الإيرانيات في صراع الدجاج والديكة!
"لِمَ يفرق محمود أحمدي نجاد شعره من الوسط؟ والجواب هو لأنَّه يريد فصل الشعر الذكوري عن الشعر الأنثوي!" يتم تبادل مثل هذه النكتة بين النساء الإيرانيات عبر الرسائل القصيرة SMS، مثلما تقول الصحفية الإيرانية الفرنسية دلفين مينوي Delphine Minoui التي تبلغ من العمر أربعة وثلاثين عامًا وتكتب بصورة دورية تقارير صحفية من الشرق الأوسط لصالح وسائل الإعلام الفرنسية. ودلفين مينوي رصدت طيلة ثمانية أعوام حياة النساء اليومية في طهران ودوَّنت حصيلة ملاحظاتها في كتاب صدر باللغة الفرنسية تحت عنوان "Les pintades de Téheran" - ما يعني بالعربية "دجاجات طهران".
وتعدّ إيران واحدة من أكثر دول العالم تخلفًا فيما يخص حقوق المرأة. ولكن على الرغم من ذلك تنشط في الخفاء حركة معارضة. ففي الثلاثين عامًا منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران تمكَّنت النساء وبالتدريج من احتلال مكان لهن داخل المجتمع الإيراني؛ حيث تعتبر بنات الخميني، أي الفتيات والشابات اللواتي تبلغ أعمارهن نحو ثلاثين عامًا، على مستوًى جيِّد من التعليم، كما أنَّهن فخورات وواثقات بأنفسهن ويكافحن من أجل مكانتهن في هذا المجتمع الذكوري، حتى وإن كان يتحتَّم عليهن في بعض الأحيان دفع ثمن باهظ لقاء ذلك.
النكت باعتبارها سلاحًا
ولذلك فانَّ النكت تعتبر سلاحًا واسع الانتشار، حسب قول الصحفية دلفين مينوي. وتكمن قوة هذه النكات في أنَّها تُنشر بصورة سرية ومن دون ذكر اسم المسؤول عنها. إذ يتحتَّم على الناشطات والمدافعات عن حقوق المرأة أو المحاميات ممن يذكرن أسماءهن الخوف من إلقاء القبض عليهن. "وفي المقابل تجري النكتة مثل موجة تتحرَّك منتشرة في جميع أنحاء البلاد"، مثلما تقول دلفين مينوي مبتسمة وتضيف: "لا يمكن إلقاء القبض على النكتة".
وقبل عام تم حظر المجلة النسائية الوحيدة في إيران - مجلة "زنان". ولكن حركة المعارضة تبحث عن قنوات جديدة، على سبيل المثال عبر المدوَّنات التي يتم نشرها على شبكة الإنترنت أو عبر الرسائل القصيرة، حيث يتم التشكيك بسلطة الرجال. وتقول دلفين مينوي: "تقوم النساء الإيرانيات في المدوَّنات على شبكة الإنترنت بتعرية كلِّ شيء بمعنى الكلمة". وتضيف: "كما يتحدَّثن حول مشاكلهن الأسرية وحول دورهن في المجتمع وحول مشاكلهن الجنسية، وحتى إنَّ هناك مدوَّنات خاصة بنساء سحاقيات في إيران. وهذا العالم الافتراضي قد تحوَّل إلى مجال حقيقي للنقاش. وكذلك تحظى الدردشة على الإنترنت بشعبية كبيرة. ويستخدم الشباب شبكة الإنترنت من ناحية للتعرّف على بعضهم بعضًا، ولكن من الممكن أيضًا أن يتم استخدامها من ناحية أخرى لأغراض سياسية".
الثورة الهادئة
وبطبيعة الحال تخضع شبكة الإنترنت في إيران للرقابة. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال ظهور تنويه إلى "منع الدخول" في أثناء تصفّح موقع ما. ولكن حالما يتم إغلاق مواقع إلكترونية يتم أيضًا إنشاؤها من جديد، حسب قول الصحفية دلفين مينوي التي كان لا بدّ لها من خوض تجربة مع الرقابة - حيث تم قبل عامين سحب تصريح عملها، ومنذ ذلك الحين صارت تعيش في بيروت ولا تسافر إلاَّ بشكل مؤقت إلى إيران.
وتقول مينوي يجب إعادة سبر أعماق الحدود عن كثب. وتضيف أنَّ الوضع في إيران مثل أحمر الشفاه؛ فكثير من الإيرانيات يصبغن شفاههن باللون الأحمر اللامع ويتحمَّلن التعرّض لخطر العقوبات التأديبية من قبل شرطة الآداب. وفي الشارع والأماكن العامة يتم إجبارهن على مسح الماكياج بالقطن. ولكن في الركن المقابل يصبغن شفاههن من جديد باللون الأحمر. وحتى أنَّ بعضهن يوشمن شفاههن؛ وتطلق المؤلِّفة والصحفية دلفين مينوي على ذلك اسم "الثورة الهادئة"، وذلك لأنَّ هؤلاء النساء لا يملأن عناوين الصحف الدولية؛ بيد أنَّها واثقة من أنَّ "هؤلاء النساء يكافحن من أجل قضيتهن من الصباح وحتى المساء".
