التغلب على الماضي أم تهدئة للضمير؟

في شهر مايو/أيار تحتفل دولة إسرائيل بالذكرى الستين لتأسيسها. وكما هو متوقع لن يتذكر أحد عندئذ ذكرى النكبة الفلسطينية التي مرت عليها الأعوام نفسها. غير أن هناك اهتماماً متزايداً من جانب جزء من الشباب الإسرائيلي بهذا الفصل الحزين في تاريخهم. فإلى أي مدى يصل هذا الاهتمام؟ هذا ما يجيب عليه يوسف كرواتورو.

​تعتقد صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن هناك تحولاً في علاقة الإسرائيليين بالنكبة الفلسطينية، والدليل المزعوم هو أن روايات الكُتاب الإسرائيليين الشبان التي تتناول مصير الفلسطينيين تغزو قوائم أفضل المبيعات، كما أن عدداً متزايداً من الإسرائيليين ينشط للحفاظ على الآثار الفلسطينية المهددة بالهدم.

نظرية جرئية. كبرهان على هذا التغير المزعوم في المفاهيم تورد الجريدة رواية "أربعة منازل واشتياق واحد" للكاتب الإسرائيلي إشكول نيفو البالغ من العمر سبعة وثلاثين عاماً والتي تُرجمت إلى الألمانية أيضاً. تدور الرواية حول زوجين، طالبة وطالب، من اليهود الغربيين، يسكنان لدى يهود من أصل كردي في إحدى ضواحي القدس التي كانت سابقاً قرية فلسطينية تسمى القسطل.

تصالح، لا عودة

الرواية أبطالها يهود، وهي تتمحور حول مشاكلهم العاطفية أو خلافاتهم حول الدين. على الهامش تظهر أيضاً شخصية عربية: عامل بناء فلسطيني يكتشف في هذا المكان فجأة المنزل الذي كان يسكنه والداه. وبسبب محاولاته العنيدة لإلقاء نظرة داخل المنزل بعد كل هذه السنوات، تحوم حوله شبهة الإرهاب ويُلقى به في السجن.

قراء الرواية أُعجبوا بصورة خاصة بالتصالح الذي تصل إليه الشخصيات اليهودية في النهاية. ويُظهر الكاتب في الرواية تعاطفاً مع مصير الفلسطيني، بالرغم من ذلك فإن موقفه من القضية الفلسطينية واضح لا لبس فيه: في لقاء مع "هآرتس" يؤكد نيفو بكل وضوح أنه ضد عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل.

لا تغير في المفاهيم إذن، إنها بالأحرى موضة بين المثقفين – تهدئة الضمير بدلاً من خوض نقاش جاد لمعالجة أخطاء الماضي، نقاش قد يؤدي إلى تبعات سياسية واقتصادية. على هذه الموجة يركب روائي آخر تمتدحه "هآرتس"، وهو الكاتب الإسرائيلي ألون هيلو البالغ من العمر ستة وثلاثين عاماً، والذي تسجل روايته "مزرعة الدجاني" أعلى المبيعات حالياً.

أخلاقيات من دون عواقب

تدور أحداث هذه الرواية في فلسطين في القرن التاسع عشر. بكل الحيل يحاول مستوطن إسرائيلي الاستيلاء على الأرض الخصبة التي يزرعها الفلاحون الفلسطينيون، ومن تلك الحيل العلاقة الغرامية التي يقيمها مع الأرملة العربية. ابن الأرملة يستطيع أن يكشف حجاب الغيب وكأنه نبي، فيصف في مذكراته اليومية كيف ستعلو في قريته قريباً العمارات التي يشيدها المستوطنون اليهود الاستعماريون، وكيف سيطوي النسيان السكان الأصليين.

تقدم الرواية للقراء المتحمسين إلى جانب مشاهد جنسية عديدة نوعاً من تهدئة الضمير، لأنها تسمح لهم بالارتفاع أخلاقياً فوق صهاينة الماضي الأشرار. لكن الكتاب لا يحث القارئ على خوض نقاش حقيقي حول وضع الفلسطينيين المزري حالياً.

الأمر نفسه ينطبق أيضاً على ما تصفه "هآرتس" بأنه اهتمام عريض من الرأي العام بالحفاظ على المنازل الفلسطينية التي نجت من التدمير المنهجي منذ عام 1948، والتي يتحتم عليها الآن أن تخلي الطريق لبنايات جديدة، فهذا الاهتمام محدود. والحالة الأخيرة التي تشير إليها الصحيفة الصادرة في تل أبيب لم تكن تستطيع أن تغض البصر عنها، إذ إن هذه البيوت ملاصقة تقريبا لمبنى "هآرتس"، ونعني هنا منازل قليلة كان يسكنها فلسطينيون في قلب تل أبيب، ومن المخطط الآن بناء عدة ناطحات سحاب مكانها. تقريران في التلفزيون اهتما بهذا الموضوع، أما النتيجة فكانت في كليهما مطمئنة بالنسبة للإسرائيليين: لا ينوي أصحاب البيوت الفلسطينيون العودة مطلقاً، كما أن المرء لا حول له ولا قوة أمام شركة العقارات الكبيرة التي اشترت الأراضي الغالية الثمن.

يوسف كرواتورو
ترجمة: صفية مسعود
قنطرة 2008

قنطرة

"التطهير العرقي في فلسطين"
سياسة متعمدة وعملية تهجير ممنهجة
تناول عدد كبير من المؤرخين الصراع العربي الإسرائيلي بالشرح والتحليل، غير أن المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه في كتابه الأخير يلقي نظرة جديدة على هذا الصراع وعمليات تهجير فلسطينيي 1948. ووفقا لهذه النظرة فإن عملية تهجير الفلسطينيين كانت تطهيرا عرقيا ممنهجا. مارتينا صبرا تقدم عرضا لهذا الكتاب.

جمعية زوخروت:
إسرائيليون يُذكّرون بمصير فلسطيني النكبة
تحاول جمعية زوخروت أن ترغم الرأي العام الإسرائيلي على التفكير بتشريد الفلسطينيين. عمل يواجه صعوبات عديدة في إسرائيل. تقرير يوسف كروايتورو.

مجلة إسرائيلية حول محنة الفلسطينيين
النكبة بالعبرية
صدر في إسرائيل موخرا العدد الأول من مجلة يهودية مكرسة بالكامل لموضوع النكبة الفلسطينية. هذه المجلة التي أثارت إعجاب اليسار الليبرالي جوبهت بالتجاهل حتى الآن من قبل اليمين. تقرير كتبه يوسف كرايتورو.