عبير إسبر....عبير الكلمة وسبر عالم المرأة

عن روايتها "لولو" حصلت الكاتبة السورية والناقدة السينمائية وكاتبة السيناريو عبير إسبر على جائزة حنا مينه الأدبية عام 2004. إسبر ترفض وصف "كاتبة نسائية" وتهدف في رواياتها إلى معالجة موضوعات جديدة ورائدة. ياسنا زاتشيك ترسم صورة للكاتبة السورية.

في العالم الغربي يُنظر إلى الكاتبات العربيات باعتبارهن أشجع من زملائهن الرجال. غير أن الكُتاب – رجالاً ونساءً - إما أن يكونوا مجيدين ومبدعين وشجعان ومبتكرين أو لا يكونوا. بالنسبة لي فإن هذه النقاشات المتعلقة بجنس الكاتب لا علاقة لها بالأدب الجيد. إن المهم هو الموهبة والنظرة للحياة، كما أن الكتابة تعني العمل القاسي. إما أن يكون المرء مهووساً بالكتابة أو لا يكون.

هذا أمر ينطبق على الرجال والنساء. للأسف – ولأسباب مزيفة - فإن عثور الكاتب على دار نشر هو أمر أسهل في الوقت الحالي بالنسبة للنساء في العالم العربي عما هو بالنسبة للرجال. نحن نعيش في مجتمع ذكوري، وبالنسبة للسادة الرجال فإن الكتابة والإبداع أمر عادي. عندما بدأنا – نحن النساء العربيات – في اقتحام مجالي الفن والأدب، فقد تم تجاهلنا أو التعامل معنا بمقاييس تختلف عن المقاييس الموضوعة لزملائنا من الرجال. بمقدورنا التعامل مع مَن يتجاهلنا، لكنني أرفض مبدئياً أن يتم تقييمنا كنساء على نحو مختلف.

مفارقات

إن هذه الطريقة تظهر الموقف المتناقض لغالبية دور النشر العربية. إنها من ناحية تتوقع الأقل من النساء، أي أنها لا تتوقع جودة. بالنسبة لعديد من دور النشر فإن أعمالنا لا تقع في نطاق المقارنة مع أدب الرجال. من ناحية أخرى فقد أعجبت الناشرين فكرة الكتابة النسائية. لقد أثار ذلك فضولهم. كما أن الساحة كانت جديدة بالنسبة للناشرين أيضاً: وهكذا احتفوا بالكاتبات النساء بغض النظر عن القيمة الأدبية لما يكتبن.

أراد الناشرون بيع منتج، يتضمن إشارات إلى الحرية وكسر التابو والموضوعات الجنسية ووصف المضاجعة – كل هذا في خليط من الخيال وسيرة الكاتبة. بل حتى الناشرون في بلاد الغرب وأوروبا منحونا فرصة أكبر من زملائنا الكتاب العرب، لأنهم يعتقدون أننا نفتقد تلك الفرصة في بلادنا. هكذا يفكر الناشر، عبد الرحمن علاوي، الذي لا يهتم إلا بعمل الكاتبات العربيات.

الأدب النسائي والذكوري

ولكن هل يختلف الأدب "النسائي" إلى هذا الحد عن الأدب "الذكوري"؟ هذا السؤال يثير الجدل الساخن، ليس فقط في الدول العربية، بل في العالم كله – ما زلنا نواجه "خطاب الرجل والمرأة" هذا في كل مكان، في السياسة وفي الدين، والآن في الأدب أيضاً. ولكن للإجابة على هذا السؤال فلابد من الرجوع إلى التاريخ. بعد احتلال فلسطين، وبعد بداية الصراع العربي الإسرائيلي واحتدامه، وصل الناس في العالم العربي إلى وضع معقد أفضى إلى الإحباط السياسي الكامل.

​لقد تم خلط الرؤى الحياتية برؤى الدولة، وهكذا لم يعد أحد يعرف في أي اتجاه يسير. تأرجحت المجتمعات يمينا ويساراً – بين قبول المجتمعات المدنية الحديثة من دون تمحيص، وبين قبول القيم العلمانية والديمقراطية التي يفرضها العقل، وبين الطريق الآخر السهل: وهو البحث في "التراث العظيم للأمة العربية" عن الحلول والإجابات على كل المواقف الإشكالية. معنى ذلك هو الغوص في التاريخ، وعدم وضعه موضع تساؤل، بل احتضان التاريخ والسير الأعمى وراء ما أفرزه من نماذج ورؤى وعقائد وتقاليد.

