الانتخابات البلدية السعودية.....''للرجال فقط''
بدأ 5323 مرشحا للانتخابات البلدية السعودية حملاتهم الانتخابية للفوز بـ 1623مقعدا يمثلون نصف مقاعد 258 مجلسا بلديا. وستستمر فترة الدعاية الانتخابية لمدة 11 يوما فقط قبل موعد يوم الانتخابات المقرر لها يوم الثلاثاء القادم، وهي المرحلة الثالثة من الانتخابات والتي بدأت مرحلتها الأولى بقيد الناخبين والثانية بتسجيل وإعلان المرشحين قبل المرحلة الأخيرة وهي الاقتراع. عبد العزيز الخميس، الصحفي السعودي المقيم بلندن، يرى أن هذه الانتخابات صورية ما دامت المجالس البلدية لا تساهم لا من قريب ولا من بعيد في تسيير أمور المناطق التي تقع تحت نفوذها، كما أنها تبقى حكرا على الأعيان من ذوي المال والقادرين على تمويل الحملات الانتخابية. وفي ما يلي نص الحوار:
هل اختيار إجراء الانتخابات البلدية في هذه الفترة بالذات له علاقة بالربيع العربي؟
عبد العزيز الخميس: لا أظن ذلك، لان هذه الانتخابات مقررة منذ وقت طويل وتأخرت كثيرا، فأنا أعتقد أنها استحقاقات داخلية، وهي ليست الأولى التي تجرى في السعودية بل هي الثانية. وقد يكون تأثير الربيع العربي عليها في إجراءاتها وفي جانب المنتخبين والمرشحين وكذلك ما يخص آليات الانتخاب. كما قد يكون في الجزء الخاص بحشد الناخبين وتوعيتهم. ونلاحظ أن سقف المطالب بدأ يرتفع، لكن الانتخابات لم تأت بسبب الربيع العربي، بل الذي أتى هو الوعي الذي يرافق هذه الانتخابات.
هل يمكن تفسير ذلك بأنه محاولة لتكميم الأفواه المعارضة داخل المملكة السعودية؟
عبد العزيز الخميس: لا أعتقد، بل على العكس. مسألة الانتخابات في نظري مهمة لأنها تساهم في خلق ثقافة سياسية: ثقافة انتخاب وترشح، وبالتالي فإن هذا يعتبر من بين أبرز ثمار هذه التجربة حتى وإن كانت ناقصة، لأن المواطنين ينتخبون فقط نصف أعضاء المجلس البلدي، إضافة إلى أن هذه المجالس ليست لها أية صلاحيات مهمة تذكر في إدارة أمور المناطق التي تخضع لها.
هل ستعمل السلطات السعودية على تسويق هذه الانتخابات كشكل من أشكال الديمقراطية بالخارج؟
عبد العزيز الخميس: نعم، هذا ما يحدث الآن، لأنها استفادت من الانتخابات الأولى في أن تشير للقوى الغربية الضاغطة في أنها تقود عملية انتخابية سياسية، وأنها بدأت في حلحلة البلاد من ديكتاتورية مطلقة إلى مشاركة سياسية. إلا أننا نعرف عطش وجوع شعبنا لكثير من المشاركة الشعبية في الاستحقاقات السياسية ، خاصة في ظل تنامي مطالب المواطنين بانتخاب مجلس الشورى وإعطائه صلاحيات موسعة. صحيح أن الانتخابات الموجودة حاليا هي ديكورية، لكننا نستفيد منها في جانب التوعية بالحقوق السياسية ونشر ثقافة المشاركة فيها.
لماذا هذا الإقصاء بالنسبة للنساء في هذه الانتخابات البلدية؟
عبد العزيز الخميس: في الحقيقة معضلة المرأة السعودية كبيرة جدا وليست محصورة فقط في مسألة الانتخاب، النساء في السعودية يطالبن بأكثر من هذا، يطالبن بالحقوق الأساسية بعيدا عن الحقوق السياسية، كحق العيش بمساواة مع الرجل، وقيادة السيارة والعمل في أماكن مختلفة. لذلك فهن ينظرن إلى مسألة الانتخاب كشكل صوري، فحتى الرجل السعودي لم يحصل على حقوقه السياسية كاملة. لذلك فإن الانطلاقة تكون أولا بالحصول على الحقوق الأساسية، ونحن نعرف أن الحكومة وعدتهن بالمشاركة في هذه الانتخابات ثم أخلفت وعدها.
هل للمجالس البلدية أي تأثير على السياسة العامة في البلاد؟
عبد العزيز الخميس: المجالس البلدية هي مجالس استشارية في المقام الأول ولا يوجد لديها أية صلاحيات، والفائدة منها للحكومة وللنظام هو إعطاء مؤشر للغرب بأنها تقوم بنوع من الإجراءات الديمقراطية، لكن في الحقيقة الفائدة التي يجنيها المواطن السعودي هو أنه بدا يمارس حقه في الانتخاب، وهذا في حد ذاته تطور جديد، وهذا التطور لن يتوقف عند هذا الحد، بل سيزداد الضغط الشعبي حتى يكون لهذه المجالس البلدية صلاحيات كاملة في إدارة مناطقها، وأن يكون لها الحق في التصرف في الميزانيات، كما يجب أن يكون رئيس هذه المجالس تابعا لها وليس آمرا عليها، وذلك بأن تبتعد الدولة عنها قليلا وتكون داعما لها، وتكون الكلمة الفصل للشعب عبر حكومات محلية مصغرة.
عند الاطلاع على الشروط التي ينبغي أن تتوفر في من يتقدم لعضوية تلك المجالس البلدية يسترعي الانتباه خلوها إلا من القدرة على تمويل الحملة الانتخابية، كيف تفسر هذا الأمر؟
عبد العزيز الخميس: نحن أصبحنا نرى أنها انتخابات للأعيان وللوجهاء وأصبحت شكلا استعراضيا أكثر للثروات. وللأسف القوانين التي تقنن التمويل وتحصره لم يتم إقرارها بشكل جيد. لكن كما قلت الجميع يستبشرون بأنهم يمارسون عملا سياسيا لثاني مرة بالرغم من كونه عملا سياسيا منقوصا، لكنه في نظر العديد من السعوديين أفضل من لاشيء.
أنت اعتبرت هذه الانتخابات بمثابة تمرين للمواطنين على العملية السياسية، هل تتوقع أن يتم الضغط مستقبلا في سبيل انتخاب أعضاء مجلس الشورى أو برلماني يمثل السعوديين؟
عبد العزيز الخميس: هذه العملية الديمقراطية آتية لا ريب فيها، في النهاية سوف يذعن النظام لمسألة الديمقراطية والمشاركة السياسية لأنها مصير أي نظام، فإما أن ينهار أو أن يجدد نفسه. وطبعا النظام السعودي لا يرغب في الانهيار، وبالتالي فهو ملزم بتجديد نفسه. لكن المشكلة هي في التوقيت، متى سيقدم النظام على هذه الخطوة؟ وأرجو أن يكون للربيع العربي دور في التعجيل بذلك.
أجرى الحوار: عبد المولى بوخريص
مراجعة: لؤي المدهون
حقوق النشر: دويتشه فيله 2011