مكافأة المغتصب بتزويجه ضحيته مجاناً
أمينة الفيلالي شابة من المغرب كان يبلغ عمرها ستة عشر عامًا، انتحرت بسم الفئران بعد بضعة أشهر من إجبارها على الزواج من مغتصبها. ويقال إنَّ أسرة هذه الفتاة وقاضياً قد أجبروها على هذا الزواج من أجل "تحريرها" من الوصمة الاجتماعية كونها ضحية اغتصاب.
هذه القضية التي تعود إلى عام 2012 لم تصدم المغرب فقط، بل أثارت ضجة كبيرة في جميع أنحاء العالم ولفتت الانتباه إلى هذه الممارسة المعادية للنساء، التي كانت راسخة في قوانين العديد من الدول العربية، ولا تزال كذلك في بعض الدول العربية: هذه قوانين تمنح الجاني حصانة من الملاحقة القضائية، عندما يتزوَّج ضحيَّته بعد أن يكون قد اغتصبها. تم إلغاء المادة رقم 475 من القانون الجنائي المغربي بعد عامين من انتحار أمينة الفيلالي.
وقد اتَّخذ الأردن خطوات أولية، من أجل تعديل هذا الوضع القانوني المثير للجدل. فقبل فترة غير بعيدة أعلن مجلس الوزراء الأردني عن تأييده لحذف المادة رقم 308 من القانون الجنائي الأردني. لكن مع ذلك لا بدّ من الموافقة أولاً على قرار مجلس الوزراء من قبل أعضاء البرلمان. غير أنَّ الكثير من الناشطين ينظرون إلى ذلك بالفعل على أنَّه نجاح. "هذا حلم أردني قد تحقَّق"، مثلما قالت الناشطة من منظمة المرأة العربية، ليلى نفاع لصحيفة جوردان تايمز.
لعدة أعوام كان الناشطون يثيرون الانتباه إلى هذه الممارسة السيئة بشعار "اغتصب ثم تزوَّج مجانًا" ويكافحون من أجل إلغاء هذه المادة؛ التي يجب بموجبها أن يستمر الزواج ثلاثة أعوام على الأقل، ليحتفظ المغتصب بالحصانة من الملاحقة القضائية. وفي العام الماضي 2016 تم تغيير هذا القانون: وهكذا أصبح بإمكان المغتصب أن يأمل في الحصانة من الملاحقة القضائية فقط إذا كان عمر ضحيَّته يتراوح بين خمسة عشر عامًا وثمانية عشر عامًا. ولكن هذا التعديل لم يقنع النساء في الأردن، لذلك ما زلن يكافحن.
كان أنصار هذا القانون يقولون لعدة أعوام إنَّ تزويج الضحية يُمثِّل الضمان الوحيد لها. وهذا على أية حال يمكن أن يمنع -مثلما يقولون- جرائم الشرف، ويمنح أيضًا الجاني فرصة من أجل "التكفير" عن جريمته، من خلال تحمُّله المسؤولية بهذه الطريقة عن فعلته.
وأيضًا في إيطاليا كان يوجد حتى عام 1978 زواج يعرف باسم "زواج التكفير عن الذنب". وبالتالي كان مرتكب الجرائم الجنسية يبقى من دون عقاب عندما يتزوَّج ضحيَّته. والآن بدأت هذه الهياكل الذكورية بالانكسار في بلد تلو الآخر.
تحدَّثت المنظمة غير الحكومية "المساواة الآن" Equality Now مع بعض الضحايا، اللواتي كان من بينهن شابة أردنية عمرها عشرين عامًا تعرَّضت للاغتصاب من قبل رئيسها في العمل البالغ من العمر خمسة وخمسين عامًا. وتقول هذه الشابة إنَّه أعطاها منوِّمًا بدلاً من أن يعطيها حبوبًا للصداع. وفقط بعدما اكتشفت أنَّها حامل، أخبرت أسرتها بذلك. وعرض عليها رئيسها أن يتزوَّجها - استنادًا إلى المادة رقم 308.
وحول ذلك تقول: "على الرغم من أنَّني كنت أكنُّ له الكثير من الكراهية في قلبي، لكن أسرتي دفعتني إلى الزواج منه". وكان أملها الوحيد أن يتم تسجيل طفلها كابن شرعي باسم أبيه. ولكن بعد فترة قصيرة بلغ الأمر بينهما حدَّ الطلاق، لأنَّها لم تكن تستطيع تحمُّل حياتها مع مغتصبها. ومن جانبه وافق على الطلاق، ولكنه لم يعترف بالطفل كولده.
بحسب دراسة أجرتها "جمعية معهد تضامن النساء الأردني" فإنَّ اثنين وستين في المائة من النساء الأردنيات يعتقدن أنَّ الجناة يتزوَّجون ضحاياهم فقط من أجل الإفلات من العقاب. وفقط تسعة في المائة من النساء المستطلعة آراؤهن يعتقدن أنَّ الرجال يشعرون بالندم الحقيقي عن أفعالهم.
قوانين مشابهة في العراق وتونس أيضًا
وفي لبنان أيضًا تكافح الناشطات حاليًا من أجل إلغاء المادة رقم 522. حيث تم مؤخرًا تعليق واحد وثلاثين فستان زفاف أبيض من فوق أشجار النخيل على كورنيش البحر المعروف في بيروت. لقد أنجزت هذا التركيب الفنَّانة اللبنانية ميراي حنين، التي نفَّذت بالفعل مثل هذا العمل في باريس.
هذا النوع من القوانين يحرم النساء من "جوهرهن، وهويَّتهن"، مثلما قالت الفنَّانة ميراي حنين لوكالة الأنباء الفرنسية. وقد شارك في هذا العمل وزير الدولة اللبناني لشؤون المرأة، جان أوغاسابيان. وفي هذا الصدد قال الوزير جان أوغاسابيان إنَّ هذا القانون من "العصر الحجري" وقد حان الوقت من أجل إلغائه.
هذا الاحتجاج لا يزال مستمرًا في لبنان: فقبل بضعة أشهر سارت بعض النساء وهن يرتدين فساتين الزفاف في شوارع بيروت. حيث كنّ يهتفن: الفستان "الأبيض ما بيغطي الاغتصاب". ومنذ ذلك الحين أطلقن هاشتاغ #Undress522. وفي الخامس عشر من أيَّار/مايو 2017 تم نقاش هذا الموضوع في البرلمان اللبناني أيضًا. ووفقًا للمنظمة غير الحكومية "المساواة الآن" توجد قوانين مشابهة في بلدان أخرى مثل العراق وتونس. وحاليًا تتفاوض مملكة البحرين على إصلاح القانون.
في مصر تم إلغاء قانون مشابه في عام 1999. ومنذ ذلك الحين بات المغتصبون مهدَّدون هناك حتى بعقوبة الإعدام. وقد أدَّى قبل كلِّ شيء الحكم بإعدام "الذئاب العشرة" في عام 2009، مثلما أطلقت عليه الصحافة المصرية، إلى إثارة ضجة كبيرة في العالم العربي: فقد تعرَّضت شابة يبلغ عمرها ثمانية وعشرين عامًا في مدينة تقع في منطقة الدلتا للاختطاف من منزلها ثم تم اغتصابها من قبل عشرة رجال في حقل ناءٍ. وإثر ذلك حُكم على هؤلاء المجرمين العشرة بالإعدام.
دنيا رمضان
ترجمة: رائد الباش
حقوق النشر: موقع قنطرة 2017