الساحرة المستديرة تصلح ما أفسدته السياسة

في إطار جهودها الرامية إلى دفع عجلة اندماج المهاجرين الأجانب في المجتمع الألماني إلى الأمام بدأت الحكومة الألمانية بدعم مجموعة من المبادرات الرياضية التي تسعى إلى جعل الرياضة جسراً للتسامح وقبول الآخر. محمد مسعاد يعرفنا بعدد من هذه المبادرات المميزة.

لم يكن النداء عن حاجة لاعب المنتخب الألماني، ذي الأصول البولندية، بودولسكي إلى مزيد من الأصدقاء سوى عنوان مقالة للكاتب الألماني إيليا ترويانوف في صحيفة "دي تسايت" الألمانية، يرى فيها أن المنتخب الألماني شهد عدة تغييرات في السنوات العشرة الأخيرة منذ 1998، حين أحرزت فرنسا لقب كأس العالم بتشكيلة، يطغى عليها لاعبون من أصول أجنبية.

ويقوم الكاتب، ذو الأصل البلغاري، بمقارنة داخل تشكيلة المنتخب الألماني، حيث يجد أن خطه الهجومي يتكون من أسماء ذات أصول أجنبية: بودولسكي وغوميز ونويفيل وكلوسه، والشيء نفسه ينطبق على خط الوسط الذي يتألف من أودونكور وتروشوفسكي، في حين أن دفاع التشكيلة الألمانية يتكون من أسماء جرمانية بحتة، الأمر الذي يوحي بمدى التجاذب داخل المجتمع الألماني بين نزعة محافظة تدافع عن كون ألمانيا ليست بدل للهجرة، وخط آخر جارف يحارب من أجل إثبات وجوده داخل هذا المجتمع.

ويتساءل مؤلف رواية "جامع العوالم" عن سبب وجود نوع من المساواة في الفرص بين المهاجرين الأجانب والألمان الأصليين في ملاعب الكرة ومسارح الرقص والموسيقى بشكل أكبر من مجالات الحياة الأخرى. ويستشهد ترويانوف في هذا السياق ببرنامج "ألمانيا تبحث عن النجم"، إذ أشار إلى أن جل الألمان الذين وصلوا إلى الجولة الأخيرة من هذه المسابقة ينحدرون من أصول أجنبية.

ويكرر ترويانوف التساؤل، حول سبب خلو ميدان السياسة وحلقة اتخاذ القرار من الشخصيات المنحدرة من أصول أجنبية، الأمر الذي دفعه إلى الدعوة لبذل مزيد من الجهد لتغيير هذه الصورة. فترويانوف يرى أن تسعين دقيقة، وهو الوقت الذي تستغرقه مباراة كرة القدم، غير كافية تماماً ليعم التسامح والاعتراف بالآخر داخل المجتمع الألماني.

الرياضة في خدمة الاندماج

تشير الإحصائيات إلى وجود أكثر من 26 ألف جمعية رياضية في ألمانيا، تشرف على تأطير حوالي مليونين من الأطفال واليافعين، كما تشير أن أكثر من نصف هؤلاء ينحدرون من أصول مهاجرة، الأمر الذي يثير تساؤلات عن طبيعة علاقتهم ببعضهم البعض من جانب، وبأولئك المنحدرين من أصل ألماني من جانب آخر. وفي هذا الإطار ظهرت عدد من المبادرات سعياً إلى جعل الرياضة قنطرة للتسامح وحوار الثقافات وقبول الآخر. وتصب كل هذه المبادرات في النهاية في دعم سياسة الاندماج، التي بدأت الحكومة الألمانية بانتهاجها منذ عقد من الزمن.

"كرة القدم للجميع"

​​هذا هو اسم المشروع، الذي يشرف عليه الدكتور غيبكن برعاية خاصة من الاتحاد الألماني لكرة القدم. ويركز المشروع على الفتيات داخل المدارس، التي ينتشر فيها العنف بنسب كبيرة، كما يتمثل هدفه الأساسي في تشجيع الفتيات على ممارسة الرياضة بشكل عام وكرة القدم خاصة.

ويرى صاحب المشروع أن عددا من المدارس، التي كانت تحتل موقع الصدارة في قائمة المدارس التي ينتشر فيها العنف، باتت تشكل سنداً حقيقياً لهذا المشروع، إذ رحب تلامذتها وخصوصاً الفتيات بفكرته. ويشير الأستاذ في جامعة أوسنابروك إلى أن العلاقة بين عدد من هذه المدارس والتلاميذ تحولت تدريجياً إلى علاقة ثقة. كما أصبح فضاء المدرسة محبباً لديهم، خصوصاً لدى التلاميذ ذوي الأصول الأجنبية. لقد بدأت هذه المدارس تتمتع بروح جديدة، بعد أن كانت ليس أكثر من فضاء للعنف، بحسب غيبكن.

كما أظهرت عدة دراسات وإحصائيات أن اهتمامات التلاميذ بالرياضة ضعيفة في المدارس، التي ترتفع فيها نسب العنف أو المدارس الثانوية، التي ينحدر أغلب تلامذتها من أصول مهاجرة. لكن هذه الدراسات أكدت في الوقت نفسه أن مستوى التلاميذ الدراسي، الذين بدؤوا بممارسة الرياضة، أخذ بالتحسن بشكل جيد. إضافة إلى ذلك يرى غيبكن أن هذا المشروع ساهم في تقوية روح التطوع والمبادرة لدى عدد من الفتيات بعد انخراطهن في جمعيات تطوعية.

