إعادة اكتشاف موسيقى عبد الوهاب عالميا
هو فريق يجمع موسيقيين من مختلف أنحاء العالم ويقدم منذ تسعينيات القرن الماضي، موسيقى عالمية بالمعنى الحرفي للكلمة. يقدم الفريق الذي أسسه رايموند كروبوت في مدينة كولونيا الألمانية، أعمالا أوروبية وإيرانية وعربية وتركية ومن جنوب شرق أوروبا. ونجح أعضاء الفريق المبدعين عبر موسيقاهم الجذابة في إثارة حماس الجماهير وحثهم على التهليل والرقص خلال حفلاتهم العديدة.
في عام 2010، أطلق بعض أعضاء الفريق مشروعا جديدا اسمه "أوركسترا تبادل" وهي فرقة موسيقية تركز عملها على فنان فريد من نوعه لم يثْرِ بأعماله العالم العربي فحسب، بل وصل صيته بشكل كبير للغرب أيضا، إنه الموسيقار والممثل المصري الأسطوري محمد عبد الوهاب (1902-1991).
رائد ومجدد للموسيقى العربية
يصنف محمد عبد الوهاب مع سيد درويش كأحد رواد الفن العربي في القرن العشرين، وذلك نظرا لألحانه المبدعة وتقنياته الفنية المميزة. ولد عبد الوهاب في القاهرة عام 1902 وتعلم تلاوة القرآن في طفولته. وجمع عبد الوهاب الجانبين التقليدي والعصري في شخصيته.
أسس الفنان الجذاب والذكي أول شركة اسطوانات متخصصة في مصر وأدرك مبكرا أهمية الأفلام كوسيلة لتسويق الأعمال الموسيقية في العالم العربي. وفي ثلاثينات القرن الماضي كتب عبد الوهاب ولحن أول فيلم مصري موسيقي ليبدأ بذلك هذا الشكل الفني الذي حظي بنجاح باهر في الأربعينيات.
الشجن الطربي
يوضح أودو مول -عازف البوق وأحد مؤسسي أوركسترا تبادل- طريقة تعامل الفرقة الموسيقية مع مقطوعات عبد الوهاب قائلا: "قمنا بتقصير معظم مقطوعات عبد الوهاب بشدة، لا نتفاعل كأوروبيين مع الكثير من المقطوعات لأن توجهنا أوروبي والطرب لا يصلنا لأننا لا نفهم اللغة العربية. الكثير منا يقول لنفسه بعد مرور عشر دقائق: الأمر جيد الآن لأن الكثير من الأشياء تتكرر ولأن الشجن يجذب بشدة".
قام أودو مول وزملائه في أوركسترا تبادل بتقليص مقطوعات عبد الوهاب بشكل مركز يميل لموسيقى الروك لتتناسب مع المستمع الغربي. ربما تسببت النزعة التجديدية والاتجاه للموسيقى الإلكترونية لدى عبد الوهاب، الذي دمج أشكالا موسيقية من مختلف أنحاء مصر، في تسهيل عمل أعضاء أوركسترا تبادل والخروج بمقطوعات مناسبة للمستمع الأوروبي.
وبجانب الوتريات التقليدية المسيطرة على الموسيقى المصرية، وسع عبد الوهاب المجال ليستعين بآلات موسيقية مثل الغيتار والبيانو لاسيما في النسخ الإلكترونية. واستخدم عبد الوهاب في ألحانه أيضا الإيقاعات الغربية واللاتينية مثل الرومبا والتشاتشا وإيقاعات الفالس والسوينغ-جاز. كما نقل عبد الوهاب دون تأنيب ضمير، نغمات كاملة من أعمال عالمية إذ أن مسألة حقوق الملكية لم تكن مثيرة لاهتمام أحد آنذاك.
تعاون مع فنانين لبنانيين
شهدت أوركسترا تبادل تغييرات مع مطلع عام 2013 إذ غادر بعض الفنانين فريق "شيل سيك براس باند" Schäl Sick Brass Band، كما أدخلت بعض الآلات على الفريق وهي الكونتراباص والفيبرافون. وفي العام نفسه بدأ الفريق في التعاون مع فنانين شباب مغمورين من بيروت تخصصوا في الأعمال المصورة لينطلق مشروع عبد الوهاب Wahab.
واستقى مصمم الأداء مازن كرباج وفنان الفيديو رائد ياسين من أفلام عبد الوهاب الغنائية، استعراضات مسرحية حية تعكس الوضع الاجتماعي والفني للشرق الأوسط في القرن الحادي والعشرين.
تعمل الأوركسترا منذ عام 2013 بانتظام مع المغني اللبناني الشاب رابح لحود، كما تشارك الممثلة والمغنية اللبنانية ساندي شمعون الأوركسترا للمرة الأولى في جولتها الجديدة التي تضم مدينة كولونيا الألمانية ولبنان ومدينة دبي الإماراتية.
وبمناسبة أول مشاركة لها مع الأوركسترا في مدينة كولونيا بألمانيا قالت شمعون: "تعرفت على فرقة أوركسترا تبادل في بيروت وأنا سعيدة بالتعاون معها". وعن أثر محمد عبد الوهاب في الموسيقى العربية أضافت شمعون: "كان محمد عبد الوهاب رومانسيا. غنى للحب والحنين وأثرت أعماله على أجيال كاملة وحتى نحن كشباب في لبنان نحمل أعماله بداخلنا. هذا أمر يربط الناس عبر الأجيال والحدود".
مارتينا صبرا
ترجمة: ابتسام فوزي
حقوق النشر: قنطرة 2015