"الحوار بين الأديان مصدر للتعايش الاجتماعي"
نحن نعيش في عالم التحوّل السريع. وقد غيَّر التقدّم التقني الذي حدث في القرنين الماضيين أسلوب حياتنا تغييرًا جذريًا. ولذلك كان الكثيرون يعتقدون أنَّ التديّن سوف يتلاشى ويندثر من وعينا. وفي الحقيقة نحن نشهد حاليًا نقيض ذلك؛ فالكثيرون من الناس يعودون إلى دينهم ويبحثون عن تحديد للاتِّجاه وموقف في عالم يشهد تحوّلات تزداد سرعتها باستمرار.
ولكن تعاني الأديان من صعوبات نتيجة التحوّل السريع في هذا العالم الحديث. ويزداد الأمر صعوبة عندما يعيش أتباع ديانات مختلفة في بلد كثيف السكَّان. وليس من غير المألوف أن تقدِّم الأديان إجابات مختلفة وتفسيرات مختلفة وأن تدَّعي بالإضافة إلى ذلك الاستفراد بالحقيقة. ولكن من الممكن أن يؤدِّي شكل القواعد والأصول التي ينبغي أن يتم التعايش طبقًا لها إلى إيجاد آراء مختلفة اختلافًا كبيرًا جدًا.
التغاير الديني كتحدٍ
وهنا يصبح التغاير الديني أحد التحدِّيات التي تواجه الترابط الاجتماعي. ولهذا السبب فإنَّ الحوار بين ومع الأديان مهمًا بالنسبة لنا. وهو يمثِّل مطلبًا بالنسبة إلى الدولة غير المنحازة دينيًا، وذلك لأنَّ التفاهم الأفضل والمتبادل يخدم المرء في تعايش جيِّد.
والحوار بين الأديان يبيِّن أنَّ هناك أساسًا مشتركًا بعيدًا عن ادِّعاءات الاستفراد بالحقيقة. ومن دون مثل هذا الأساس يمكن أيضًا أن لا يكون هناك اعتراف بالتنوّع الديني. غير أنَّ الدولة تدعم وتشجِّع الحوار بين الأديان أيضًا لأنَّها ترى في الأديان مصدرًا لتحديد الاتِّجاه وللتعايش الاجتماعي.
وكذلك تعتمد الدولة العلمانية على قدرة الدين التي تقدِّم الحكمة. ولا ينشأ أيضًا عن العقل وحده تعايش جيِّد. ولهذا السبب لدينا في ألمانيا نظام علماني، ولكن ليس بالنظام العلمانوي. كما أنَّ قانوننا الدستوري الخاص بالدين متأثِّر بطابع "عدم الانحياز الإيجابي". وهذا من شأنه أن يربط الحدّ المتبادل بين المحيط الدنيوي والديني بتفاعل إيجابي بين المحيطين لصالح الأفراد والمجتمع.
وكذلك لا يعتبر إيجاد الطريق ضمن هذا النظام أمرًا سهلاً خاصة بالنسبة للأديان الحديثة نسبيًا في ألمانيا مثل الإسلام. ويصعب اندماج المسلمين في الدول الغربية أيضًا من خلال إدراك الإسلام وفهمه فهمًا سلبيًا.
حوافز من خلال الحوار الإسلامي المسيحي
والقليل من الألمان يربطون بالدين الإسلامي قيمًا إيجابية. ويمثِّل المتطرِّفون الذين يعتبرون الإسلام مرجعًا لهم سببًا لذلك. ويشكِّل هؤلاء المتطرِّفون مجموعة صغيرة من بين المسلمين، ولكن الكثير من الناس يريدون من المسلمين على ما يبدو عزلة واضحة عن التطرّف وتأييدًا أقوى لديمقراطيتنا. وهناك سبب آخر يكمن في الأزمات الاجتماعية التي تنشب جرَّاء بناء المساجد أو الحجاب. وأخيرًا تنجم اضطرابات بسبب التناقضات بين نظام قيمنا وقوانيننا وبين بعض المقولات الموجودة في المصادر الإسلامية.