ما بين التقاليد والحداثة
وتتأرجح حياة الإيرانيات في يومنا هذا ما بين التقاليد والحداثة. والمصوِّرة الصحفية الإيرانية نوشا توكليان Newsha Tavakolian قامت بتوثيق هذه الهوية المزدوجة في صور فوتوغرافية. وتشاهد في لوحاتها فتيات وشابات يرتدين أزياء تقليدية في احتفالات دينية، وفي صور أخرى تجلس نساء يضحكن ويدخِّن في المقاهي ويكاد يتراخى الحجاب على أكتافهن. وإلى جانب هذه الصور عُلِّقت صور لأمَّهات يجلسن بجانب صور أبنائهم الشهداء وقد ارتسم الحزن على وجوههن.
وتظهر في الصورة المفضلة لهذه المصوِّرة التي يبلغ عمرها سبعة وعشرين عامًا فتيات إيرانيات أثناء ممارسة فنون الدفاع عن النفس - إذ أصبحت رياضة الكاراتيه واحدة من أكثر الرياضات المرغوبة لدى النساء الإيرانيات. ونوشا توكليان تعتقد أنَّ هذا ليس صدفة وتقول: "الإيرانيات لا يعتبرن ضحايا ولا يرغبن في أن يُنظر إليهن على هذا النحو. وهن قويات جدًا كما أنَّهن يعملن بجد من أجل تغيير وضعهن". وبطبيعة الحال ما تزال النساء في إيران محرومات من العديد من الحقوق التي تتمتَّع بها النساء في بلدان أخرى؛ بيد أنَّ نوشا توكليان تؤكِّد قائلة: "نحن نمر في هذه العملية وسنصل حيث وصل الآخرون!".
التقدّم في إيران
وتذكر مثالاً على التقدّم قائلة إنَّ النساء حصلن في العام 2004 على حقِّ حضانة الأطفال في حالة الطلاق. وقبل ذلك كان هذا الحقّ مقصورًا فقط على الآباء. وعلاوة على ذلك يزداد عدد الشركات التي تفضِّل توظيف النساء، وذلك لأنَّ النساء نشيطات جدًا في العمل ولأنَّهن متعلِّمات تعليمًا جيدًا، حسب قول المصوِّرة نوشا توكليان التي تضيف أنَّها تصالحت مع الرقابة فيما يخص عملها؛ إذ لا توجد ببساطة في عملها الفوتوغرافي صور لعمليات الإعدام وللبغاء والمخدرات. وعلى الرغم من ذلك يتم طبع صورها في مجلات مشهورة مثل مجلة "Time Magazine" ومجلة "National Geographic".
وتقول إنَّها تفرض الرقابة على عملها الخاص، وإنَّها تضطر إلى فعل ذلك لكي تستطيع العمل في إيران والبقاء على قيد الحياة. وتتابع قائلة: "إذا طلبت مني مجلة ما على سبيل المثال تصوير صور من حفلة لشباب في إيران - صور لشباب غير متزوجين يرقصون ويستمتعون، فأنا أرفض ذلك ببساطة؛ لأنَّ هذا لن يخلق لي إلاَّ مشكلات ومتاعب. وأنا لا أريد فقدان تصريح عملي بسبب صورة كهذه يُزعم أنَّها مهمة للغاية".
كلاوديا هنِّين
ترجمة: رائد الباش
حقوق الطبع: دويتشه فيله 2009
قنطرة
حقوق المرأة في إيران:
استراتيجية الخطوات البطيئة
على الرغم من أنَّ وضع المرأة قد تحسَّن بعد ثلاثين عامًا من الثورة الإسلامية في إيران، لكن ما تزال توجد فيه عيوب ونواقص كبيرة. ويتَّضح هذا أيضًا في مثال المحامية الإيرانية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، شيرين عبادي التي طالتها أيضًا يدّ الملاحقة. تقرير من كاتايون أميربور.
إغلاق مجلة "زنان" النسوية في إيران:
إسكات لصوت الحرية وتنكيس لراية المساواة
اشتهرت المجلة الإصلاحية النسوية الإيرانية "زنان" بدعمها لحقوق المرأة وبدفاعها عن الإسلام النسوي، بيد أن السلطات الإيرانية سحبت ترخيص هذه المجلة بدعوى تهديدها لسلامة المجتمع الإيراني فكريا ونفسيا. مارغوت بدران تلقي الضوء على الإنجازات التي حققتها هذه المجلة.
عمليات التجميل في إيران:
حين تتحول جراحة التجميل إلى موضة
تتشابه الشابات في "مقهى برازيليا" في طهران إلى درجة تثير الريبة. يعتقد المرء من النظرة الأولى أن الموضة هي السبب: بلوزة على ثياب ضيقة، حذاء مدبب، شال رقيق فوق الشعر. وكذا حين تقع النظرة الثانية على الأنوف: فهي تتميز بالصغر والجمال، وتمنح الوجوه مسحة ساذجة أشبه بأنوف أرنبية يصعب تمييزها عن بعضها البعض. تقرير شارلوتة فيدمان.