في سجون الصراع

"الكاتبات النسويات" أصبحن سجينات ذلك الصراع باعتبارهن جزءاً من المجتمع الجديد. كانت الفوضى، وما زالت، كبيرة في هذا النقاش، مثلما تسير حياتنا على نحو فوضوي. ثم نشأ تصنيفان وضِعنا فيهما، أو وضعنا أنفسنا فيهما: من ناحية "الكاتبات النسويات" ومن ناحية الأخرى "الكاتبات" فحسب. "الكاتبات النسويات" هن أولئك الكاتبات اللاتي يرين الحياة كصراع بين الجنسين، واللاتي يحاولن فهم وتغيير عالم الرجال الذي يتسم بالتناقض والنفاق والعنف وبإدمان السيطرة، وذلك عبر التحدث علناً حول كل الموضوعات. حتى درجة الإنهاك تفرغت الكاتبات لموضوعات مثل العذرية والإحباط في المسائل العاطفية والزواج القسري والاغتصاب والتفسير الخاطئ للتعاليم الدينية من أجل دعم السلطة الذكورية.

المجموعة الثانية من الكاتبات تصف نفسها بأنها "كاتبات" فحسب، وهن يعتبرن أنفسهن جزءاً من سياق أوسع يضم زملاءهن من الرجال. إنهن يعتبرن أنفسهن ضحايا سلطة عليا وسجناء للفقر والبطالة والملاحقة السياسية، ويعانين من النقص في الديمقراطية ومن غياب الفردية ومن فقدان الحلم. إنهن يكافحن مع زملائهن الرجال من أجل حياة أفضل، وذلك عبر معالجة موضوعات جديدة ورائدة.

أنا شخصياً أشعر بانتمائي إلى المجموعة الثانية. إني أعمل حالياً على رواية تحلل العلاقات بين سوريا ولبنان وفق الوضع الراهن، الآن، أي في الحقبة التي تلت اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري. وأستخدم في الرواية نصوص الأغاني واللغة المحكية ولقطات سينمائية حتى أحكي الحكاية من منظور عديد من الناس. في الرواية رجل وفتاة وأنا، بحياتي الخاصة، بل إني أذكر اسمي: عبير.

ياسنا زاتشيك
ترجمة: صفية مسعود
حقوق الطبع: مجلة "التبادل الثقافي" Kulturaustausch/ قنطرة 2010

ولدت عبير إسبر عام 1974 في دمشق. درست اللغة الإنكليزية وآدابها بجامعة دمشق، ثم واصلت دراستها في المعهد العالي للفيلم والإعلام في باريس.

قنطرة

الكتّاب والروائيون في سوريا:
إبداعات أدبية رغم عيون الرقابة الأمنية
ينتشر أفراد المخابرات في سوريا في كل مكان مثلما ينتشر أفراد شرطة المرور في الغرب. ويتم تسجيل كل حركة وكلمة، لكن بعض الكتّاب يعتبرون ذلك تحديا خلاّقا ومبدعا ليعطون بالنكتة والفكاهة والخواطر لمحة من النظرة الأولى عن المجتمع والنظام السياسي. سوزانه شاندا تلقي الضوء على هذه المسألة.

فرض الرقابة على الصحافة الالكترونية في سوريا:
"جهاز المخابرات شريك أسرة التحرير"
لا تؤثِّر الدولة في سوريا على وسائل الإعلام وحسب، بل تحاول أيضًا وبشكل متزايد مراقبة شبكة الانترنت وفرض سيطرتها عليها؛ حيث يتحتَّم على مَنْ يستخدم في سوريا مقاهي الإنترنت أن يبرز أولاً بطاقة هويته وأن يسجِّل بياناته عند مدخل المقهى. كريستين هيلبرغ تلقي الضوء على هذا النوع من الرقابة في سوريا.

"برهان العسل" لسلوى النعيمي:
اعترافات إيروتيكية بريشة نسائية
لم يسبق في تاريخ الأدب العربي أن بيعت حقوق ترجمة كتاب إلى اللغات الأخرى بمثل هذا المقابل المادي العالي كما حدث مع كتاب السورية سلوى النعيمي "برهان العسل". "هذا الكتاب يستلهم نسق كتب الجنس في التراث العربي ولكن في إطار من الحداثة السردية. شتيفان فايدنر في قراءة نقدية لهذا الكتاب.