دعم حزب الله لنظام الأسد يهدد لبنان بالانفجار
تناقضات وغموض الوضع السياسي في لبنان يظهران للعيان في كل زاوية وركن من شوارع بيروت. أعلام وشعارات تمثل حوالي مئة حزب سياسي تغطي كل مكان. وهناك في الوقت الراهن 21 حزبا سياسيا يتقاسمون 128 مقعدا في البرلمان ويمثلون مصالح سياسية مختلفة. إلا أنه يمكن تقسيم معظم هذه الأحزاب إلى معسكرين كبيرين قادهما موقفهما من الأزمة في سوريا إلى ما يشبه الطريق المسدود. المعسكر الأول المؤيد لنظام الرئيس السوري بشار الأسد يمثل كتلة الثامن من آذار/ مارس التي يشكل حزب الله دعامتها الأساسية. ثم تحالف 14 من آذار/ مارس المعارض لنظام الأسد بزعامة سعد الحريري، وهذا التحالف يعارض بشدة دعم مقاتلي حزب الله لنظام دمشق.
مأزق وضغوط
هذا الوضع تحسن جزئيا، بعدما شكل رئيس الوزراء اللبناني تماطم سلام (مستقل) مؤخرا حكومة ائتلاف جمعت بين وزراء من الكتلتين المتصارعتين، وذلك بهدف العمل على تسوية المشاكل الداخلية المتعلقة بالحياة اليومية للمواطنين كأزمة ندرة المياه على سبيل المثال. كما ترتبط العديد من المشاريع التي تمولها المساعدات الدولية باستئناف النشاط السياسي في لبنان. ولا يزال نحو 720 مليون دولار من القروض التي تم توقيعها للتنمية تنتظر أن يقرها البرلمان اللبناني. إلا أن ممثلي كتلة 14 من آذار/ مارس يربطون عملهم داخل الحكومة بانسحاب حزب الله من سوريا. ويشكل موضوع سلاح حزب وقتاله في سوريا نقطة خلاف أساسية، إذ تطالب الكتلة المناهضة لدمشق باعتماد مرجعية "إعلان بعبدا" الصادر في حزيران/ يونيو 2012 بموافقة الكتل السياسية الأساسية، والذي يدعو إلى "تحييد لبنان" عن الصراعات الإقليمية بما في ذلك الحرب في سوريا.
وشهد لبنان سجالا حادا بين رئيس الجمهورية ميشيل سليمان وحزب الله على خلفية بيان وزاري للحكومة الجديدة وإشارته لقتال الحزب إلى جانب النظام السوري، إذ طالب سليمان بعدم التشبث "بمعادلات خشبية". وأكد سليمان أن "إعلان بعبدا صار من الثوابت ويسمو على البيانات الوزارية".
تنامي دوامة العنف
إلا أن نفوذ حزب الله بات يهدده عنف متزايد من جهات مختلفة مناهضة له، ففي بيروت تنفجر في المعدل سيارة ملغومة كل أسبوع، إذ تسعى جماعة سورية مرتبطة بتنظيم القاعدة لإضعاف الحزب الشيعي داخل لبنان. فيما يسعى الجيش اللبناني جاهدا لاحتواء المواجهات المتكررة بين الطائفتين العلوية والسنية. وبات هذا الوضع يهدد بإحداث تصدعات داخل المتعاطفين مع حزب الله، خصوصا وأن ولائهم له مرتبط جزئيا بالأمن الذي كان يضمنه لهم الحزب أكثر من الجيش اللبناني نفسه، وتآكل هذا الإحساس بالأمن يهدد نفوذ الحزب.
ويرى الكاتب اللبناني رامي عليق، وهو عضو سابق في حزب الله ومؤلف كتابين نقديين حول تجربته داخل الحزب الشيعي، أن تحديات الأخير تزداد تعقيدا لأن "لدى الطائفة الشيعية حاليا هموما كبيرة" كما أن الحزب يجد صعوبة متزايدة في إقناع قاعدته الانتخابية، و"الكثير من الأصوات داخل الحزب تتساءل عن جدوى المعارك في سوريا أمام ارتفاع الخسائر".
حزب الله: أداة إيرانية؟
ميشائيل يونغ من صحيفة "ديلي ستار" اللبنانية كتب مؤخرا مقالا اعتبر فيه الجناح العسكري في حزب الله مجرد "قوة مساعدة للنظامين الإيراني والسوري"، فيما ذهب إلي الخوري من حزب القوات اللبنانية إلى حد التشكيك في ولاء الحزب الشيعي للدولة اللبنانية، معتبرا إياه "جزءا من البنية العسكرية والسياسية لإيران. ورغم أنهم لبنانيون إلا نفوسهم وعقولهم وقلوبهم ليسوا كذلك".
أما جان أوغاسابيان من كتلة 14 آذار/ مارس فعبر عن تشاؤمه إزاء الوضع القائم، وقال "لن يتغير شيء، سنواصل رفضنا لمشاركة حزب الله في القتال داخل سوريا، فيما ستظل كتلة الثامن من آذار تدعم الاستراتجية الإيرانية". وأضاف أن "لبنان لا يقرر مصيره بذاته، فهو مصير مرتبط بمنطقة الشرق الأوسط ككل.."
بِن نايت
ترجمة: ح.ز
تحرير: ع.ج.م
حقوق النشر: دويتشه فيله 2014