''الحكومة البحرينية تلعب بورقة الدين لضمان تأييد السُنّة''
ما سبب معارضتك ومعارضة الشعب البحريني لسباق الفورمولا 1؟
نبيل رجب: تواجه الحكومة البحرينية عزلة دولية بسبب الجرائم التي اقترفتها. وسباق الفورمولا 1 هو رياضة النخبة الحاكمة. ولكنهم يستخدمونها أيضًا كوسيلة للعلاقات العامة من أجل الهروب من العزلة. وينبغي ألاَّ تساعد الفورمولا 1 الطغاة الظالمين في هذا الهدف. وفي الحقيقة من الصعب تحمّل ذلك خاصة بالنسبة لأولئك المعارضين الذين تم اعتقالهم وتعذيبهم، حيث تم ستخدام مبنى في حلبة السباق كمركز للتعذيب. كما أنَّ نصف البحرينيين العاملين في حلبة السباق تم زجّهم في السجن وتم تعذيبهم أيضًا من قبل عناصر قوَّات الأمن. ينطلق سباق الفورمولا 1 في وقت يتعرَّض فيه أشخاص للقتل في الشارع. لقد أصيب في واحدة من الليالي الماضية العديد من الاشخاص بالرصاص عندما كانت الحكومة تحاول إخلاء الشوارع وإبعاد المتظاهرين عن حلبة الفورمولا 1. وللسبب نفسه اعقلت الحكومة في الأيَّام الأخيرة أكثر من مائة شخص وذلك فقط لكي تخلي حلبة الفورمولا 1 من المتظاهرين. ولذلك يجب ألاَّ تتم مكافأة الحكومة بهذا السباق، بل على العكس تمامًا إذ يجب أن تفرض عليها دوليًا عقوبات سياسة ولذلك يجب ألاَّ يصل هذا السباق إلى البحرين.
صديقك وزميلك عبد الهادي الخواجة مضرب عن الطعام منذ أكثر من شهرين بعد أن حكمت عليه محكمة بحرينية بالسجن مدى الحياة بتهمة "التآمر لقلب نظام الحكم والتخابر مع منظمة إرهابية". فماذا تعرف عن أوضاعه الحالية؟
رجب: عبد الهادي الخواجة سيموت في الأيَّام القليلة القادمة. هو يموت والمجتمع الدولي يبقى صامتًا. هو يموت وسباق الفورمولا 1 يسير إلى الأمام. ففي محيط هذا السباق لا يهتم المرء بانتهاكات حقوق الإنسان في البحرين. ولذلك نحن نطالب المجتمع الدولي رفع صوته حتى يسمح لعبد الهادي الخواجة مغادرة البلاد، وإلاَّ فإنه سيفقد حياته - ونحن سنفقد معلمنا في مجال حقوق الإنسان في منطقة الخليج.
هل يمكنك أن تقول لنا كم يبلغ عدد الناس الذين يشاركون في الاحتجاجات ومن أية مجموعات هم؟ هل هم من الشيعة فقط أم يوجد من بين المتظاهرين أيضًا أشخاص من السُّنة؟
رجب: تقام لدينا في المنامة في هذه الأيَّام مظاهرة من المتوقَّع أن يخرج فيها مئات الآلاف من الناس، بيد أنَّ الحكومة حظرت هذه المظاهرة بسبب سباق الفورمولا 1. ومعظم المتظاهرين هم من الشيعة المهمَّشين الذين يعانون من التمييز منذ أن تم غزو بلدهم قبل نحو مائتي عام من قبل القبائل التي تحكم البلاد الآن والتي يعود أصلها إلى المملكة العربية السعودية. ولكن هناك أيضًا أشخاص من السُّنة يشاركون في الاحتجاجات.