وبطبيعة الحال فإنَّ هذه ليست مجرَّد مشكلة في الإسلام. فالكنائس المسيحية احتاجت بدورها وقتًا حتى أصبحت لا تتقبل الديمقراطية وحسب، بل حتى تمكَّنت من تعليلها من خلال تصوّرها الإنساني المسيحي. وفي يومنا هذا يقف الإسلام أمام تحدِّيات تجديده وعصرنته.
وفي ذلك من الممكن أن يعطي الحوار الإسلامي المسيحي حوافز مهمة للنقاش الفقهي الإسلامي الداخلي الذي يدور هنا في ألمانيا ويعالج مواضيع متنوعة مثل العلمانية وكرامة الإنسان أو المساواة. وتستطيع الكنائس نقل تجاربها - سواء فيما يخص الوعظ والعناية بضحايا الحوادث أو في شؤون الدفن أو فيما يتعلَّق بمسألة التنظيم الذاتي.
"يجب على المسلمين التأقلم في ألمانيا"
ويعتبر تأقلم المسلمين هنا في ألمانيا واحدًا من أكبر تحدِّيات عصرنا. والدولة الألمانية تريد أن يقوم المسلمون بتأسيس مؤسَّسات راسخة في نظامنا الحرّ. وكذلك يجب على المسلمين في ألمانيا تنظيم أنفسهم حسب القانون المعمول به، إذا كانوا يريدون النجاح بشكل تام. والمؤتمر الإسلامي الألماني يساعدهم في ذلك، من خلال إعدادهم حلولاً - على سبيل المثال من أجل درس مادة التربية الإسلامية أو شؤون الدفن حسب الشريعة الإسلامية.
ويجب علينا جميعًا - سواء في المؤتمر الإسلامي الألماني أو ضمن التعايش اليومي - أن نسعى إلى إيجاد علاقة حسنة بين الأديان وأتباعها. وعند ذلك لن يؤدِّي المزيد من التنوّع الديني إلى إثرائنا وحسب، بل سوف يزيد من قوّة الترابط الاجتماعي في بلدنا.
فولفغانغ شويبله
ترجمة: رائد الباش
حقوق الطبع: صحيفة شتوتغارتر نخريشتن/قنطرة 2009
قنطرة
الجمعيات الإسلامية في ألمانيا:
المطالبة بمزيد من الديمقراطية والشفافية
يطالب أيمن أ. مزيك، رئيس تحرير موقع islam.de والمتحدث السابق باسم المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، بإعادة تشكيل بنية التنظيمات الإسلامية في ألمانيا حتى تتمكن من التعامل مع الحكومة والمجتمع الألمانيين.
المؤتمر الإسلامي الألماني" الثالث:
ضرورة المحافظة على تعددية المسلمين
أظهر "المؤتمر الإسلامي الألماني" الثالث من جديد أنَّ الجدال الدائر حول إضفاء الطابع المؤسساتي على الإسلام ودمجه في ألمانيا في شكل منظمة مركزية واحدة لا يطرح فقط أسئلة حول قدرة هذه المنظمة المطلوبة سياسيًا على تمثيل الإسلام والمسلمين في ألمانيا، بل يحمل مخاطر توظيف الإسلام سياسيا. تعليق لؤي المدهون.
قمة الاندماج:
فرصة لدعم مساعي اندماج المهاجرين في المجتمع الألماني
تسعى الحكومة الاتحادية إلى صياغة سياسة ناجحة لاندماج المهاجرين في المجتمع الألماني، لذلك اجتمعت المستشارة الألمانية ميركل مع عدد من ممثلي منظمات المهاجرين بهدف مناقشة العقبات، التي قد تحول دون تحقيق الاندماج في ألمانيا.