رغبة الأردن في دعم ألماني بلا شروط أمريكية
استهلت المستشارة أنغيلا ميركل زيارتها، التي تستمر يومين للأردن ولبنان (يونيو / حزيران 2018) بحلقة نقاش مع نحو مائة طالب في الجامعة الألمانية الأردنية. غير أن موضوع اللاجئين يتصدر اهتمامات المستشارة وبات يربط بين أجندتها الداخلية والخارجية. تأتي زيارة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل للأردن وبعدها لبنان في سياق دقيق تجتاز فيه المنطقة تحولات جذرية لا تملك برلين كل مفاتيحها. فالأردن يعاني أزمة اقتصادية حادة، زاد من تفاقمها خلال السنوات الماضية تدفق غير مسبوق للاجئين من الجارة السورية، بسبب الحرب الأهلية الدامية. أضف إلى ذلك انقطاع إمدادات الغاز المصري وإغلاق حدود الأردن مع سوريا والعراق بعد سيطرة تنظيم "الدولة الاسلامية" على مناطق واسعة فيهما.
عنوان زيارة ميركل يقوم على دعم استقرار الأردن، لأن ترك هذا البلد يواجه لوحده معضلة اللاجئين، قد يؤدي لانهياره مع ما كل لذلك من تداعيات غير محسوبة العواقب ليس فقط على المنطقة وحدها، ولكن أيضا على أوروبا وبالتحديد ألمانيا. ويقول عريب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية "ما حصل في الأردن أمر غير مسبوق، إذ أعاد الاعتبار لروح الربيع العربي، وهذا أمر مقلق للغاية" بالنسبة للدول العربية في المنطقة. تقدير ألماني لدور الأردن أعربت المستشارة ميركل عن تقديرها لما يقدمه الأردن للاجئين قائلة: "نود أن نكثف تعاوننا على مساعدة اللاجئين، لكن دون أن نغفل المجتمع الأردني. فالأردنيون يطمحون أيضا لمستقبل أفضل، ويستحقون مستقبلا أفضل لهم ولأسرهم".
ووفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فإن الأردن يستضيف حوالي 700 ألف لاجئ (حوالي عُشر سكان البلاد)، فيما يقول الأردن إن عددهم يتجاوز المليون. كما تشير التقديرات إلى أن عدد اللاجئين السوريين في لبنان يقترب من المليون. وبهذا الصدد أوضحت بينته شيلَر مديرة مؤسسة هاينريش ـ بول الألمانية في بيروت أن "اللاجئين يمثلون في البلدين (الأردن ولبنان) أحد المشاكل الرئيسية". واستطرت قائلة إن لدى البلدين إحساسا بأنهما تركا ليواجها هذه المعضلة لوحدهما. وتسعى ميركل لدعم المملكة الهاشمية كبلد مستقر في محيط إقليمي هش ومتأزم في خضم مشاكل اقتصادية عويصة تواجهها المملكة. توقعات الأردنيين من ميركل أوضحت الصحافية والمحللة السياسية الأردنية لميس أندوني أن "الأردنيين ينظرون لزيارة المستشارة ميركل في سياق سياسي أوسع له علاقة بزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل أيام وما قيل عن خطة عسكرية أمريكية للتحرك في الجبهة الجنوبية السورية، إضافة لإعداد الإدارة الأمريكية لخطة سلام لم تعلن تفاصيلها بعد باتت تسمى من الآن بصفقة القرن...لذلك فالأردنيون ينتظرون موقفا ألمانيا مختلفا ومتباينا مع الموقف الإسرائيلي والأمريكي".
فالأردنيون محتاجون لدعم ألماني في موضوع اللاجئين لكن دون شروط أمريكية، لأنهم "لا يعرفون بعد بالضبط الدور المستقبلي الذي تسعى الإدارة الأمريكية لأن تلعبه في المنطقة". وبشأن اللاجئين قالت أندوني: "لفت نظري تصريح للملكة رانيا قبل أيام قالت فيه إن العالم يجب أن يرحب باللاجئين بصدر رحب، فهل يعني ذلك مطالبة بالمساعدة في تحمل العبء؟ والأردن يعاني نقصا من حيث المساعدات الخارجية للاجئين". واستطردت "واضح أن القصر يقول لألمانيا نريد مساعدتكم في موضوع اللاجئين". ويمثل دعم دول المنطقة المستقبلة لأعداد كبيرة من اللاجئين، مثل الأردن ولبنان وتركيا، مكونا أساسيا من سياسة الهجرة الأوروبية. وتسعى ميركل من خلال تحسين وضع اللاجئين في دول الجوار السوري إلى جعلهم لا يفكرون في الهجرة إلى أوروبا. وبهذا الصدد، سبق لوزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي أن أكد أن الأردن تجاوز طاقته الاستيعابية وحذر من تبعات تراجع الدعم الدولي لمنظمات الأمم المتحدة التي تقدم الدعم للاجئين وللدول المستضيفة.
"مهم جدا أن يكون هناك دعم ألماني، وإن كنت أعتقد أن الأزمة في الأردن لا تعود إلى اللاجئين، وإن كانت هذه المشكلة فاقمت من الأزمة الاقتصادية"، تقول لميس أندوني. وترى الصحفية الأردنية أن سياسة الغرب تجاه الأردن تتضمن مفارقة أساسية "الغرب يقول للأردن: نحن لن نضحي باستقرارك. لكن هذا سلاح ذو حدين، فمن جهة يطمئن الأردنيين ولكن من جهة أخرى، إذا كان ذلك مقرونا بثمن سياسي باهظ، فهذا سيخلق ضغطا وردود فعل عكسية سيكون معناها، وكأن الغرب يقول في الوقت ذاته نحن مستعدون للتضحية بكم". حقوق النشر: دويتشه فيله 2018 ar.Qantara.de