إغراء ''الكرسي'' لدى مرسي!

يسير الرئيس المصري محمد مرسي بخطى ثابتة على طريق فرض سيطرته على أجهزة الدولة وتوطيد أركان حكمه. معارضوه يتهمونه بـ "أخونة" الدولة المصرية عبر تعيين مقربين منه في مناصب حساسة، إلا أن جماعة الإخوان المسلمين ترفض هذه التهم. ماتياس زايلر والمزيد من التفاصيل.

الكاتبة ، الكاتب: Matthias Sailer



تحكم الجيش في السياسة المصرية 60 عاما، ولم يكن واردا على الإطلاق أن يكون رئيس مصر مدنيا. وحين أصبح محمد مرسي بالفعل رئيسا للبلاد لم يصدق المصريون أنفسهم. عقود طويلة اضطهد فيها الحكم العسكري جماعة الإخوان المسلمين. لذلك فليس من المستغرب، أن يحد المجلس العسكري، الذي حكم البلاد بعد سقوط حسني مبارك، من صلاحيات الرئيس المنتخب. وبمساعدة من ضباط صغار في المجلس العسكري تمكن الرئيس المصري من إحالة العديد من الجنرالات إلى التقاعد. ومنذ ذلك الحين ونفوذ العسكر في السياسية المصرية أخذ يقل كثيرا عما كان من قبل.

ويستثمر الرئيس مرسي هذا الوضع من أجل جعل سلطته مستقرة. وبالفعل بدأ الرئيس بتعيين مقربين مه في المراكز القيادية الشاغرة. وبالرغم من أن الكثيرين من المصريين، وخاصة الليبراليين منهم، متخوفون من أن يحول مرسي البلاد إلى دولة يتحكم الإخوان المسلمون في مفاصلها، إلا أنهم يريدون أن يعطوا للرئيس الجديد فرصة. هذا ما تراه الناشطة المصرية ضحى محمد التي تعمل في منظمة غير حكومية، على سبيل المثال. وتقول هذه الفتاة، التي تبلغ من العمر 24 عاما: "إذا كنا قد نجحنا في إسقاط مبارك، فيمكننا أيضا أن نفعل ذلك مع مرسي. أظن أنه يعلم أن الشعب المصري لم يعد خائفا كما كان في السابق".

تقييد حرية الصحافة

رويتر
نفوذ العسكر في السياسة المصرية أخذ يخف رويدا رويدا

​​إلا أن البعض الآخر ينظر إلى الموضوع بعين من الريبة والشك، إذ يتهم هؤلاء الرئيس مرسي بأنه يسعى للحد من حرية الصحافة. ويسوقون كمثال على ذلك حين أمر القضاء المصري بإغلاق قناة الفراعين التلفزيونية المعادية للتيار الإسلامي، وذلك بعد عدة أيام فقط من إقالة مرسي لقيادة المجلس العسكري. كما يشير هؤلاء إلى قضية اعتقال رئيس تحرير جريدة الدستور على خلفية اتهامه بإهانة الرئيس.

ولكن إذا نظرنا إلى الصورة حاليا فسنرى أنها صورة متوازنة. فبعد إلقاء القبض على رئيس تحرير جريدة الدستور بقليل، أصدر مرسي قانونا يمنع إلقاء القبض على صحفيين في قضايا النشر. وبناء على ذلك تم إطلاق سراح هذا الصحفي. كذلك أعلن نائب الرئيس مرسي عن قرب إصدار قانون لتنظيم الإعلام. كما أن صحفية الدستور وقناة الفراعين التلفزيونية ليستا بغريبتين على المصريين، حيث أنهما وعلى مدار شهور كانتا وبمنهجية شديدة تنشران أكاذيب خصوصا ضد الإخوان.

ويحذر هاني الديب، ممثل الإخوان المسلمين في الخارج، من الحرية المطلقة في وسائل الإعلام: "ماذا تعني حرية الصحافة؟ إذا ما أقدم أحدهم على التهجم على ديفيد كاميرون في يوم من الأيام قائلا له: زوجتك عاهرة. ألن يتعرض هذا الشخص للمساءلة أم لا؟ ممارسة النقد شيء آخر. المرء يمكنه الانتقاد. هذا شيء لا بأس فيه".

أخونة الدولة؟

الناشطة ضحى محمد، الصورة ماتياس زايلر
"إذا كنا قد نجحنا في إسقاط مبارك، فيمكننا أيضا أن نفعل ذلك مع مرسي. أظن أنه يعلم أن الشعب المصري لم يعد خائفا كما كان في السابق".

​​وتعليقا على أن الرئيس مرسي قد أحاط نفسه بشخصيات تابعة له مثلا في الفريق الاستشاري الرئاسي أو في وسائل الإعلام الحكومية يقول هاني الديب، ممثل الإخوان المسلمين في الخارج: "اذكر لي أي بلد في العالم، نجح فيها حزب بالأغلبية في البرلمان ورئيسه رئيس البلاد ويقال له لا يحق لك تشكيل حكومة وفريق رئاسي من أنصارك؟. لا يوجد ذلك في أي مكان".

ثمة أمر آخر، إذ إن الرئيس مرسي لا يسهل الأمر على منتقديه. فعلى سبيل المثال في حركة المحافظين التي قام بها كان هناك 4 فقط من المحافظين الجدد التابعين للإخوان المسلمين و3 من الجيش والشرطة. لذلك فمن الصعب أن يتم اتهام الإخوان بأنهم طامعون في السلطة. وكانت بالتأكيد حركة ذكية من الرئيس المرسي تكليف عسكري بتولي محافظة سيناء. وإجمالا يمكن القول إن الرئيس مرسي يمشي بخطى ثابتة لتوطيد أركان حكمه. هذا يرجع مما لاشك فيه إلى أنه نجح في عدم إثارة غضب الشعب أو العسكر. وأهم دليل على ذلك هو الشارع. فحتى الآن لم يتجاوز عدد المتظاهرين ضد مرسي المئات.



ماتياس زايلر
ترجمة: هبة الله أسماعيل
مراجعة: أحمد حسو
حقوق النشر: دويتشه فيله 2012