إسرائيل وأمريكا- رفض للنووي الإيراني واختلاف حول عملية السلام
بإمكان وزير الصناعة الإسرائيلي، بنيامين بن إليعازر، أن يستغل هذا الوضع الصعب بشكل إيجابي؛ فالرئيس الأمريكي، باراك أوباما، يسعى من أجل "عالم جديد"، ومن الأجدر بإسرائيل أن "تركب هذه الموجة". وكذلك لم تغيِّر العبارات والتصريحات النقدية التي خرجت من واشنطن أي شيء في العلاقات الوثيقة بين البلدين. وإذا كان سيصل الآن وفي غضون بضع ساعات وأيَّام حشد كبير من السياسيين والدبلوماسيين الأميركيين إلى الشرق الأوسط، فعندئذٍ سينبغي على إسرائيل أن ترحِّب بذلك؛ إذ إنَّ هذا يمنحها في آخر المطاف الفرصة من أجل تصحيح الافتراضات والمفاهيم الخاطئة في واشنطن، مثلما يقول بنيامين بن إليعازر.
ولكن ما يزال يجب حتى الآن أن يثبت إذا كان لمثل هذا التفاؤل ما يبرِّره ويجيزه - في كلٍّ من سياسة الاستيطان الإسرائيلية المثيرة للجدل، ومفاوضات السلام مع سوريا وقبل كلِّ شيء في مسألة الخلاف مع إيران على برنامجها النووي؛ إذ تشكِّل إيران في المحادثات التي أجراها وزير الدفاع الأمريكي، روبرت غيتس، الموضوع الرئيسي على جدول أعماله. وهذا الموضوع يمثل أكبر توافق تم في السنوات القليلة الماضية بين واشنطن وتل أبيب. وذلك لأنَّ إسرائيل والولايات المتَّحدة الأمريكية شكَّلتا القوة الدافعة في الجهود التي تبذلها البلدان الغربية بغية منع إيران من بناء برنامجها النووي وتوسيعه.
وكثيرًا ما تكون تصريحات وتعليقات السياسيين الإسرائيليين والأمريكيين حول هذه المسألة متشابهة للغاية؛ حيث أكَّدت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، في نهاية الأسبوع الماضي مرة أخرى أنَّ المحاولات الإيرانية الرامية إلى امتلاك الدورة النووية الكاملة غير مجدية. وإذا كان الرئيس أوباما سوف يستمر أيضًا في محافظته على عرضه الدخول في حوار مع إيران، فإنَّه قد أكَّد كذلك مرارًا وتكرارًا أنَّه لا يجوز لطهران تحت أي ظرف أن تطوِّر أسلحة نووية.
عمل عسكري إسرائيلي منفرد؟
ومن ناحية أخرى لقد بالغ في إسرائيل منذ فترة طويلة الائتلاف اليميني بزعامة بنيامين نتنياهو في توصيف السياسة النووية الإيرانية وتصويرها على أنها "خطر على البشرية"، كما أنَّ إسرائيل تلمِّح باستمرار إلى أنَّها عازمة - إذا اقتضت الضرورة - على القيام بعمل عسكري ضدّ البرنامج النووي الإيراني. وكذلك أكَّد جو بايدن مؤخرًا أنَّ الولايات المتَّحدة الأمريكية لن تتدخَّل في حال شنت إسرائيل هجوما ضدّ إيران، فإسرائيل تعدّ في آخر المطاف دولة ذات سيادة. وصحيح أنَّه تم في وقت لاحق تصحيح تصريحات نائب الرئيس أوباما، جو بايدن من قبل رئيسه، إلاَّ أنَّه يتم في إسرائيل سماع تصريحاته بارتياح.
وفي واشنطن لم يذهب المرء إلى هذا الحدّ قطّ حتى في عهد الرئيس جورج دبليو بوش المطيع لإسرائيل. بل على العكس من ذلك، إذ غالبًا ما كان يتم في عهد الرئيس الأمريكي السابق، جورج دبليو بوش، الرد على التحذيرات والتهديدات الإسرائيلية الموجَّهة إلى إيران بسرعة وبوضوح: الولايات المتَّحدة الأمريكية لا ترغب في قيام إسرائيل بعمليات عسكرية منفردة، وذلك لأنَّها ستتحمَّل آثار هذه العمليات. ونظرًا إلى الوضع في العراق وفي أفغانستان فإنَّ واشنطن لم تكن مستعدة للدخول في مغامرة جديدة؛ وهي غير مستعدة على الإطلاق لكي تترك إسرائيل تدخلها في واحدة من مثل هذه المغامرات.
