تهمة الردة - ورقة لإسكات الخصوم
قبل عشرين عامًا صرَّح زعيم الثورة الإيرانية، آيات الله خميني في فتوى أنَّ الكاتب سلمان رشدي ارتدّ عن الدين. وأعلن أنَّ كتاب رشدي الذي صدر بعنوان "آيات شيطانية" يثبت أنَّه لم يعد مسلمًا. وصحيح أنَّ معظم المذاهب الإسلامية والفقهاء المسلمين يقولون إنَّ الارتداد عن الدين يحاسب عليه الله فقط في الآخرة؛ ولكن البعض يقولون إنَّه يجب على المؤمنين تولِّي القيام بذلك. ومصير سلمان رشدي معروف للجميع.
ولكن لا يعرف سوى القليلين أنَّه يتم منذ ذلك الحين استخدام التكفير كوسيلة من أجل إبعاد المعارضين السياسيين أو كذلك من أجل صياغة رسالة سياسية؛ رسالة مفادها أنَّه من غير الممكن قول كلِّ شيء من دون عقاب. وفي عام 1992 اعتُبر الصحفي المصري المعروف بانتقاداته، فرج فوده مرتدًا عن الدين. وبعد ذلك ببضعة أيَّام كان صريع الموت.
طلاق قسري
وكذلك لفتت قضية أستاذ الأدب نصر حامد أبو زيد الانتباه. وقد تم طلاق نصر حامد أبو زيد من زوجته بدعوى أنَّه ارتدّ عن الدين. فالشريعة الإسلامية تحرِّم الزواج بين المرأة المسلمة والرجل غير المسلم. ويعارض ذلك قانون الدولة المصري. فالقانون المدني المصري لا يعاقب على الردة، أي أنَّه لا يمكن ملاحقة المرتد بالقانون الجزائي. ولكن على الرغم من ذلك وجد أعداء نصر حامد أبو زيد طريقًا من خلال الطلاق القسري من أجل هدر دمه وحرمانه من حماية القانون. ولهذا السبب يعيش هذا الأستاذ الجامعي هذا والمعرَّض لخطر كبير منذ ذلك عام 1995 في منفاه في مدينة لايدن الهولندية.
موقف معادٍ للعقل
ومع ذلك ما يزال نصر حامد أبو زيد يعتبر نفسه مسلمًا مؤمنًا. وفي الواقع لقد خلق نصر حامد أبو زيد أعداءً لنفسه؛ إذ إنَّه كتب أنَّ كلاً من حكومة مصر التي يُزعم عنها أنَّها علمانية وكذلك المعارضة الإسلامية يستخدمان على حدّ سواء تفسيرًا للقرآن معاديًا للعقل. وعليه فالحكومة والمعارضة يتشابهان أكثر مما يريدان إقناع الناس به. ولم يكن هذا الانتقاد موجَّهًا كثيرًا إلى ما يعرف باسم الإسلام الأصولي، بل إلى القطب الذي يُقال إنَّه معاكس للإسلام الأصولي، أي إلى "الإسلام الرسمي" - هذا يعني الإسلام الذي يتم نشره من قبل الحكومة عبر وسائل الإعلام في كلِّ أرجاء البلاد. وكان هذا أكثر مما يمكن تحمّله؛ حيث تم إسكات صوت نصر حامد أبو زيد. وصحيح أنَّه ما يزال يعتبر في يومنا هذا عالم آداب معترفًا به عالميًا، ولكن لقد تحتَّم عليه مغادرة البلد الذي كان يعتبر فيه "مثقَّفًا يحظى بشعبية".
مخالفة العقائد
وتم اعتبار سلمان رشدي زنديقًا ومرتدًا لأسباب سياسية؛ إذ كان آيات الله الخميني يريد تقديم نفسه أمام العالم الإسلامي كمناضل يواجه العالم الغربي. وفي قضية نصر حامد أبو زيد وقفت الحكومة صمَّاء تجاه النقد. وكذلك تمتد سلسلة هذه الأمثلة الخاصة باستخدام التكفير كأداة لمحاربة المعارضين السياسيين؛ فقبل بضعة أعوام وجد الفقيه الإيراني حسن يوسفي إشكيواري نفسه معرَّضًا لتهمة الردّة، وذلك لأنَّه أعلن أنَّ الحجاب لا يعدّ من العقائد الثابتة في الإسلام.
وهكذا يبقى في العالم الإسلامي اعتبار المعارضين السياسيين مرتدِّين عن الإسلام وسيلة ناجحة. وكذلك لم تكن الحال مختلفة في العصور الوسطى في العالم الإسلامي وستبقى على ما هي عليه هناك، حيث يوجد نقص في الأدلة والحجج الجيِّدة من أجل تفنيد مواقف المعارضين ودحضها.
كاتايون أميربور
ترجمة: رائد الباش
حقوق الطبع: دويتشه فيله 2009
كاتايون أميربور، صحفية وباحثة في الشؤون الإسلامية من أصول إيرانية.
قنطرة
قضية سلمان رشدي:
الكاتب الذي الذي يمد الجسور ويثير الجدل
التمزق بين الشرق والغرب والضياع الروحي موضوعان يقعان في مركز اهتمام الكاتب سلمان رشدي في روايته "آيات شيطانية"، التي تثير مرة أخرى بعد عشرين سنة من صدورها احتجاجات عارمة. مقال بقلم أنجلا شادر:
: احتجاجات على منح سلمان رشدي لقب "فارس"
التكتيك الشيطاني في تسخير الدين لأغراض سياسية
شهدت طهران وإسلام آباد مظاهرات حاشدة، إحتجاجا على قيام ملكة بريطانيا بمنح الكاتب سلمان رشدي لقب "فارس". ولكن هل تعبر هذه المظاهرات حقا عن سخط شعبي فعلي أم أنها مدبرة من أجل التغطية على المشاكل الداخلية والخارجية لتلك البلاد؟ تعليق بيتر فيليب.
تغطية قناة الجزيرة لقضية سلمان رشدي:
قراءة لملايين الأدمغة في العالم الإسلامي!
الخبر الادبي او الثقافي موضوع منح الملكة البريطانية الكاتب البريطاني من اصل هندي سلمان رشدي رتبة "فارس" تقديرا لمجمل اعماله الادبية، بل هي تجعل منه خبرا سياسيا بالدرجة الاولى. تعليق فيديل سبيتي