مصر السيسي...سلطوية العسكر تخسف بحرية الرأي إلى الحضيض
كيف تقيم أنت وغيرك من النشطاء والصحفيين، إطلاق سراح الناشط علاء عبد الفتاح؟
عمر هاميلتون: هو خبر جيد جدا بالطبع للوهلة الأولى، لكنه بالتأكيد لا يبعث على الشعور بالحماس، ربما بوسعنا الحديث عن استراحة لالتقاط الأنفاس فقط، فالقضية ستتواصل والاتهامات ستبحث من جديد، القاضي تنحى عن نظر القضية ولا نعرف السبب بالتحديد. لا يمكن لأحد في مصر تخيل أن البلاد تسير على الطريق السليم لتحقيق دولة القانون طالما لم يتم إسقاط كافة الاتهامات وإبطال قانون التظاهر الصلد.
ما هي الرسالة التي ترغب الحكومة والقضاء في إيصالها من خلال إطلاق سراح عبد الفتاح؟
عمر هاميلتون: من الصعب قراءة أفكارهم. سناء شقيقة علاء تقبع هي الأخرى في السجن منذ الحادي والعشرين من حزيران/ يونيو الماضي (2014) بنفس التهمة وهي التظاهر. دخلت سناء في إضراب عن الطعام منذ 20 يوما وجلستها المقبلة ستكون في الحادي عشر من تشرين أول/ أكتوبر المقبل (2014). بعد ثلاثة أيام أعلن القاضي تنحيه عن النظر في القضية.. يبدو أن الدولة تعطي بيد وتأخذ بالأخرى..أسباب تنحي القاضي عديدة ربما هناك رغبة في تكليف قاضٍ أكثر صرامة وربما شعروا بالحرج بعد عرض الفيديو الخاص بزوجة علاء والذي تمت مصادرته لدى تفتيش منزلهما ليلا دون أي سند قانوني، الأمر الذي أثار ضجة على مستوى الإعلام العالمي.
هل يؤثر الخط الذي تسير عليه الحكومة، على منتقديها وعلى عملك أنت شخصيا كصحفي؟
عمر هاميلتون: كل شيء زاد صعوبة فالسلطوية وصلت لمرحلة متقدمة، مرحلة محزنة لم تصل إليها حتى في ظل حكم مبارك. ثمة محاولات مكثفة لإسكات الأصوات المنتقدة سواء في الجامعات أو داخل الحقل الإعلامي أو المؤسسات غير الحكومية ومنظمات حقوق الإنسان. نتحدث هنا عن إجراءات ممنهجة وقاسية. يعرف هؤلاء الناس بدقة، الدوائر التي ولدت فيها الثورة والشبكات التي أبقتها على قيد الحياة، وهم يعملون على ضرب هذه النقاط واحدة تلو الأخرى، وهو ما يصعب عملنا للغاية في اللحظة الراهنة. يمكن الآن أن تتعرض للاعتقال لأي سبب..كوضع ملصق في مكان ما أو حتى لحمل خطاب شخص معتقل في جيبك.
هل تعرضت أنت أيضا للحبس في ظل الحكومة الجديدة؟
عمر هاميلتون: لا..تم احتجازي فقط لفترة قصيرة في إحدى المرات وفي مرة أخرى، جرى التحفظ على المعدات التي كانت بحوزتي خلال إحدى المظاهرات.
بعد مرور مائة يوم على حكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كيف تقيم مجهوده في مجال حرية الرأي وكم درجة من عشرة يمكن أن يحصل عليها؟
عمر هاميلتون: صفر. أول شيء فعلته الحكومة بعد تقلد الحكم كان غلق كافة المحطات التليفزيونية غير المحببة لهم ثم غلق المحطات الأخرى المتبقية للقوى المعارضة، علاوة على ذلك تزيد التكهنات بشأن تطوير نظام إلكتروني يمكنه رصد العبارات المكتوبة بالعربية الدارجة على مواقع التواصل الاجتماعي. كما أن جميع القنوات الفضائية التي كانت مستقلة حتى الآن، صارت تنتهج خط الدولة. هناك 25 شخصا يتحكمون في الإعلام، وحين يتمكن المرء من جلب هؤلاء الناس إلى جانبه فيعني هذا حل جميع مشكلات الحكومة. أما الصحف المستقلة التي تجرؤ على انتقاد الحكومة فهي تعرف الخطوط الحمراء التي لا يمكن لمحرريها تجاوزها بأي حال من الأحوال. بشكل عام يمكن القول إن حرية الرأي وصلت إلى الحضيض.
برأيك ما هي الخطوات التي يجب اتخاذها على الفور لدعم حرية الرأي والتعبير وإعادتها للطريق السليم؟
عمر هاميلتون: الأمر بسيط للغاية، يتعين فقط على الحكومة التوقف عما تفعله الآن. الوسط الإعلامي الذي تواجد بعد سقوط مبارك اتسم بالحيوية لحد كبير فالإعلام المستقل كان يجرؤ على التعبير عن رأيه. لا يتعين على الحكام في الواقع فعل أي شيء لضمان حرية التعبير، كل ما عليهم هو التوقف عن قمعها.
حاورته: سيلا أونيكو
ترجمة: ا.ف
حقوق النشر: دويتشه فيله/ قنطرة 2014
عمر روبرت هاميلتون هو منتج أفلام مصري يكتب للعديد من الصحف المصرية والعالمية من بينهما صحيفة "غارديان" وهو أحد مؤسسي حركة "مُصِرّين" التي تضم نشطاء مصريين وتنتقد أعمال العنف في حق المواطنين.