إعادة رسم السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط
وتسري هذه الشروط أيضًا في عهد الرئيس باراك أوباما. وأكثر من ذلك لأنَّ أوباما قرَّر إعادة النظر في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط والشرق الأدنى من جذورها وإعادة رسمها من أساسها. كما أنَّ الجهود الأمريكية الرامية إلى استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين وكذلك بين إسرائيل وسوريا، بالإضافة إلى عرض الأمريكيين الحوار مع إيران، لا تتفق مع احتمال قيام إسرائيل بهجوم في المنطقة.
وكذلك يجب على واشنطن أن تحاول منع إسرائيل من الإقدام على مثل هذه المغامرة - التي من الممكن أن تكون لها على المنطقة برمَّتها نتائج لا يمكن تقدير عواقبها، ولكن في الوقت نفسه لا تريد الولايات المتَّحدة الأمريكية على ما يبدو أيضًا معارضة إسرائيل بشكل واضح وصريح. فمن الممكن أن يتعارض هذا مع الخط التقليدي، ولكن أيضًا من الممكن أن يرسل إشارة خاطئة إلى إيران وإلى أطراف أخرى في المنطقة.
وبالتأكيد تعرف الحكومة الإسرائيلية أنه يكاد لا يوجد أحد هناك يفهم السياسة الأمريكية مثل بنيامين نتنياهو. وفي الواقع لم يمنعه ذلك من إرسال سفن حربية بشكل ينم عن التهديد عبر قناة السويس باتِّجاه منطقة الخليج الفارسي، وكما يبدو كان من بين هذه السفن الحربية غواصات مصدَّرة من ألمانيا، من الممكن أنَّ تكون مزوَّدة بصواريخ نووية.
ومن الجائز أن يكون من المريح أنَّه لا يتم في العادة الإعلان بمثل هذه الصراحة عن العمليات العسكرية، وبالذات من قبل إسرائيل. ولكن العمليات العسكرية هي على الأرجح السبب الرئيسي لزيارة وزير الدفاع الأمريكي إلى القدس. أمَّا التحذير من الإقدام على "عمل عسكري منفرد" فيسري في عهد الرئيس أوباما، مثلما كان يسري في عهد سلفه، جورج دبليو بوش.
بيتر فيليب
ترجمة: رائد الباش
حقوق الطبع: دويتشه فيله 2009
الخبير الألماني بيتر فيليب، كبير مراسلي دويتشه فيله وخبير في شؤون الشرق الأوسط، عمل مراسلا في القدس أكثر من عقدين.
قنطرة
حوار مع هانس بليكس حول الملف النووي الإيراني:
"المفاوضات المباشرة بدل سياسة العقوبات"
يرى هانس بليكس، الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرِّية IAEA أنه لا بد من إجراء محادثات مباشرة مع طهران إزاء برنامجها النووي واعتماد سياسية الحوافز كمخرج لهذا الملف الشائك. توماس لاتشان تحدَّث إلى هانس بليكس حول تعامل الغرب مع إيران وموقف الإدارة الأمريكية الجديدة من الملف النووي الإيراني.
المتشددون الإيرانيون ضد الانفتاح الاقتصادي:
عرض أوروبي مرفوض في أزمة الملف النووي الإيراني
يأمل مفاوضو الإتحاد الأوروبي من خلال مغريات اقتصادية على حمل إيران للتخلي عن عمليات تخصيب اليورانيوم. ولكن لم يعد يرحب الإيرانيون بالتعاون الاقتصادي مع الأوروبيين على عكس ما كان متوقعاً. بقلم ميشائيل هايم.
سياسة الاستيطان الإسرائيلية:
"المشاريع الاستيطانية خدمة مجانية لمصالح المتطرفين"
أثار إعلان إسرائيل الأخير عزمها المضي قدمًا في بناء المستوطنات في الضفة الغربية انتقادات دولية. وتشكّل هذه السياسة التي تنتهجها إسرائيل سببًا مهمًا لتجميد مفاوضات السلام المتعثِّرة في الوقت الراهن - حسب رأي الخبير في شؤون الشرق الأوسط والصحفي فولك هارد فيندفور في حوار مع خولة صالح.