على الاتحاد الأوروبي أن يستعيد مسؤوليته الأخلاقية
كشخصية أكاديمية، تبحث وتدرس على مدى السنوات الثلاثين الماضية، العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتعزيز الديمقراطية في دول الجنوب، وعلاقات الاتحاد الأوروبي مع إسرائيل وفلسطين، من المحبط للغاية أن نرى الاتحاد الأوروبي يقف متجمّداً أمام الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان.
في المادة الثانية من معاهدة تأسيسه، وضع الاتحاد لنفسه قائمة من المبادئ تضمنت "الكرامة الإنسانية والحرية والديمقراطية والمساواة وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق الأشخاص المنتمين إلى الأقليات".
كما يلتزم الاتحاد في علاقاته الخارجية بدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وفقًا لمبادئه التأسيسية. وقد أدرج الاتحاد الأوروبي شواغله المتعلقة بحقوق الإنسان في جميع سياساته وبرامجه، ولديه أدوات محددة لحقوق الإنسان تحت تصرفه في حالة وقوع انتهاكات. أو بعبارة أخرى، فإن حقوق الإنسان مكرّسة في الحمض النووي للاتحاد الأوروبي.
في اجتماع مجلس الاتحاد الأوروبي في ديسمبر/كانون الأول 2020، وافقت الدول الأعضاء، على إطلاق نظام الاتحاد الأوروبي العالمي لعقوبات حقوق الإنسان لتعزيز عمله الجماعي في هذا المجال. ويستهدف هذا النظام، الساري حتى ديسمبر 2026، الأفراد والكيانات المسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم من خلال تدابير تقييدية مثل حظر السفر وتجميد الأصول. وبالإضافة إلى ذلك، يُحظر على الأفراد والكيانات في الاتحاد الأوروبي تقديم الأموال لهذه الأفراد والكيانات المدرجة أسمائها بالقائمة.
ومع ذلك، عند الرد على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، غالبًا ما يكون الاتحاد الأوروبي مقيدًا بشرط الإجماع بين الدول الأعضاء فيه. وسبق واقترح ممثله الأعلى للشؤون الخارجية جوزيب بوريل، استخدام التصويت بالأغلبية المؤهلة لتمكين الاتحاد الأوروبي من التصرف بشكل أسرع في معاقبة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. ومع ذلك، لا يمكن أن توافق جميع الدول الأعضاء على هكذا اقتراح.
انتهاكات وراء انتهاكات
في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ارتكبت الجماعات المسلحة التي تقودها حماس، العديد من جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية خلال عدوانها على جنوب إسرائيل. وردًا على ذلك، شنّت السلطات الإسرائيلية عمليات عسكرية وهجمات لا هوادة فيها على مدار الأحد عشر شهرًا الماضية، مما أدى إلى إصابة وقتل مدنيين فلسطينيين أبرياء في غزة في انتهاك للقانون الإنساني الدولي. وبلغت آخر حصيلة للقتلى من الجانبين منذ ذلك الحين، أكثر من 40,000 فلسطيني وأكثر من 1,200 إسرائيلي.
كما أعلنت "اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وإسرائيل" التابعة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في تقريرها الصادر في يونيو/حزيران 2024، أن السلطات الإسرائيلية والجماعات الفلسطينية المسلحة مسؤولة عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وفي وقت سابق من شهر مايو/أيار، تقدم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، بطلب للمحكمة لإصدار مذكرات اعتقال بحق القادة العسكريين والسياسيين من كلا الجانبين عن الجرائم التي ارتكبت خلال هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول والحرب التي أعقبت ذلك على غزة.
علاوةً على ذلك، ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، تحذر مجموعة من خبراء الأمم المتحدة والباحثين الدوليين المرموقين من scholasticide أي الإبادة التعليمية (التدمير المنهجي لنظام التعليم ومؤسساته) في غزة، إذ تضررت أو دُمرت 90% من المدارس وجميع جامعاتها الاثنى عشر، كما قُتل الآلاف من الطلاب والمعلمين، بحسب وزارة التعليم الفلسطينية.
