من ظل نصر الله إلى دفة القيادة

نعيم قاسم خلال مؤتمر صحفي في سبتمبر/أيلول الماضي.
اعتاد أن يكون رجل حزب الله الذي يمكنك أن تراه، ولكن لم يعد كذلك: قاسم، في آخر ظهور علني سبتمبر/أيلول. (الصورة: Picture Alliance/Middle East Images | C. Bonneau)

يعد نعيم قاسم أحد القادة المخضرمين في حزب الله اللبناني. لقد كان هناك عندما تأسست الحركة، لكنه لم يتمكن قط من تحرير نفسه من ظل حسن نصر الله. والآن أصبح هو الزعيم الجديد، والرجل الذي توعدته إسرائيل بمصير نصر الله.

الكاتبة ، الكاتب: كريم الجوهري

لم يكن مفاجئًا أن يتم تعيين الرجل ذو العمامة البيضاء واللحية الرمادية أمينًا عامًا جديدًا لحزب الله يوم الثلاثاء. فعلى مدى عقود، كان قاسم أحد الوجوه الإعلامية لحزب الله، الذي قاد ذراعه السياسية في البرلمان اللبناني في بيروت. يرمز قاسم إلى شيء واحد قبل كل شيء: الاستمرارية.

فمنذ أكثر من شهر حتى الآن، يتولى الرجل البالغ من العمر 71 عامًا قيادة حزب الله بشكل مؤقت بعد مقتل سلفه حسن نصر الله في هجوم إسرائيلي ضخم جنوب بيروت في 27 سبتمبر/أيلول. كان قاسم نائبًا لنصر الله لسنوات عديدة، ووفقًا للنظام الأساسي للحزب، من المفترض أن يبقى في هذا المنصب المؤقت حتى اختيار قائد جديد.

بعد مقتل نصر الله، كان من المتوقع بالفعل أن يتم تعيين ابن خالته هاشم صفي الدين في هذا المنصب، إلا أنه قُتل أيضاً في هجوم إسرائيلي بعد بضعة أيام. لذا وقع الاختيار على قاسم لتولي المهمة.

محاور وسائل الإعلام الغربية

على غرار نصر الله، يعد قاسم أحد قدامى أعضاء الحزب وكان أحد مؤسسيها في عام 1982. واحتفظ بمنصب نائب الأمين العام للحزب لمدة 33 عاما. إذ جرى تعيينه نائبا للأمين العام الأسبق عباس الموسوي عام 1991 إلى أن قتل الأخير في العام التالي بغارة جوية إسرائيلية. كما احتفظ قاسم بمنصبه أيضا طوال عهد سلفه نصر الله الذي امتد 32 عامًا. وبمعنى آخر، فإن قاسم هو أحد الثوابت في حزب الله.

ولكن في حين أن نصر الله لم يظهر علناً على شاشات الفيديو إلا منذ حرب لبنان عام 2006 لأسباب أمنية، فإن قاسم كان رجل حزب الله الذي يمكن أن تلمسه لسنوات عديدة. منذ عام 1992، كان بمثابة زعيم كتلة برلمانية لحزب الله الذي كان يخوض الانتخابات النيابية لأول مرة. ومنذ ذلك الحين، بات أحد أقوى الأحزاب بمجلس النواب في بيروت مع مجموعة من الحلفاء السياسيين.

وبهذه الصفة، أجرى قاسم أيضًا مقابلات متعددة مع وسائل الإعلام ووكالات الأنباء الغربية. وكانت آخر مقابلة له مع وكالة أسوشيتد برس الأميركية في 3 يوليو/تموز من هذا العام، أي قبل التصعيد الأخير بين حزب الله وإسرائيل في سبتمبر/أيلول، بعد أن كان الطرفان يتبادلا قتالا محدودا بين جنوب لبنان وشمال إسرائيل منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي.

جرت المقابلة مع وكالة أسوشيتد برس في أحد المكاتب السياسية لحزب الله في جنوب بيروت، الذي دُمّر مبناه منذ ذلك الحين. في ذلك الوقت، أوضح قاسم أن وقف إطلاق النار على الحدود الإسرائيلية اللبنانية لن يكون ممكناً إلا إذا صمتت الأسلحة في غزة أيضاً.

ظهر قاسم علناً ثلاث مرات أخرى منذ مقتل نصر الله، ولكن عبر الفيديو فقط. وفي المرة الأخيرة، قال إنه يدعم مفاوضات الحكومة اللبنانية لوقف إطلاق النار، دون أن يتحدث صراحة عن وقف الحرب في غزة.

في الوقت نفسه، بدا قاسم متحديًا، وأوضح أن الحرب بين حزب الله وإسرائيل تدور أيضًا حول "من يصرخ أولا. ونحن (حزب الله) لن نصرخ أولا". كما أكد على أن القدرات العسكرية لمنظمته سليمة ويمكنها توجيه "ضربات موجعة" لإسرائيل.

Here you can access external content. Click to view.

البداية في حركة أمل

ولد قاسم في بيروت عام 1953 ولديه ستة أبناء، ودرس في الأصل الكيمياء واللغة الفرنسية في الجامعة اللبنانية بالعاصمة. أصبح ناشطًا سياسيًا في حركة أمل الشيعية التي تأسست عام 1974، قبل أن يتركها بعد الثورة في إيران عام 1979. واصل دراسته الحوزوية الشيعية وبدأ يخطب في عدة مساجد في جنوب بيروت.

عندما تأسس حزب الله في عام 1982، كان قاسم من أوائل المنضمين إلى المنظمة الجديدة التي كانت تعارض في المقام الأول الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان. وتدرج في المناصب حتى أصبح نائباً للأمين العام في عام 1991، لكنه لم يصل إلى الكاريزما التي يتمتع بها نصر الله وبقي دائماً في ظله.

تصوّر الحكومة الإسرائيلية قاسم على أنه الرجل الذي يعيش في حكم الإعدام. يقول حساب إسرائيل بالعربية على موقع "إكس": "قد تكون فترة توليه هذا المنصب الأقصر في تاريخ هذه المنظمة الارهابية إذا سار على درب سابقيه حسن نصرالله وهاشم صفي الدين".

قنطرة 2024