طريقة جديدة لوصول الأدب العربي إلى قُرّاء أكثر حول العالم
حملة A Bird is not a Stone (طائر ليس بحجر)، التي انطلقت في مطلع عام 2014، دعمت مجموعة شعرية فلسطينية. هذه الحملة لم تحظَ باهتمام إعلامي كبير ولم تلقَ تمويلاً هائلاً مثل حملة إنتاج فيلم أو بعض الحملات السياسية، أو مثل حملة أمريكية لعمل سلطة بطاطس جمعت 55492 دولاراً. محررا المجموعة الشعرية، سارة إيرفينغ وهنري بيل، هدفا إلى جمع مبلغ معقول يقدر بثلاثة آلاف جنيه استرليني، وهو مبلغ سيغطي تكاليف سفر مجموعة مختارة من الشعراء الفلسطينيين إلى اسكتلندا، بالإضافة إلى كلفة توزيع إضافية للكتاب. وقد سعد المحرران بتجاوز المبلغ المحدد بـ540 جنيهاً استرليني.
لقد كان لإيرفينغ وبيل عدد من المميزات بالمقارنة بالحملات الأدبية الأخرى للتمويل الجماهيري، أولاها أن كتابهما يجمع أعمال 25 شاعراً فلسطينياً و25 مترجماً أدبياً اسكتلندياً. حول ذلك، كتبت إيرفينغ في رسالة بريد إلكتروني: "أعتقد أن ما سهّل إنجاح الحملة وجود عدد كبير من الشعراء المعروفين ممن يمتلكون اتصالات جيدة".
وأضافت تقول: "لكنني أعتقد أن هناك عوامل أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار"، ومن بينها الاهتمام العام بفلسطين. وتتابع إيرفينغ بالقول: "لذلك، هناك الكثير من التضامن والصلات السياسية، التي أعتقد أنها ساهمت في نشر الحملة".
نجاحات وإخفاقات
إلا أن حملة "طائر ليس بحجر" ليست حملة التمويل الجماهيري الوحيدة لترجمة الأدب التي نجحت خلال هذا العام. فقد نجحت حملة "الرحالة المتوطّنون"، وهي مجموعة من الأشعار الصحراوية جمعها الشاعر والمترجم الإنجليزي سام بيركسون، في الوصول إلى هدفها. وكان هدف الشاعر من الحملة هو "زيارة مخيمات اللاجئين الصحراوية مجدداً في الجزائر من أجل جمع الأشعار الصحراوية وترجمتها ونشرها من خلال دار إنفلكس بريس".
ومن خلال 51 داعمًا، تجاوز بيركسون هدف حملته المتواضع والبالغ 1100 جنيه استرليني بـ236 جنيهاً. وما يلفت الانتباه هو أن كلا المشروعين لديهما عقد مسبق مع ناشر وكلاهما طلب مبلغاً بسيطاً من المال.
ولكن رغم ذلك، لم تكن جميع حملات التمويل الجماهيري للترجمات الأدبية ناجحة. ففي الخريف الماضي، قامت دار نشر "دارف" بإطلاق حملة تمويل جماهيري لدعم ترجمة ملحمة أليساندرو سبينا "حدود الظل"، والتي يبلغ طولها 1300 صفحة، إلى اللغة الإنجليزية. سبينا هو الاسم المستعار للكاتب باسيلي شفيق خزام، المولود في بنغازي. ورواياته ذائعة الصيت، الصادرة بالإيطالية، تروي تاريخ ليبيا ما قبل الاستعمار.
لم تنجح دار نشر دارف في جمع أكثر من 325 جنيها من هدفها الأصلي البالغ ثمانية آلاف جنيه استرليني، رغم أن الحملة ظلت سارية لمدة شهرين، بين الرابع والعشرين من أغسطس وحتى الثالث والعشرين من أكتوبر 2014. وقال أندريه نفيس ساحلي، المترجم الذي يعمل في هذا المشروع، إنه لم يكن متأكداً من سبب فشل الحملة، في حين نجحت حملة "طائر ليس بحجر"، إلا أنه يتفق مع كون فلسطين أهم من ليبيا في أي وقت بالنسبة للعقلية الغربية.
