انتخابات إسرائيل 2019 البرلمانية - قضية حياة أو موت لحياة نتنياهو السياسية

في 09 / 04 / 2019 تقرر إسرائيل: إما مواصلة انجرافها وراء حكم بنيامين نتنياهو نحو اليمين أو السير في اتجاه أقل تشددا. لكن ما موقع الفلسطينيين الحاملين للجنسية الإسرائيلية في هذه الانتخابات؟ إنغه غونتر توضح من القدس خارطة إسرائيل الانتخابية 2019 لموقع قنطرة.

الكاتبة ، الكاتب: إنجي غونتر

في التاسع من شهر نيسان/إبريل (2019)، يقرَّر المجتمع الإسرائيلي إنْ كان سيواصل انجرافه تحت حكم بنيامين نتنياهو إلى اليمين أو إن كان سيتَّجه في اتجاه معتدل مع السياسي المبتدئ بيني غانتس.

حتى الآن، كان جمهور بنيامين نتنياهو مُتمسِّكًا به مثلما يتمسَّك مشجِّعو كرة القدم بنواديهم. ولكن هذه المرة، أصبح حتى المتعصِّبون من أنصار حزب الليكود اليميني المحافظ يفكِّرون بإنْ كانوا سيمنحون أصواتهم له مرة أخرى. الكثيرون كانوا يغضُّون النظر عن كونه رجلاً غير نظيف، طالما أنَّ قضايا الفساد الجارية ضدّه تتعلق بالتحايل مثل قبول هدايا باهظة الثمن. عندما دعا بنيامين نتنياهو لإجراء انتخابات مبكِّرة، خاطر بكلِّ شيء لتقف خلفه أغلبية كبيرة من شأنها أن تُبطل دعوى المدَّعي العام.

ولكن ظهرت في الحملة الانتخابية اتِّهاماتٌ جديدة تمسُّ سياسة إسرائيل الأمنية. فقد كان لا بدّ لبنيامين نتنياهو من الاعتراف بأنَّه قد أعطى المستشارية الألمانية الضوء الأخضر من أجل بيع غوَّاصات عالية التقنية لمصر من دون إبلاغه هيئة أركان الجيش الإسرائيلي والمخابرات. وهذا عمل فردي أثار سخط الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. من المشكوك فيه أيضًا عملية بيع أسهم أنفق فيها بنيامين نتنياهو على ما يبدو أربعة ملايين دولار في عام 2010 على حصة في شركة شريكة لشركة تيسن كروب الألمانية - وهي مُزَوِّدة إسرائيل بالغواصات من فئة دولفين.

أمَّا الشكوك بأنَّ بنيامين نتنياهو قد أصرَّ وبدافع من مصلحته الخاصة على شراء غوَّاصات أخرى لم يكن يريدها الجيش الإسرائيلي قطّ، فقد وصفها بأنَّها حملة وسخة من قِبَل معارضيه السياسيين. وقال: ليس صدفةً أنْ يشهد تحالف "أزرق-أبيض"  الانتخابي حالة غليان، لأنَّ مرشَّحه الرئيسي بيني غانتس يتعرَّض لاستفسارات نقدية، بسبب قرصنة هاتفه الخليوي (التي تم الافتراض بأنَّ إيران قامت بها). 

مع ذلك فإنَّ الشائعات المنشورة في محيط رئيس الوزراء، التي تفيد بأنَّ بيني غانتس أصبح الآن من الممكن ابتزازه وأنَّه بالتالي "خطرٌ على الدولة"، قد امتدَّت بشكل محدود فقط. وفي المقابل قال بيني غانتس: لم تكن توجد على هاتف الخليوي معلومات تتعلق بالأمن ولا فيديوهات جنسية، كما يُقال. ومعظم الإسرائيليين قبلوا منه هذا الكلام.

بيني غانتس - ليس شريكًا للطرف العربي

 

رئيس الأركان الإسرائيلي السابق بيني غانتس في إحدى فعالياته الانتخابية في تل أبيب. Foto: AFP
Ernst zu nehmender Konkurrent für Netanjahu: Allerdings muss Ex-Generalstabschef Benny Gantz als Mann der Mitte, der bei der Parlamentswahl an der Spitze eines Zentrumsbündnisses gegen Netanjahu antritt, auch Stimmen von rechts wie links holen. Nur so hat seine Blau-Weiß-Truppe Aussichten, den Likud zu überholen. Ihr politisches Programm jedoch ist dünn, darauf angelegt, niemanden zu verprellen.