على صعيد آخر، قُتل ما لا يقل عن 116 صحفيًا وعاملاً في مجال الإعلام منذ بدء الحرب، بحسب اللجنة الدولية لحماية الصحفيين. وهي الفترة الأكثر دموية بالنسبة للصحفيين منذ أن بدأت لجنة حماية الصحفيين بجمع البيانات في عام 1992.
ويشير تقرير صدر في يوليو/تموز 2024 عن مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (UNOSAT)، إلى أن إسرائيل دمّرت 46.223 مبنى في غزة، وألحقت أضرارًا جسيمة بـ18.478 مبنى، وألحقت أضرارًا متوسطة بـ55.954 مبنى، وربما ألحقت أضرارًا بـ35,754 مبنى، أي ما مجموعه 156,409 مبانٍ. وهذا يعادل حوالي 63% من المباني في قطاع غزة، والتي تشمل المنازل والمدارس والمستشفيات والمواقع الثقافية والمواقع الدينية والبنية التحتية المتعلقة بالمياه والكهرباء والنقل. وبعبارة أخرى، ترتكب إسرائيل urbicide أي الإبادة الحضرية، وهو مصطلح استُخدم لأول مرة خلال حرب البوسنة 1992-1995 للإشارة إلى التدمير الواسع النطاق والمتعمد للبيئة الحضرية، أو قتل المدن.
ويقدر إجمالي عدد الوحدات السكنية المتضررة بـ 215,137 وحدة سكنية، ما يعني أن إسرائيل ترتكب أيضًا جريمة domicide إبادة المنازل -أي "التدمير المتعمد والمنهجي لأماكن السكن، واستهداف أماكن السكن الخاصة، بحيث يتم استبدال أي شكل من أشكال الاستقرار، الجسدي أو العاطفي، بشعور بالاضطراب المتواصل".
وقدمت منظمات حقوق الإنسان الدولية أدلة على الاستخدام المتعمد للتجويع كسلاح حرب في غزة، إذ حُرم المدنيون من الحصول على الغذاء والمياه النظيفة. في مايو/أيار 2024، أعلنت شبكة Fews Net، وهي شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة ومقرها الولايات المتحدة، أنه "من الممكن، إن لم يكن من المحتمل" أن تكون المجاعة قد بدأت في شمال غزة في أبريل/نيسان.
وبعد ذلك بشهرين، عثرت منظمة الصحة العالمية، على أثار فيروس شلل الأطفال في عينات ستة مواقع لشبكات الصرف الصحي في قطاع غزة. وبعد بضعة أسابيع، حثت المنظمة جميع أطراف "النزاع" على تنفيذ هدنة إنسانية للسماح بالتطعيمات ضد الفيروس.
كما تفاقمت المجاعة الكارثية المستمرة في أجزاء كبيرة من قطاع غزة بسبب الاستهداف المنهجي للبساتين والمناطق الزراعية من قبل القوات الإسرائيلية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. وهذا، وفقًا لمجموعة الأبحاث Forensic Architecture، يرقى إلى مستوى الإبادة البيئية، أي التدمير المتعمد للبيئة.
وعلى مدى السنوات العشر الماضية (إن لم يكن أكثر)، شهد المزارعون الفلسطينيون على طول غلاف غزة، "رش محاصيلهم بمبيدات الأعشاب المحمولة جواً وتجريفها بانتظام، وتعرضوا هم أنفسهم لنيران القناصة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي".
وإجمالاً، يمكن تلخيص هذه الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان على أنها حالة من حالات أي الإبادة السياسية politicide. فسياسة إسرائيل المتعمدة في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية هي تدمير مقومات إقامة دولة فلسطينية.