ما بعد الترجمة
لقد سمحت مشاريع أخرى لناشرين ومؤلفين ومحبي كتب عرب بتخطي حدودهم، إذ استضاف موقع "ذومال" الإلكتروني، وهو موقع للتمويل الجماهيري مصمم لدعم المشاريع العربية، حملة "الكندي" الناجحة، التي هدفت إلى خلق مساحة ثقافية في مدينة طرابلس اللبنانية. فقد تمكنت منظمة الحملة، نجوى سحمراني، من جمع 25 ألف دولار بهدف إنشاء مكتبة ومساحة لإقامة النشاطات الأدبية والثقافية.
وكما هو الحال مع المشاريع الناجحة، جاءت سحمراني إلى عالم التمويل الجماهيري بعدد من الداعمين وخطة جيدة الإعداد، إذ قامت مسبقاً بإجراء مقابلات مكثفة مع سكان مدينة طرابلس حول توقعاتهم من هذه المساحة الثقافية.
وما يميز المشاريع التي نجحت مؤخراً، باستثناء ظاهرة مشروع سلطة البطاطس الحاصل على 55 ألف دولار، هو أنها كانت قد وصلت إلى مرحلة متقدمة من التخطيط قبل أن يتم الإعلان عنها في موقع التمويل الجماهيري، وبالتالي، فإن الداعمين يكونون على علم بما يدعمونه.
الأكاديمية وفنانة المسرح المصرية نسرين حسين كانت قد أطلقت مؤخراً حملة لتمويل تحويل مقالتها الأكاديمية بعنوان "مدينتي، ثورتي" إلى عمل فني استعراضي. وقبل إطلاقها للحملة، كانت حسين قد نشرت المقالة ووجدت مساهمين في إنتاج العمل الاستعراضي، بالإضافة إلى مكان لعرض عملها، ألا وهو مسرح "ريتش ميكس" في لندن. وسيكون هدف التمويل الإضافي المساعدة في جلب المشروع إلى القاهرة. ومع انقضاء نصف وقت الحملة، تمكنت حسين من جمع 920 من أصل هدفها البالغ 1500 جنيه استرليني.
مختلف وليس أسهل
من جانبها، تقول المخرجة المسرحية الأمريكية سارة زاتز، التي أدارت وتابعت عدداً من مشاريع التمويل الجماهيري الناجحة، إن حملة التمويل الجماهيري الجيدة تتطلب متابعة يومية. كما تحث أولئك الذين يطلقون حملات جديدة على إبقاء ميزات التبرّع بسيطة، لأن الداعمين لا يأتون من أجلها. وتضيف زاتز: "قم بعرض أشياء لها قيمة ولكنها لا تكلف كثيراً ولا تتطلب جهداً كبيراً لتحقيقها".
وتتابع المخرجة بالقول: "يبدو أن غالبية التبرعات عادة ما تأتي في الأسبوع الأخير. وعندما نبدأ بالاقتراب من هدف الحملة، تبدأ الأمور بالتدحرج. أعتقد أن الناس يريدون أن يكونوا جزءاً من ’لحظة الانقلاب’، ولكن ذلك يتطلب شيئاً من الحث".
قد يكون التمويل الجماهيري بديلاً لطلبات المنح، بحسب ما تقول سارة إيرفينغ، التي شاركت في إدارة حملة "طائر ليس بحجر" الناجحة، ولكن ذلك لا يعني أن الحصول على التمويل أمر سهل.
وتقول إيرفينغ: "لست متأكدة من كون التمويل الجماهيري أسهل أو أقل جهداً من طلبات المنح أو أية وسائل تمويل أخرى. إنه أمر مختلف وله مزاياه وعيوبه. نحن نقوم بالأمرين (التمويل الجماهيري والمنح) ولكن لأهداف مختلفة".
مارسيا لينكس كويلي
ترجمة: ياسر أبو معيلق