 



{أدى قانون "يهودية دولة إسرائيل" الذي وضعت مشروعه حكومة نتنياهو إلى زيادة شعور الفلسطينيين الحاملين للجنسية الإسرائيلية بالتهميش والاستبعاد من قِبَل مجتمع الأغلبية.}

 

يجب على بيني غانتس بصفته رجلًا من الوسط أن يجمع أصوات الناخبين من اليمين واليسار أيضًا. هكذا فقط يمكن لتحالفة الـ "أزرق-أبيض" -المُسمى بلوْنَيْ العلم الإسرائيلي- أن تكون لديه فرصة للتغلُّب على حزب الليكود. غير أنَّ برنامجه السياسي ضعيف وهو مُصَمَّم على نحو لا يزعج أحدًا. في هذا البرنامج تم تجنُّب اتِّخاذ موقف واضح من القضية الفلسطينية وعملية السلام. 

في بداية الحملة الانتخابية، كان بيني غانتس يتباهى بعدد الإرهابيين الفلسطينيين الذين قُضي عليهم تحت قيادته. كما أنَّه يؤكِّد على أنَّ القدس لن يتم تقسيمها في عهده. وكذلك يرى أنَّ الضفة الغربية يجب أن تبقى تشكِّل حدود إسرائيل الشرقية، الأمر الذي يتيح فرصًا قليلة لحلِّ الدولتين.

تم تشكيل التحالف الانتخابي الـ "أزرق-أبيض"، الذي يضمُّ أيضًا ثلاثة جنرالات بالإضافة إلى رئيس حزب المستقبل يائير لابيد، من أجل هدف واحد فقط، هو: "عزل بيبي" - كما يطلق الإسرائيليون على رئيس وزرائهم بنيامين نتنياهو. "وهذا يعرِّض الديمقراطية الإسرائيلية في الواقع للخطر"، مثلما تقول جايل تالشير، أستاذة العلوم السياسية في الجامعة العبرية بالقدس. 

وتضيف أنَّ طبيعتهم الليبرالية قوَّضت مختلف المبادرات التشريعية الخاصة بالحكومة اليمينية القومية. وبيني غانتس يريد وضع حد لذلك، فرأس ماله هو حُرمة [حدود] الدولة. والورقة الرابحة في يدّ نتنياهو هي هضبة الجولان التي اعترف دونالد ترامب بسيادة إسرائيل عليها مخالفًا بذلك القانون الدولي.

في المنافسة المحمومة بين الاثنين، تراجعت الأحزاب الأصغرة. وحتى حزب العمل الإسرائيلي الديمقراطي الاجتماعي، الذي كان يفتخر في السابق بكونه حزب الشعب، بات مستواه في استطلاعات الرأي أقل بكثير من نسبة العشرة في المائة. ولا بدّ للمتنافسين في المعركة الانتخابية -المتديِّنين واليمينيين المتطرِّفين وحزب ميرِتس اليساري وكذلك الأقلية العربية- أن يتوقَّعوا نتائج أكثر سُوءاً.

انقسام المعارضة

لقد فازت هذه الأخيرة في عام 2015 -بترشُّحها في قائمة موحَّدة- بثلاثة عشر مقعدًا، وأصبحت بذلك ثالث أقوى كتلة نيابية في الكنيست. ولكن في الخلاف حول ترتيب المرشَّحين، انقسم هذا التحالف إلى قسمين: والآن تخوض الانتخابات "الحركةُ العربية للتغيير" بقيادة المستشار السابق لياسر عرفات، أحمد طيبي، و"الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة" بقيادة السياسي العربي الإسرائيلي المعروف والمحامي اليساري المدافع عن الحقوق المدنية، أيمن عودة، منفصلة عن "التجمُّع الوطني الديمقراطي"، وهو تكتُّل مكوَّن من الممثِّلين الوطنيين والحركة الإسلامية.