لقد أظهرت الأدلة المتزايدة منذ أكتوبر/تشرين الأول بوضوح تام أن "العتبة التي تشير إلى ارتكاب إسرائيل للإبادة الجماعية قد تم بلوغها"، على حد تعبير المقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيز. ولكن، كما تشير منظمة العفو الدولية بوضوح، فإن السلطات الإسرائيلية فشلت باستمرار في الامتثال للتدابير المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة في يناير/كانون الثاني 2024 لمنع الإبادة الجماعية في غزة، وما زالت تتحداها.
وفي 19 يوليو/تموز 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية، رأياً استشارياً يقضي بأن الأراضي الفلسطينية تشكل وحدة سياسية واحدة وأن الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967، وما تلاه من إنشاء المستوطنات الإسرائيلية واستغلال الموارد الطبيعية، غير قانوني بموجب القانون الدولي. ووصفت منظمة العفو الدولية رأي المحكمة بأنه "انتصارٌ تاريخي لحقوق الفلسطينيين الذين قاسوا، ولا يزالون، عقودًا من البطش والانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان الناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني".
وإذا نظرنا إلى التدابير المؤقتة التي اتخذتها محكمة العدل الدولية في يناير/كانون الثاني والرأي الاستشاري الصادر في يوليو/تموز معاً، سنجد لها تداعيات كبيرة على الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء. فدعمهم لإسرائيل على مدى العقود يجعلهم (دول الاتحاد الأوروبي) متواطئين في الإبادة الجماعية. وعلى الرغم من هذه الأحكام وتحذيرات خبراء الأمم المتحدة، يواصل الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، تصدير الأسلحة إلى إسرائيل وتقديم التمويل لمختلف الكيانات الإسرائيلية.
وقد أعلن خبراء الأمم المتحدة أن "ضرورة فرض حظر على توريد الأسلحة إلى إسرائيل واتخاذ المستثمرين إجراءات حاسمة، أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، لا سيما في ضوء التزامات الدول ومسؤوليات الشركات بموجب اتفاقيات جنيف واتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان ومبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان".
معالجة الخلل في موازين القوى
إن مجرد الاعتراف بفلسطين كدولة لن يكون حلا سحريا ناجعا، لكنه نقطة تحول نحو حل عادل ودائم لواحد من أطول الصراعات في التاريخ الحديث وأكثرها تقلبا.
دور الاتحاد الأوروبي في اليوم التالي للحرب
بالنظر إلى كل ما سبق، هل يمكن للاتحاد الأوروبي أن يعود بجدية وفعالية إلى مبادئه الأخلاقية ويمنع إسرائيل ودوله الأعضاء من الدوس على القانون الدولي؟
منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، قامت كل من أيرلندا وإسبانيا وسلوفينيا والنرويج بخطوات رمزية في هذا الاتجاه من خلال الاعتراف الرسمي بفلسطين كدولة، ليصل إجمالي عدد الدول حول العالم التي قامت بذلك إلى 146 دولة. إلا أن هذه الخطوات الرمزية ليست كافية، لا سيما أن الاتحاد الأوروبي يجد صعوبة في التوصل إلى خط موحد حتى في مجرد الاعتراف.
هل هناك دور يمكن أن يلعبه الاتحاد الأوروبي في توفير بعض الزخم الإيجابي لنظام ما بعد الحرب، بمجرد أن تتوقف القنابل أخيرًا عن السقوط على غزة؟ وكيف يمكن تحقيق هذا الزخم؟
عندما وصلت حماس إلى السلطة في عام 2006، بعد انتخابات حرة ونزيهة وشفافة "قدمت نموذجا للمنطقة العربية ككل" بحسب وصف بعثة المراقبة التابعة للاتحاد الأوروبي، رضخ الاتحاد الأوروبي لضغوط الولايات المتحدة وإسرائيل واختار عدم الاعتراف بالحكومة التي تقودها حماس. وبدلاً من أن يتدخل عبر قنواته الدبلوماسية لجلب حماس إلى طاولة المفاوضات، أدار الاتحاد الأوروبي ظهره للشعب الفلسطيني.
