أفنيري: إسرائيل تحتاج السلام...لا المستوطنات
بعد حصول الأراضي الفلسطينية على صفة "دولة مراقب غير عضو" في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، أعلنت إسرائيل تسريع وتيرة بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة. هل إعلان استمرار بناء المستوطنات رد على ذلك؟
أوري أفنيري: لا، هذا ليس مرتبطاً بالشأن الفلسطيني. هذه الحكومة تريد بناء المزيد والمزيد من المستوطنات لأسباب أيديولوجية أولاً، ولاعتبارات سياسية داخلية أيضاً.
إن الخطر الأكبر الذي تواجهه حكومة بنيامين نتنياهو في الوقت الراهن يأتي من اليمينيين وليس من اليساريين. ولهذا فإنه (نتيناهو) يخشى من خسارة أصوات لصالح حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني، بزعامة السياسي الشاب نفتالي بينيت.
نتنياهو مُضطَر إلى أن يُظهر أنه ليس أقل تشدداً من هذا الرجل الجديد، وقرار الأمم المتحدة لا يُعَد أكثر من حجة للقيام بذلك.
أنت تقول، إذاً، إن رئيس الوزراء نتنياهو يسعى لاستقطاب أصوات الناخبين في الانتخابات التي ستُجرى خلال الشهر الحالي.
أفنيري: بالضبط. إعلان (بناء المستوطنات) لا يعني بالضرورة بناء هذه الوحدات السكنية، فهذا يعتمد على قوة الضغط الأمريكي والأوروبي على الحكومة الإسرائيلية. لكن الإعلان لا يكلف شيئاً، وكما ترين فإنه أثار ضجة دولية كبيرة.
انتقدت الأمم المتحدة هذه المرة بشدة قرار بناء المستوطنات، وألمانيا كانت من بين المنتقدين. أما الولايات المتحدة فقد أبدت تحفظها. هل لذلك أي تأثير على الحكومة الإسرائيلية؟
أفنيري: ما يقوم به الأوروبيون لا يؤثر على نتنياهو إطلاقاً. لكنه لن يكون قادراً على تجاهل ضغط أمريكي حقيقي. لكن الأمور لا تبدو وكأن الأمريكيين سيقومون بأي شيء سوى توجيه بعض العبارات لإسرائيل. لقد قال الأمريكيون بأن هذا الإعلان ليس جيداً للسلام.
الرئيس باراك أوباما مشغول بقضايا أخرى غير الشرق الأوسط. والأمور تبدو وكأن سياسته تجاه الشرق الأوسط لن تتغير خلال فترته الرئاسية الثانية. سينتهي الأمر بتوجيه بعض الكلمات الناقدة، وهو (أوباما) لن يقوم في حقيقة الأمر بأي شيء من شأنه أن يساعد الفلسطينيين في الحصول على استقلالهم.
تؤكد إسرائيل دائماً على أنها تريد حل الدولتين. ما مدى توافق ذلك مع بناء المستوطنات؟
أفنيري: الأمريكيون والأوروبيون يتجاهلون هذه الحقيقة، لأنهم لا يرغبون في الدخول في نزاع مع إسرائيل. وفي الولايات المتحدة يعود ذلك إلى التأثير الهائل لجماعة الضغط الداعمة لإسرائيل هناك. لكن هذا اللوبي لا يساعد على تحقيق المصالح الفعلية لإسرائيل، بل يسعى لتحقيق مصالح حكومة يمينية.
يجب أن يكون واضحاً لأي عاقل أن إسرائيل تحتاج إلى السلام، لا المستوطنات. السلام مع الشعب الفلسطيني ومع بقية العالم العربي أيضاً.
ومن لا يدرك ذلك، فإنه لا يرغب في تحقيق مصلحة إسرائيل، بل يسعى إلى ضم الضفة الغربية وقطاع غزة.
عندما يقول شخص ما إنه يريد أن تمتد الدولة اليهودية من البحر المتوسط إلى نهر الأردن، فإن استمرار النقاش معه لن يكون مجدياً. وعندما يكون هذا الشخص مهتماً فقط بتلك المنطقة، فإنه لن يفكر بالطبع في حل الدولتين.
هذا يعني أن الحكومة الإسرائيلية ليست مهتمة بحل الدولتين.
أفنيري: يمكنك شطب كلمة حل الدولتين. هذه الحكومة لا تريد حل الدولتين. هناك أمر يتم التغاضي عنه دائماً، ألا وهو أن لدينا اليوم حزبان عربيان: فتح التي تريد السلام مع إسرائيل، وحماس التي لا تريد السلام مع إسرائيل.
الحكومة الإسرائيلية تستغل كل فرصة لتدمير فتح والسلطة الوطنية الفلسطينية، ومن خلال ذلك فإنها تقوّي حماس.
هل ترى الحكومة الإسرائيلية نفسها واقعة تحت ضغط سياسي خارجي؟
أفنيري: لا. الحكومة الإسرائيلية تعوّدت منذ فترة طويلة على التعرض لانتقادات شديدة من قبل دول أخرى. وعندما لا تُقرَن الأقوال بأفعال، فإن إسرائيل لن ترى نفسها تحت أي ضغط. ما هو نوع الضغط الذي يمارسه الاتحاد الأوروبي على إسرائيل؟ لا ضغط على الإطلاق.
ما الذي يجب عمله، إذاً، حسب رأيك؟
أفنيري: يجب أن تَقرن الدول تصريحاتها السياسية بتحركات فعلية. ولأن الولايات المتحدة وأوروبا لا تقرنان الانتقادات الشديدة بأفعال، فإن هذا أدى إلى تقوية اليمين الإسرائيلي، وبالتالي فإن معسكر السلام في إسرائيل يضعف باستمرار. وفي الانتخابات المقبلة يمكن رؤية ضعف معسكر السلام بوضوح.
حاورته: ديانا هودالي
ترجمة: ياسر أبو معيلق
تحرير: علي المخلافي
حقوق النشر: دويتشه فيله/ قنطرة 2012
عمِلَ ناشط السلام الإسرائيلي أوري أفنيري نائباً في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي لثلاث فترات تشريعية، لمدة عشر سنوات.