"الاندماج عن طريق الرياضة"

ولم تتوقف الجهود الألمانية على هذا المشروع فقط، بل تم إطلاق مبادرة رياضية أخرى برعاية اللجنة الأولمبية الألمانية وباشراف وزارة الداخلية الاتحادية والوزارات، التي تشرف على قطاع الرياضة في الولايات الألمانية. ويجعل هذا البرنامج، الذي يحمل اسم "الاندماج من خلال الرياضة" من الاندماج قضية أساسية في عمله، وذلك عن طريق تسهيل عملية اندماج أبناء المهاجرين في المجتمع الألماني.

كما يتمثل هدف هذا المشروع المباشر في مساعدة الأطفال واليافعين على تجاوز مشاكلهم اللغوية من جهة وعلى تعريف هؤلاء بتركيبة الجمعيات الألمانية وبنيتها من جهة أخرى. علاوة على ذلك يتضمن البرنامج مختلف الأنشطة الرياضية، إضافة إلى أنواع جديدة من الرياضة، التي لم تكن معروفة من قبل في ألمانيا والتي أصبحت تحظى باهتمام متزايد من قبل الألمان، خاصة رياضات الفنون القتالية كالسامبو الروسية.

​​وفي إطار ترويج هذا البرنامج عملت اللجنة الأولمبية الألمانية على اختيار ستة رياضيين، ثلاثة منهم من النساء كسفراء للحكومة الألمانية في مجال الاندماج بهدف ترويج صورة ايجابية عن المهاجرين، الذين نجحوا في مشوارهم الرياضي والاجتماعي بناء على مجهودهم الشخصي. ويوجد من بين السفيرات الثلاث واحدة من أصول تونسية وأخرى من أصول تركية. وهذا الاختيار لا يأتي اعتباطاً، بل يعكس طموح القائمين على هذا المشروع لترويج صورة جديدة للمرأة العربية والمسلمة، التي تعاني من النظرة النمطية، التي يحنطها بها المجتمع الألماني. وتقول عتيقة بوعكة، وهي من أصل تونسي، عن هذا الاختيار: "أود قبل كل شيء الاتصال بكل من له علاقة بالاندماج، فهذا الاتصال سيمكنني من الإنصات إلى الآخرين. فأنا متأكدة من أنني لا أزال في حاجة إلى التعلم حتى وإن كنت سفيرة للاندماج".

كرة القدم لغة من لغات هذا العالم

وجهت انتقادات حادة للنظام التعليمي الألماني، باعتباره نظاماً نخبوياً يشكل عامل كبح لطاقات التلاميذ المنحدرين من أسر ضعيفة وفي مقدمتهم أنباء الأسر ذات الأصول المهاجرة. لذلك تعمل عدة هيئات على تكثيف جهودها داخل المدارس لمساعدة التلاميذ على تجاوز هذه الوضعية المزرية.

وفي هذا الصدد تم الإعلان عن برنامج "العالم يتكلم كرة القدم"، بغية تقوية قدرات الأطفال على تعلم اللغة الألمانية والنطق بها بصورة سليمة. ويعتمد هذا البرنامج على شقين؛ الأول نظري يهدف إلى تكوين جمل بسيطة خالية من الأخطاء النحوية وسليمة من حيث البناء. أما الشق الآخر فتطبيقي تجري فصوله على أرضية ملاعب الكرة، لتطبيق ما تم تعلمه داخل حجرات الدراسة.

وفي هذا الإطار يقول بيتر شتاين، وهو مسئول عن جمعية تعمل على تنمية القدرات التعليمية وتحسين فرص التكوين عند الأطفال معلقاً: "هناك جيل ضائع يترعرع في غفلة منا، وإن الأطفال الذين يكون مستواهم اللغوي ضعيفاً، تكون حظوظهم متدنية للحصول على فرص عمل حقيقية".

محمد مسعاد
قنطرة 2008

قنطرة

لاعب كرة القدم فرانك بلال ريبري:
"الإيمان بالله دائمًا "
قبل خمسة أعوام كانت أحواله مختلفة تمام الاختلاف، أما اليوم فينذهل مشجعو كرة القدم عندما يداعب عامل البناء السابق واللاعب المحترف فرانك بلال ريبري الكرة في مهارة تدل على روعته وتميِّزه وقدراته الرياضية الخلاقة. أندريه توسيس يعرِّفنا بهذا اللاعب المحترف.

تايكواندو وكرة القدم:
رياضيون عرب في ألمانيا
هاجر آباؤهم وأمهاتهم إلى ألمانيا وتحول الأولاد إلى رياضيين حققوا الشهرة لبلدانهم الأصلية أيضا. فيصل ابن طالب وعزيز الشرقي مثلا في لعبة التايكواندو ورشيد عزوزي وعبد العزيز أحنفوف في كرة القدم. جميعهم ينحدرون من المغرب. تقرير سمير عواد

أول بطولة عربية نسائية لكرة القدم:
النساء العربيات يكافحن لإثبات ذاتهن في كرة القدم
كرة القدم التي ظلت طويلاً حكراً على عالم الرجال أصبحت اليوم حلماً للكثير من النساء والفتيات حتى في العالم العربي، وفي مدينة الإسكندرية بمصر، انطلقت أول بطولة عربية لكرة القدم النسائية بمشاركة سبعة منتخبات