مصر: انتفاضة شعبية مصرية على قصور السيسي الرئاسية؟
فجأة زال الخوف. لم يُصدِّق المصريون أعينهم يوم الجمعة الماضي 20 / 09 / 2019 عندما شاهدوا على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لمظاهرات خرجت بشكل متزامن في كلّ من ميدان التحرير وسط القاهرة وفي العديد من الأحياء الأخرى داخل العاصمة المصرية، وفي الجيزة والإسكندرية والسويس ومدينتي المحلة والمنصورة في دلتا النيل. وقد دعا المتظاهرون إلى إسقاط الرئيس عبد الفتاح السيسي - مستخدمين نفس الشعارات، التي ردَّدوها خلال الربيع العربي في مصر، عندما طالبوا برحيل حسني مبارك.
لم تكن هذه المظاهرات مليونيات حاشدة كما كانت في الربيع العربي قبل ثماني سنين. بل شوهد في بعضها عشرات الأشخاص فقط، وأحيانًا بلغت أعدادهم ربَّما بضع مئات. ولكن الحدث المهم هو أنَّ هذه المظاهرات تمكَّنت من الخروج. ومن بين الشعارات التي ردَّدها المتظاهرون: "قول ما تخافشِ السيسي لازم يِمْشِي".
الشجاعة للاحتجاج
تمكَّن جهاز الأمن المصري طيلة سنين من فرض حظر عام على المظاهرات بيدٍ من حديد. ولذلك فإنَّ مَنْ يتظاهر في الشوارع بمصر، لا يزال يجازف مجازفة شخصية كبيرة بتعرُّضه للاعتقال واحتجازه عدة سنين. ولكن مع ذلك فقد كان يبدو أنَّ هذا الأمر لم يكن مهمًا بالنسبة لمعظم الشباب الذين شوهدوا في المظاهرات.
تم اعتقال أربعة وسبعين شخصًا على الأقل، مثلما ذكرت وكالة فرانس برس نقلًا عن دوائر أمنية. ولكن هذا لم يمنع بعض المراهقين من التظاهر في السويس من جديد يوم السبت الماضي (21 / 09 / 2019) قبل أن يتم تفريقهم بالغاز المسيل للدموع. أمَّا في ميدان التحرير في القاهرة فقد ضمن التواجد الكبير لقوَّات الأمن منذ البداية عدم تكرار أحداث يوم الجمعة.
تحرَّكت الاحتجاجات بسبب ظاهرة تحبس أنفاس هبة النيل منذ أسبوعين. فقد بدأ مقاول بناء كان غير معروف حتى ذلك الحين اسمه محمد علي - عمل طيلة خمسة عشر عامًا كمتعاقد مع الجيش المصري وهو يعيش الآن في إسبانيا - في الكشف عن أسرار في مقاطع فيديو ينشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.
كاشفٌ عن الفساد من داخل دوائر الجيش
وكشخص يريد الإبلاغ عن خروقات وفساد من الدائرة الداخلية لنشاطات الجيش التجارية الواسعة النطاق، كشف محمد علي عن تفاصيل مفترضة بمليارات الجنيهات المصرية في نشاطات عقارية وقد اتَّهم السيسي شخصيًا مع ذكره تفاصيل لاذعة بتبديد مبالغ هائلة من المال العام على بناء قصوره الرئاسية.
محمد علي نفسه - الذي كان يكسب من هذه النشاطات التجارية، لكنه بات الآن كما يبدو بوضوح شخصًا مسخوطًا عليه لأنَّ الجيش مدين له بأموال كثيرة - يبدو لهذا السبب أقل جاذبية، ولكنه يتحدَّث بلهجة شعبية مفهومة لجميع الناس في مصر.
بدأ المصريون في النقر على مقاطع الفيديو ومشاهدتها بأعداد كبيرة وصاروا ينتظرون مشاهدة التتمة كلَّ يوم بفارغ الصبر - كما لو أنَّهم يتابعون مسلسلًا تلفزيونيًا. ولكن لم يتوقَّف الأمر عند هذا الحدّ. فمع انهيار الجليد، صار يقوم الآن أشخاصٌ آخرون بالكشف عن النشاطات المالية السرِّية الخاصة بعبد الفتاح السيسي والجيش، ويؤكِّدون بعضًا من الاتِّهامات المُوجَّهة من قِبَل محمد علي ويقدِّمون حتى اتِّهامات جديدة.
داخلين على ٣٦ ساعة والتحقيقات شغالة، نقلوها لمحكمة زينهم، حوالي ١٠٠محامي ومئات الضحايا، وعشرات من وكلاء النيابة،،،
لكن سامح شكري وزير خارجية الثورة المضادة بيقول مفيش مظاهرات ومفيش حاجة.
عايز تصدقه، شوف الوضع وانت ماشي على ايدك. https://t.co/0jisFDviKm— Gamal Eid (@gamaleid) September 23, 2019
"ليه يجوّعنا وهو يعيش في قصور، ليه ست تاكل من الزبالة؟"
من الواضح أنَّ قصة تبديد الأموال العامة على بناء القصور الرئاسية قد أصابت عصبًا حسَّسًا في مصر، البلد الذي يعيش ثلث سكَّانه وفقًا لإحصائيات حكومية حديثة تحت خطّ الفقر بأقل من واحد ونصف يورو في اليوم. وفي إحدى المظاهرات صرخت امرأة أمام كاميرا هاتف محمول، قبل أن ينتشر مقطع الفيديو هذا على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلةً: "ليه يِجَوَّعنا وهو يعيش في قصور … ليه سِتّ كبيرة تأكل من الزبالة؟".