هذا الانقسام خلق حالة سأم وخيبة أمل سياسية كبيرة بين الفلسطينيين الحاملين للجنسية الإسرائيلية، مثلما يقول أمجد شبيطة، المدير العام المشارك في جمعية سيكوي، وهي جمعية يهودية عربية تعمل من أجل المساواة المدنية: "لقد فقدوا الأمل في التمكُّن من تغيير أي شيء بالانتخابات". وبحسب تعبيره لا يمكن للفلسطينيين مواجهة التحريض من المعسكر اليميني إلَّا وهم متَّحدون. لقد أدَّى قانون "يهودية دولة إسرائيل"، الذي وضعت مشروعه حكومة نتنياهو، إلى زيادة شعورهم بالتهميش والاستبعاد من قِبَل مجتمع الأغلبية.

 

ملصق إعلاني ضمن حملة الانتخابات في تل أبيب فيه صورة لِـ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب. Foto: Getty Images/AFP
Wahlgeschenk für Benjamin Netanjahu: US-Präsident Donald Trump hatte vergangene Woche in Gegenwart des israelischen Ministerpräsidenten Benjamin Netanjahu eine Erklärung unterzeichnet, in der die Golanhöhen als Teil Israels anerkannt werden. Israel hatte das Gebiet 1967 im Krieg von Syrien erobert und 1981 annektiert.

 

{إما أن نكون أو لا نكون - هذا هو سؤال نتنياهو في انتخابات إسرائيل 2019 البرلمانية: نادرًا ما كانت الحملة الانتخابية في إسرائيل بمثل هذه الإثارة، ولكنها لم تكن أيضًا بمثل هذا الاستقطاب. بعد عشرة أعوام من استمرار حكم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، باتت إعادة انتخابه على شفا الهاوية. حيث يتساوى مستواه في استطلاعات الرأي مع مستوى منافسه، رئيس الأركان السابق بيني غانتس.} 

 

أعلن مؤخرًا رئيس الوزراء الإسرائيلي أنَّ إسرائيل ليست دولة لجميع مواطنيها، بل "هي دولة الأمة اليهودية - ولليهود  فقط". ولكن حتى التحالف الـ "أزرق-أبيض"، الذي يرفض الشراكة مع العرب، لا يمكن - مثلما يقول أمجد شبيطة - "أن يمثِّل بالنسبة لهم أي بديل حقيقي". وتبعًا لذلك من المرجَّح بحسب رأيه أن تأتي نسبة مشاركتهم في الانتخاب منخفضة.

من بين الأحزاب الأربعة عشر، التي تأمل في دخول الكنيست، توجد على الأقل خمسة أحزاب لا يكاد يمكنها تجاوز عتبة الـ3.25 في المائة. ولذلك يسعى البعض بصخب من أجل إثارة الاهتمام. على سبيل المثال، وزيرة العدل الإسرائيلية، أيليت شاكيد، المدافعة عن القانون الجديد، ظهرت في مقطع فيديو دعائي من الواضح أنَّه ساخر وهي ترشُّ على نفسها عطرًا اسمه "الفاشية". وكذلك موشيه فيجلين، المنشقٌ عن الليكود، يدعو مع حزبه المنشق "سِحوت" (الهوية) التابع لأقصى اليمين إلى بناء الهيكل الثالث وشرعنة الماريجوانا.

ستُحدِّد نتيجتهم جميعهم في هذه الانتخابات إن كانت الكتلة اليمينية أو معسكر يسار الوسط سيحصل على الأغلبية الحكومية البالغ عددها واحدًا وستين مقعدًا. وبما أنَّ بيني غانتس يستبعد الائتلاف مع الكتل النيابية العربية، فمن الممكن أن يصبح بنيامين نتنياهو في آخر المطاف -حتى في حالة هزيمته- رئيسًا للوزراء. أو سيتم تشكيل ائتلاف كبير بين قائمة "أزرق-أبيض" وحزب الليكود، ولكن من دون "بيبي نتنياهو".

 

 

إنغه غونتر

ترجمة: رائد الباش

حقوق النشر: موقع قنطرة 2019

ar.Qantara.de