رسول الموسيقى بين باريس وبيروت

الشاب اللبناني إبراهيم معلوف كان قد عزف على آلة الترومبيت مع فرقة الثنائي "أمادو ومريم" وفرقة المغنية "لاسا دي سيلا" وفرقة بومجيلو، كما شق لنفسه مساراً مهنياً متألقاً في الموسيقى الكلاسيكية. أما اليوم فيربط إبراهيم معلوف في باكورة ألبوماته الموسيقى الشرقية بالموسيقى الإلكترونية ناظماً بهما لغة نغمية فريدةً من نوعها..

الشاب اللبناني إبراهيم معلوف كان قد عزف على آلة الترومبيت مع فرقة الثنائي "أمادو ومريم" وفرقة المغنية "لاسا دي سيلا" وفرقة بومجيلو، كما شق لنفسه مساراً مهنياً متألقاً في الموسيقى الكلاسيكية. أما اليوم فيربط إبراهيم معلوف في باكورة ألبوماته الموسيقى الشرقية بالموسيقى الإلكترونية ناظماً بهما لغة نغمية فريدةً من نوعها.

​​يظهر الفنان في صغره بشعره الأشعث في تسجيلات لحفلات الموسيقى الكلاسيكية، أما اليوم فها هو ابن السابعة والعشرين من العمر يجلس إلى الطاولة بشعره القصير للغاية. تراه كثير الحركة من فرط حيويته وقد انتهى للتو من حفلة حظيت بإعجاب هائل في مدينة مرسيليا في إطار مهرجان "بابل ميد ميوزيك" للموسيقى العالمية، حيث عزف محلقاً بآلته الموسيقية الترومبيت التي تحمل في طيّاتها سراً مميزاً، وسط خليطٍ من عنفوان موسيقى الروك وبرود الموسيقى الإلكترونية.

يقول إبراهيم معلوف عن آلته الموسيقية: "ابتكر والدي نسيم معلوف في ستينيات القرن الماضي آلة «الترومبيت الشرقية» مضيفاً مفتاحاً رابعاً إلى آلة الترومبيت الأوروبية. وقد مكّنه هذا من عزف السلالم الموسيقية العربية التي تحتوي على أرباع الأصوات. وكان يحلم بانتشار هذه الآلة الموسيقية في كل البلدان العربية، إلا أن الآلة كانت عصية على مصنعي الآلات الموسيقية. ولا يوجد حتى يومنا هذا إلا بضع آلات مصنوعة بهذه الطريقة، وأنا واحد من القلائل المستمرين بهذا التقليد".

تدرب إبراهيم معلوف منذ حداثته على هذا الترومبيت المميز على يد والده. وكان هذا الموسيقي اللبناني المولد الذي يعيش متنقلاً بين باريس وبيروت، قد بدأ مشواره الفني مع الموسيقى الكلاسيكية في حداثته في المعهد العالي للموسيقى في باريس، كما تتلمذ على يد الأستاذ الكبير موريس أندريه أيضاً وعزف موسيقى الباروك الكلاسيكية بإتقان بارع. لكن الموسيقى العربية التقليدية شكلت إلى جانب الموسيقى الكلاسيكية جزءاً من معزوفاته، وهكذا غدا إبراهيم معلوف عازف الترومبيت الوحيد الذي وجد موطناً له في كلي العالمين.

جسر بين الغرب والشرق

يقول النجم الصاعد إبراهيم معلوف بهذا الصدد: "أتمتع بامتياز خاص يكمن في عزف الموسيقى الشرقية على آلة موسيقية غربية أصيلة. لذلك أشعر بأنني حقاً جسر إنساني. ناهيك عن أنني أشعر من خلال أسفاري المستمرة بين لبنان وفرنسا بانتمائي لكلتا الهويتين. فأنا أشعر في باريس بأنني في بلدي، وفي الوقت ذاته، يتملكني شعور قوي بالانتماء عندما أكون بين أقربائي في الجبال اللبنانية. نحن اللبنانيين لا بد من أن نعود دائماً لقضاء فترة من الزمن في الوطن، وهذا ما فعلته عائلتي أيضاً أثناء الحرب. يبدو أنه يوجد شيء ما أقوى من الخوف من قصف المدافع".

نشأت موسيقى إبراهيم معلوف الخاصة به والتي حققها في نهاية الأمر في "دياسبورا" باكورة ألبوماته نتيجةً لهذه الهويات المختلفة، وبعد نيله جوائز في الدوائر الكلاسيكية، وبعد أعماله المشتركة مع نجوم الموسيقى العالمية مثل المغنية "لاسا دي سيلا" وفرقة الثنائي "أمادو ومريم".