يبدو أنَّ القضايا الدينية لا تتصدَّر هذا الصراع بقدر ما تتصدَّره القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية. فكيف ترى ذلك؟
رجب: هذا عراك سياسي لا علاقة له بالدين. وما من شكّ في أنَّ الحكومة في البحرين تحاول اللعب بورقة الدين لتضمن لنفسها تأييد السُّنة. ولكن الأمر في الواقع يتعلَّق بمسائل سياسية، بالديمقراطية والمساواة والعدالة والحرية، إذ إنَّ الناس يريديون الديمقراطية، يريدون برلمانًا قويًا وحكومة منتخبة. ولنتذكَّر فقط أنَّ رئيس الوزراء الحالي ما يزال في منصبه منذ إثنين وأربعين عامًا. لا يتعلَّق الأمر إذًا بالدين - والدين يستخدم فقط من قبل النظام من أجل تحويل السُّنة إلى خط النظام.
ما هي مطالبك الرئيسية؟
رجب: أنا معني بحقوق الإنسان وبالعدالة والحرية. يجب على المؤسَّسات السياسية أن تحقِّق المعايير الدولية. ويجب كذلك احترام الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان. نحن نريد النوع نفسه من الديمقراطية الموجودة لديكم أيضًا في الغرب، والنوع نفسه من الحرية والعدالة.
هل توجد لديك اقتراحات لإجراء تغييرات في النظام والدولة والحكومة؟
رجب: يجب أن يتم انتخاب الحكومة من قبل الشعب - إمَّا بشكل مباشر أو من خلال برلمان منتخب. يجب أن يمتلك البرلمان السلطة التشريعية وأن يتمكَّن من مراعاة تطبيقها. ويجب كذلك ملاءمة قوانيننا مع المعايير الدولية. لم يعد من الممكن حكم البلد مثلما كانت الحال قبل مائتي عام: عائلة واحدة تفرض سيطرتها التامة على الاقتصاد والسياسة والثقافة - وعلى كلِّ شيء. يجب أن يتم إشاراك المواطنين، ويجب توزيع الثروة وأسباب الرخاء والنعيم بطريقة عادلة، إذ لا يجوز أن تتدفَّق الثروة على عائلة واحدة، في حين أنَّ المستوى المعيشي لدى غالبية المواطنين منخفض للغاية.
كيف تحمي نفسك والمواطنين من النظام؟
رجب: لا توجد لسوء الحظّ أية حماية. نحن نسلِّم أنفسنا للقدر، ولكن يجب علينا أن نفعل ذلك وإلاَّ فلن تحصل أية تغييرات. ويجب علينا تقديم الضحايا، حيث قتل في عام واحد ثمانون شخصًا على الأقل وجرح الآلاف وفقد المئات حياتهم. وجميع هؤلاء الأشخاص ضحوا بحياتهم من أجل الديمقراطية، من أجل مستقبل أفضل لأطفالنا والأجيال القادمة. ولكن لا توجد حماية. ومع ذلك يجب علينا تحمّل ذلك، وإلاَّ فلن يحدث أي تغيير في البحرين. يجب علينا أن نضحي بأنفسنا.
ماذا تأملون من الغرب؟
رجب: يجب على الدول الغربية أن تفهم أنَّنا نقاتل من أجل تحقيق أهداف مشتركة - من أجل نفس المبادئ والقيم التي حقَّقها الغرب في قرون من الزمن. نحن لدينا قواسم مشتركة معكم أنتم في الغرب أكثر مما يجمعنا بهؤلاء الطغاة. يجب على الحكومات الغربية ألاَّ تضع للنفط والسلاح قيمة أعلى من قيمة حقوق الإنسان، بل يجب على هذه الحكومات تأييد أولئك الذين يعملون من أجل حقوق الإنسان في هذا الجزء من العالم، ويجب عليها أن تكف أخيرًا عن قياس منطقة الخليج الغنية بالنفط والتي تضم دولاً مثل البحرين والمملكة العربية السعودية بمعايير مزدوجة.
أجرى الحوار: كيرستين كنيب
ترجمة: رائد الباش
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2012
نبيل رجب ناشط بحريني مدافع عن حقوق الإنسان ورئيس "مركز البحرين لحقوق الإنسان" ويرأس أيضًا فرع منطمة "هيومن رايتس ووتش" في أفريقيا والشرق الأوسط. ألقي القبض عليه عدة مرَّات لفترات قصيرة منذ بدء الاحتجاجات في البحرين في ربيع عام 2011.