ولو كان الاتحاد الأوروبي قد استجاب بشكل مختلف، من خلال إعطاء حماس فرصة للحكم، والحفاظ على قنوات اتصال معينة، وعدم قطع كل التمويل عن المشاريع المتعلقة بحماس وتحويل الأموال إلى حركة فتح، لربما كانت الأمور قد سارت بشكل مختلف.
وإذا كان للاتحاد الأوروبي أن يتعلم أي دروس من ذلك القرار في عام 2006، فهي أنه لا يمكن تجاهل حماس. وإذا ما أراد لأصوات الفلسطينيين أن تُسمَع، فيجب على الاتحاد الأوروبي أن يعمل كوسيط رئيسي وداعم للجهود الرامية إلى تشكيل حكومة تكنوقراط تحكم غزة والضفة الغربية بدعم من جميع الفصائل الفلسطينية، بما فيها حماس، كطريق للوحدة السياسية الفلسطينية وإجراء الانتخابات.
فبدلاً من الخضوع للهندسة الأمريكية والإسرائيلية للسياسة الفلسطينية - وهو ما يجب أن يحتج عليه الاتحاد الأوروبي نظراً للأدلة على الانتهاكات الإسرائيلية طويلة الأمد لحقوق الإنسان الفلسطيني - يحتاج الأوروبيون إلى ضمان أن مستقبل غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية سيقرره الفلسطينيون أنفسهم بشكل حازم وآمن.
"وسائل الإعلام الإسرائيلية جُنَّدت لصالح الحرب في غزة"
منذ هجمات حماس في السابع من أكتوبر الماضي، برزت مجلة "972+" الإسرائيلية- الفلسطينية، بتحقيقاتها المؤثرة مثل استخدام الجيش الإسرائيلي للذكاء الاصطناعي لتحديد الأهداف في غزة. رئيسة تحريرها غصون بشارات تحدثت مع قنطرة عن تحديات الصحافة المستقلة في زمن الحرب.
علاوة على ذلك، ولكي يستعيد الاتحاد الأوروبي مسؤوليته الأخلاقية ويبدي التزامًا حقيقيًا بحقوق الإنسان العالمية، عليه أن يندّد بانتهاكات إسرائيل على انتهاكاتها الجسيمة والمنهجية لحقوق الفلسطينيين منذ احتلالها غير القانوني للضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة. كما يجب على الاتحاد الأوروبي أن يضع حدًا لصمته على قمع إسرائيل المتزايد للمعارضة الداخلية، مما يشجع حكومات إقليمية أخرى على قمع مواطنيها.
وقد أشارت إسبانيا وإيرلندا بالفعل إلى أن مراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وهي الأساس القانوني للعلاقات منذ عام 2000، ستكون بداية جيدة في ضوء قرار محكمة العدل الدولية بأن أفعال إسرائيل "قد تندرج" ضمن اتفاقية الإبادة الجماعية. ولمنع إلحاق المزيد من الضرر الذي لا يمكن إصلاحه بشعبي فلسطين وإسرائيل، هناك حاجة ماسة إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.
ولكن هذا وحده لن يذهب بعيدًا في التصدي لإفلات إسرائيل من العقاب. ولطالما أن السلطات الإسرائيلية تمتنع عن أخذ الانتهاكات السابقة والمستمرة للقانون الإنساني الدولي على محمل الجد، فالاتحاد الأوروبي، ليس ملزما فحسب، بل من واجبه الأخلاقي المُلِح، أن يستخدم جميع الوسائل الممكنة المتاحة له، لمكافحة هذا الإفلات من العقاب والسعي إلى تحقيق العدالة الدولية، وذلك استنادًا إلى التزامات دوله الأعضاء والتزاماته هو نفسه بالقانون الدولي.