"دياسبورا" باكورة ألبوماته

​​وفّر له عمله في مجال الموسيقى الكلاسيكية التقنيات التي تمكنه اليوم من الخوض في أي اتجاه موسيقي يشاء. وهذا ما يفعله بالتعاون مع موسيقيه المحببين من مونتريال الذين تعرّف عليهم من خلال عمله مع المغنية "لاسا دي سيلا". والجدير بالذكر أن إبراهيم معلوف يزاوج الإيقاعات الإلكترونية ومفردات موسيقى الروك والجاز مع أنغام شرقية ومع رؤاه الذاتية. ويقول معلوف إنه أطلق اسم "دياسبورا" "الشتات" على ألبومه لأنه يشعر بالتضامن مع الجاليات التي تعيش في الغربة. ولديه في مخيلته صورة واضحة جداً عن طريقة توظيف العولمة على النحو الأمثل.

يقول إبراهيم معلوف بهذا الصدد: "في القطعة التي تحمل اسم الألبوم يسمع المرء صوت قطار الأنفاق، أليس قطار المترو رمزاً للتعايش بين الثقافات؟ ترى السود والعرب واليهود والمسيحيين والصينيين يسافرون هنا سوية، وأنا أتخيل وجود قطار للأنفاق ينقلك في غضون دقيقتين من باريس إلى بيروت، ويواصل بك بعدها متجهاً نحو طوكيو ونيويورك. هذا التصوّر هو بمثابة شعار الألبوم".

تحية إجلال لترومبيت ديزي غيلسبي

​ثمة رحلات أخرى بين العوالم في الألبوم. لقد رتب إبراهيم معلوف آلة الترومبيت لتكون بحق فرقة نحاسية إجلالاً لوالده نسيم، وهكذا يغدو حلم الأب في التوصل إلى بوق يصدر أرباع الأصوات الشرقية حقيقة قائمة. كما نجد في الألبوم تكريماً لشخص آخر شيد الجسور بين موسيقى الجاز والعالم العربي، إذ يكرم إبراهيم معلوف الشاب الفنان ديزي غيلسبيDizzy Gillespie عميد آلة ترومبيت في موسيقى الجاز، يكرمه عبر توزيع خاص لمقطوعة "ليلة في تونس" Night In Tunisia.

"لقد أحدث ثورة في آلة الترومبيت وفي موسيقى الجاز ذاتها، لكنه في الوقت نفسه كان ينشر من حوله الحيوية والفرح بالحياة عبر تلك الابتسامة التي كانت ترتسم دائماً على محياه!" ومن ينظر إلى إبراهيم معلوف فتى الابتسامة المشرقة المشحونة بالظرافة، لا يساوره أي شك بأن من شأن هذا الموسيقي أن يصبح يوما ما "ديزي" الشرق في القرن الحادي والعشرين.

ستيفان فرانتسن
ترجمة يوسف حجازي
قنطرة 2008
قنطرة

مهرجان "بابل ميد ميوزيك":
عرس ثقافي على شواطئ المتوسط
يعد مهرجان الموسيقى العالمية "بابل ميد ميوزيك" رمزا للتحولات السريعة التي تشهدها مدينة مارسيليا الساحلية التي كان يُنظر إليها طويلاً على أنها مدينة مهملة. هذه المدينة من المخطط لها أن تنهض من غفوتها لتغدو عاصمةً ثقافية واقتصادية لمنطقة البحر المتوسط، وذلك في إطار برنامج الدول الأوروبية المتوسطية الذي يرعاه الاتحاد الأوروبي. دافيد زيبرت يطلعنا على هذه التجربة الرائدة.

عابد عازرية:
سفر في الذاكرة الشرقية والموسيقى المعاصرة
موسيقى عابد عازرية تنفتح على موسيقى الشعوب الأخرى في مزيج يجمعها كلّها، بدءا بشريطه الأول المخصص للشعر العربي الحديث، مرورا بشريطه الثاني "كلكامش" العمل التاريخي الأسطوري الذي لا حدود له، والذي استلهم عبره روح شعوب ما بين النهرين موسيقيا من خلال البحث عن الحركات في التماثيل والمنحوتات مركزا على الآلات الموسيقية الشرقية فحسب، وصولا إلى "وجد" الذي ضم قصائد للمتصوفة. . صالح دياب تحدث مع الفنان السوري الأصل المقيم في باريس

فرقة "هدوك الثلاثية"
تكوين موسيقي من تأثيرات شرقية وإفريقية
موسيقى فرقة "هدوك الثلاثية" المتنوعة خليط من التأثيرات الشرقية والإفريقية والجاز. هذه الموسيقى لم تنجم عن فكر موسيقي وإنما عن الخبرات الثقافية الغنية للفرقة الثلاثية. تقرير من رالف دومبروفسكي.