غير أنَّ ردّ السيسي الوحيد حتى الآن على هذه الاحتجاجات لم يساهم كثيرًا في تهدئة الهيجان. حيث قال السيسي: "أنا بنيت قصورًا رئاسية - وسأبني المزيد"، لأنَّ هذه القصور - كما يقول السيسي - ليست له بل هو "يعمل دولة جديدة".
وبحسب تعبير السيسي: "هل تعتقدون أنَّكم عندما تكلمونني بالباطل تخيفونني؟ أم ماذا؟ أنا أعمل وأعمل وأعمل من أجل مصر … الجيش الموجود يعرف عني كذا وعندما تقولون عن قائده العام كذا فإنَّ هذا كلام خطير". ثم أضاف: "هذا هو جيش مصر، جيش مصر، جيش مصر - مركز الثقل الحقيقي ليس في مصر وحدها بل في المنطقة كلها". ولكنه مع ذلك، لم يُعلِّق بكلمة واحدة على الاتِّهامات المحدَّدة.
لم يكن في مصر أي شخص تقريبًا يعتقد بإمكانية نجاح مقاطع الفيديو الخاصة بمحمد علي في إحياء الاحتجاجات من جديد في شوارع مصر - حتى وإن كانت هذه الاحتجاجات قد خرجت على مستوى صغير. من غير الواضح تمامًا مَنْ الذي قام بتنسيق الاحتجاجات المتزامنة تقريبًا في يوم الجمعة الماضي. فقد فوجِئَتْ المعارضة الصغيرة المتبقية بهذه المظاهرات تمامًا مثلما فوجئ بها نشطاء ميدان التحرير السابقون.
دليل على وجود صراعات داخلية على السلطة؟
يتكهَّن الكثيرون بأنَّ في داخل الجيش وقوَّات الأمن والنظام صراعًا على السلطة يمكن أن يندلع من أجل تحديد مسار مصر المستقبلي ومصير عبد الفتاح السيسي. ويعتقد البعض أنَّ المقاول محمد علي مجرَّد دمية ضمن هذا الصراع، وأنَّ الاحتجاجات أيضًا قد تم تنظيمها من قِبَل هذه الجهات.
ويزيد من حدة هذه التكهُّنات تصريحاتٌ قيل إنها صَدَرَتْ عن سامي عنان، وهو رئيس الأركان السابق ومرشَّح رئاسي سابق معارض للسيسي يتمتَّع بنفوذ واسع. يقضي سامي عنان عقوبةً بالسجن لمدة عشر سنين، وقد تم نقله إلى مستشفى عسكري. على صفحته على فيسبوك، دعا سامي عنان وزير الدفاع محمد زكي إلى اعتقال السيسي، مع أنَّ ابنة سامي عنان قد نفت أنَّ مصدر هذه الدعوة من والدها. ولكن تظل الحقيقة أنَّ هناك تساؤلات حول محمد علي والاحتجاجات أكثر من وجود إجابات.
بقول للمذيعة : تقدري تتصوري عدد المتظاهرين لما تعرفي ان عندنا قائمة فيها حوالي 400 محتجز ومختطف حتى الان فقط.
صحفي الاهرام: لأ السجون مفيهاش 400 مسجون.
أنا : انا مش بتكلم عن اللي في السجون ، بتكلم عن محتجزين ومختطفين من مظاهرة الجمعة فقط.
صحفي الاهرام : صمت و ،، صرصور الحقل.— Gamal Eid (@gamaleid) September 23, 2019
ولكن حتى وإن كان كلُّ هذا الأمر قد تم توجيهه من قِبَل طرف داخل النظام أو القوَّات المسلحة أو أنصار حسني مبارك السابقين، فإنَّ هذه الأحداث قد تتطوَّر في النهاية إلى حركة لا يمكن أن يسيطر عليها أحد.
يزيد من صحة هذا الاحتمال وجود بعض التغييرات هذا العام 2019 في أماكن أخرى من هذه المنطقة التي يُفترض أنَّها مستقرة سياسيًا - مثلًا في السودان أو الجزائر، حيث يتابع المصريون باهتمام كبير وبصفة خاصة تشكيل حكومة انتقالية مدنية تم التفاوض عليها مع الجيش قبل بضعة أسابيع في السودان.
ومع زيارة السيسي إلى نيويورك في فترة التحضير لانعقاد الجمعية العامة للأمم المتَّحدة، ينتظر حاليًا الجميع في مصر ما يحدث بعد ذلك. وفي هذه الأثناء، يواصل محمد علي وبنشاط تصويره مقاطع فيديو جديدة ونشرها. وفي آخر حلقة من سلسة فيديوهاته، دعا محمد علي إلى مواصلة الاحتجاجات يوم الجمعة القادمة.
كريم الجوهري
ترجمة: رائد الباش
حقوق النشر: موقع قنطرة 2019
تذكير: اول دولة اعترفت بثورة يناير كانت النرويج،،
امريكا من الدول التي اعترفت بها متاخرا،،
السعودية وإسرائيل والامارات لم يعترفوا بها وحاربوها،،
فك يو ترامب، وملعون حكام الثالوث المقرف.
الحرية والديمقراطية لمصر.— Gamal Eid (@gamaleid) September 23, 2019
لا أخاطب أو ارد على الاخوان الشتامين عديمي الشرف، كلامي للمحترمين منهم:
كلنا مواطنين مثلنا مثلكم، لكن لا دين ولا عسكر في السياسة، مارسوا الدعوة، وابتعدوا عن السياسة.
حين نسترد الديمقراطية،سيفرج عن كل ابريائكم وابريائنا.
اصراركم على السياسة يعطل ويخرب كل فرصة للديمقراطية.
مجرد رأي— Gamal Eid (@gamaleid) September 23, 2019