هل يستطيع الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على إسرائيل؟
في منتصف آب/أغسطس، عندما اقتحم مستوطنون إسرائيليون ملثمون قرية جيت في الضفة الغربية المحتلة، وأطلقوا النار وقنابل الغاز المسيل للدموع على السكان، مما أسفر عن مقتل فلسطيني يبلغ من العمر 23 عامًا وإصابة آخر بجروح خطيرة. وردًا على ذلك، هدد بوريل بفرض عقوبات من الاتحاد الأوروبي ضد "مُمَكِّني المستوطنين العنيفين، بما في ذلك بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية".
إذا كان الاتحاد الأوروبي جادًا بشأن إعادة إحياء عملية سلام حقيقية، فإنه بحاجة ماسة إلى معالجة التطرف السريع في المجتمع الإسرائيلي. لن يتحقق التقدم والتغيير - في إسرائيل وفلسطين على حد سواء - إلا من خلال التكاليف الباهظة التي تجبر الحكومة الإسرائيلية وحماس على فتح أعينهم. يجب معاقبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية من الطرفين.
ومن أجل معالجة الأسباب الجذرية لهذا "الصراع"، يحتاج الاتحاد الأوروبي أيضًا إلى تطبيق نظام عقوبات جدي على الاحتلال غير الشرعي والقائم منذ فترة طويلة للأراضي الفلسطينية. وينبغي أن يبدأ ذلك بتدابير محددة الأهداف ضد المتهمين بالتحريض على كراهية الفلسطينيين، ولا سيما وزراء اليمين المتطرف الإسرائيلي مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الاتحاد الأوروبي أن ينظر في اتخاذ إجراءات قطاعية، بما في ذلك القيود الاقتصادية والمالية، والقيود المفروضة على الاستيراد والتصدير، والقيود المفروضة على الخدمات المصرفية، وحظر الأسلحة.
وينبغي على جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن توقف فورًا أي مبيعات أسلحة إلى إسرائيل. وينبغي أن يتواكب ذلك مع مقاطعة الجامعات الإسرائيلية المشاركة في المجمع الصناعي العسكري-الأمني. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تتوقف المتاجر الأوروبية عن تخزين السلع الإسرائيلية مثل الفواكه المزروعة في الأراضي الفلسطينية المصادرة في غور الأردن. وبموجب التشريعات الحالية للاتحاد الأوروبي، ينبغي وضع ملصقات واضحة على المنتجات التي يصنعها المستوطنون الإسرائيليون وإخضاعها لترتيبات جمركية أقل تفضيلاً. ومع ذلك، لا يتم تطبيق هذه القواعد بصرامة، ويجب أن يتغير ذلك.
وأخيرًا، يجب تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. إذ يعد احترام حقوق الإنسان عنصرا أساسيا في اتفاقيات الاتحاد الأوروبي مع جميع الدول الشريكة. وتنص المادة 2 من الاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل على أن "العلاقات بين الطرفين، وكذلك جميع أحكام الاتفاقية نفسها، يجب أن تستند إلى احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية، التي توجه سياستهما الداخلية والدولية وتشكل عنصراً أساسياً في هذه الاتفاقية". يسمح انتهاك هذه "العناصر الأساسية" للاتحاد الأوروبي بنقض الاتفاقية أو تعليقها كليًا أو جزئيًا، بموجب المادة 60 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات.
ومن شأن تطبيق هذه التدابير أن يضغط على الحكومة الإسرائيلية لكي تأخذ القانون الدولي على محمل الجد وتمتثل له. ومن شأنه أن يلفت الانتباه إلى استراتيجية إسرائيل قصيرة النظر ودوامة العنف التي لم تجلب الأمن لا للإسرائيليين ولا للفلسطينيين الذين لا يزالون يعيشون في واقع بائس.