم حارسات الفضيلة والأخلاق العاملات على ملاك الدولة.

إذن لقد شاهد العالم لاعبات كرة قدم يلعبن بحجاب رياضي. وعليه فإنَّ زينب ليست اللاعبة الأولى التي ترتدي الحجاب. ولكن الجديد أنَّ هناك منتخبًا وطنيًا أوروبيًا لكرة قدم الناشئين تلعب فيه لاعبة محجَّبة. وبهذا من الممكن اعتبار زينب الخطيب النحيلة والرشيقة على أقلِّ تقدير رائدة محجَّبة. وإذا لم يطرأ أي طارئ فسوف ترتدي زينب في المستقبل القريب ملابس المنتخب الوطني في دوري الدرجة الأولى. وبالطبع ليس من دون الحجاب.

أندريه توسيس
ترجمة: رائد الباش
قنطرة 2008

قنطرة

سحر الهواري رائدة كرة القدم النسائية في مصر:
"قمنا بتحطيم النظرة المحافظة للنساء في الملاعب"
سحر الهواري خاضت معارك كثيرة مع الأفكار المحافظة التقليدية للمجتمع المصري التي تعتبر ممارسة كرة القدم للنساء شيئا منافياً للتقاليد والأخلاق الإسلامية. نيللي يوسف التقت معها.

بطولة عربية نسائية لكرة القدم:
النساء العربيات يكافحن لإثبات ذاتهن في كرة القدم
كرة القدم التي ظلت طويلاً حكراً على عالم الرجال أصبحت اليوم حلماً للكثير من النساء والفتيات حتى في العالم العربي، وفي مدينة الإسكندرية بمصر، انطلقت أول بطولة عربية لكرة القدم النسائية بمشاركة سبعة منتخبات.

الفيلم الوثائقي الإيراني:
"كرة القدم من وراء الحجاب"
ارتقى فيلم "كرة القدم من وراء الحجاب" Football Under Cover بشكل مفاجئ ليكون ضمن قائمة الأفلام المرشحة للفوز في مهرجان برلين السينمائي "برليناله" لهذه السنة. يروي الفيلم قصة لقاء بين ناد برليني نسائي لكرة القدم متعدد الثقافات و المنتخب الإيراني النسائي. أريانا ميرزا في قراءة لهذا الفيلم