كيف تستغل طهران الصراع مع إسرائيل في قمع الداخل؟

امرأتان تقفان متشابكتا الأذرع أمام حائط وتظهران علامة النصر.
اعتُقلت الصحفيتان الإيرانيتان إيلاهي محمدي ونيلوفر حميدي بعد تغطيتهما وفاة مهسا أميني. وبعد عدة أشهر من الاحتجاز تم إطلاق سراحهما بكفالة (في الصورة أعلاه). في أكتوبر/تشرين الأول 2024 حُكم عليهما بأقصى عقوبة بالسجن لمدة خمس سنوات. (photo: Picture Alliance/ AP | S. Taki)

بينما تخوض إيران وإسرائيل صراعًا عسكريًا مفتوحًا وغير مسبوق، يستخدم النظام الإيراني تلك التوترات كسلاح لقمع الحراك المدني. إذ يُوصم نشطاء حركة "المرأة والحياة والحرية" بأنهم "جنود لإسرائيل".

الكاتبة ، الكاتب: أوميد رضائي

منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 مع بداية الحرب في غزة وامتدادها إلى لبنان، تتزايد التوترات بين إيران وإسرائيل يوميًا. وقد هاجمت إيران، إسرائيل مرتين على الأقل باستخدام الصواريخ والطائرات المسيّرة. يُنسب إلى إسرائيل مقتل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، في طهران وكذلك الانفجارات التي وقعت في منشآت عسكرية إيرانية. كما قتلت إسرائيل حسن نصر الله، زعيم حزب الله وأهم حليف سياسي وعسكري لإيران في المنطقة، في هجوم صاروخي في لبنان مما زاد التوترات.

 على الرغم من أن العداء بين الجمهورية الإسلامية وإسرائيل ليس أمرا جديدا – منذ عام 1979 تُعدّ تدمير إسرائيل إحدى عقائد إيران السياسية والأمنية –، إلا أن الصراع العسكري المفتوح والمباشر الذي ظهر خلال الاثني عشر شهرًا الماضية أمر غير مسبوق.

وبينما يركز العالم على الأبعاد الجيوسياسية والسياسات الخارجية لحرب محتملة بين طهران وتل أبيب، يجرى تجاهل المجتمع المدني الإيراني الهش والمقموع إلى حد كبير. في عام 2022، أظهر المجتمع الإيراني قوته بشكل مثير للإعجاب خلال احتجاجات حركة "المرأة، الحياة، الحرية"، لكنه تعرض بعد ذلك لقمع شديد. 

وفي الأشهر القليلة الماضية، كثّف النظام الإيراني حملة القمع الداخلي بالتوازي مع تصاعد التوترات العسكرية والسياسية مع إسرائيل. وتشير تقارير منظمات حقوق الإنسان إلى زيادة في تنفيذ الإعدامات، وارتفاع أحكام الإعدام ذات الدوافع السياسية. 

الحرب كذريعة للقمع

يوضح نادر طالبي وهو عالم اجتماع في معهد برلين لأبحاث الاندماج التجريبي والهجرة (BIM) بجامعة هومبولت، إن "خطاب الحرب يعد فكرة مثالية بالنسبة لدولة سلطوية مثل إيران، لتبرير قمعها". ويضيف: "يربط النظام بين السياسات الخارجية والداخلية، ويُصور المنتقدين على أنهم 'أعداء من الخارج'. وبهذه الطريقة، يتم غالبًا تشويه سمعة المعارضين بوصفهم 'جنودًا لإسرائيل' وملاحقتهم".

تتفق الناشطة السياسية من طهران نداء*، والتي كانت قد سُجنت خلال حركة (المرأة، الحياة، الحرية)، مع طالبي، وتقول: "كانت الأحكام الصادرة ضد النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق المرأة والصحفيين في الأشهر الأخيرة قاسية بشكل غير مسبوق".

وتضيف: "أثناء الاستجوابات غالبًا ما يُشار إلى الصراع مع إسرائيل ويُقال إن كل معارضة للنظام تُعتبر دعمًا لإسرائيل".

 ويرى طالبي تناقضًا أساسيًا بين الرسالة المركزية لحركة "المرأة والحياة والحرية" والوضع الحالي للحرب في إيران: "إن الحياة هي نبض هذه الحركة. ونظرًا لأن الجمهورية الإسلامية تقوم على أيديولوجيات الموت والآخرة، فإن التركيز على الحياة يعني الانفصال عن النظام. ولكن في ظل الحرب المحتملة أصبحت رؤية التعايش السلمي هذه غير محتملة بشكل متزايد".

 وبحسب طالبي، فإن التوترات الناجمة عن التلويح بالحرب لا تدمر الآمال في مستقبل أفضل فحسب، بل تؤدي أيضًا إلى تآكل ديناميكية وشجاعة الأشخاص الذين ملأوا الشوارع خلال احتجاجات عام 2022 للنضال من أجل التغيير.

واقع قاتم

 لقد تحول الزخم العالمي عن الوضع في إيران، مع تركيز الدول الغربية جهودها على منع المزيد من التصعيد بين إيران وإسرائيل؛ لأن الحرب من شأنها أن تترك عواقب وخيمة على الغرب. وعلى نحو متزايد، يُجرى تهميش وضع حقوق الإنسان في إيران. 

يشير طالبي: "يستخدم النظام الإيراني السياسة الخارجية لتخفيف الضغوط على نفسه. وبدلاً من معالجة انتهاكات حقوق الإنسان يركز المجتمع الدولي على منع الهجمات العسكرية".

 إن القوى السياسية التي ناضلت من أجل التغيير من الداخل خلال حركة "المرأة والحياة والحرية" تفقد نفوذها بشكل متزايد. ويحذر طالبي من أن "التهديد بالحرب يدمر الزخم الثوري ويُستبدل الإيمان في التغيير من الداخل بمناورات اللاعبين الدوليين مثل ترامب ونتنياهو وماكرون".

إن المجتمع المدني الإيراني الذي شهد فترة وجيزة من التمكين والأمل في ظل حركة "المرأة والحياة والحرية" يواجه الآن واقعاً قاتماً، فشبح الحرب التي تلوح في الأفق قد يقوض أخيرا الرغبة في التغيير من الداخل.

 *تم تغيير الاسم.

© Iran Journal