فلسفة الدين عند ابن رشد: إشكالية الحرية أنموذجًا
مأتى إشكال الحرية راجع إلى الجمع بين علم الخالق المطلق -حسب الاعتقاد ات الدينية- وبين حرية الاختيار الإنساني. وهذه القضية وإن كانت دومًا مدار جدال مُستمر في فلسفة الدين فإنّها تنحو في بعض توجهاتها نحو مواقف وسطية تُثبت العلم المطلق للخالق، وهو أمر لا مفر منه في أي عقيدة دينية مع منح حرية اختيار الإنسان بما هو أمر لازم لإثبات مسؤوليته تُجاه أفعاله وهذا ما يبرر العقاب الأخروي في العقائد الدينية المختلفة.
لقد عالج ابن رشد هذه الإشكاليات بطريقة مُفصلة في مجموعة ثرية من كتبه، وطبق في هذه الكتب منهجًا نقديًّا تحليليًّا جادل من خلاله بعض الفرق الكلامية والمذاهب الدينية ذات المشارب المتنوعة مثل المعتزلة والجبرية والجهمية والأشعرية وخالفها في مسألة "الحرية الإنسانية". إذ ابتعد عن التصور المعتزلي الذي يذهب إلى أنّ اكتساب الإنسان هو سبب المعصية والحسنة، وخالف أيضًا موقف الجبرية الذي يرى -عكس المعتزلة- أنّ الإنسان مجبور على أفعاله.
واختلف كذلك مع رأي الأشاعرة الذي لا يبتعد كثيرًا عن موقف الجبرية. ولم يتبن أي موقف من هذه المواقف المشهورة في الإيبستيمولوجيا العربية، ولم يُقْصِها عندما أعلن رأيه في المسألة مُعتبرًا ما قصده هو الجمع بين الرُؤى على "التوسط" الذي: "هو الحق في هذه المسألة" وفق قوله.
وقد توسع اشتغال ابن رشد على إشكالية الحرية ضمن دلالاتها السياسية وما يحيط بها من رهانات وجودية ترتبط بأنطولوجيا الإنسان من خلال تناوله مسألة حرية المرأة ومكانتها في المجتمع وما تكتسبه هذه القضية من دلالات سياسية ثاوية ضمن معاني الحرية والعدالة والمساواة، هذا إضافة إلى دراسته مشكلة العلاقة بين الحاكم والمحكوم وما قد تُثيره من أبعاد إصلاحية اجتماعية وسياسية وأخلاقية من خلال الخصال التي يجب أن يتمتع بها من سيقوم برئاسة المدينة.
للاطلاع على باقي تفاصيل المقال، يرجى الضغط على الرابط أسفله:
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا
عن الكاتب:
عبد المنعم شيحة باحث تونسي، حاصل على دكتوراه في اللغة والآداب والحضارة العربيّة- الجامعة التونسيّة. مهتم بقضايا الفكر الإسلاميّ والنصوص المؤسّسة للحضارة العربيّة.