نتيجة انتخابات إسرائيل لا تبشر بأي تقدم لعملية السلام
لم يكن أي أحد يتوقع الأسبوع الماضي بأن يفوز حزب بنيامين نتنياهو بنحو 30 مقعداً فقط في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية الأخيرة.
لكن المفاجأة الأكبر كانت في التسعة عشر مقعداً التي حصدها حزب "يش أتيد" (هناك مستقبل) بزعامة مقدم البرامج التلفزيونية السابق والإعلامي يائير لابيد، وهو ما جعل الحزب الذي يتزعمه هذا السياسي، الحديث العهد، ثاني أكبر كتلة في الدورة البرلمانية المقبلة.
أما أحزاب العمل بقيادة شيلي يحيموفيتش، و"شاس"الذي يمثل مصالح اليهود الشرقيين المتشددين، و"البيت اليهودي" اليميني الديني القومي بزعامة نفتالي بينت، فقد سجلت جميعها نجاحات جديرة بالاحترام، يليها حزب "الحركة" بزعامة تسيبي ليفني، الذي جاء بنتائج مخيبة للآمال. هذه النتائج تعطي الانطباع بأن الطريق ستكون مسدودة.
البحث عن شركاء في الائتلاف
لهذا، فقد أعلن نتنياهو، بُعيد اتضاح النتائج الأولية للانتخابات، عن نيته تشكيل ائتلاف حاكم موسع. من جانبه، دعا زعيم حزب "شاس"، آرييه درعي، إلى تشكيل ائتلاف وطني كبير. لكن السبيل إلى تشكيل هذا الائتلاف لا يزال مجهولاً بالنسبة للجميع.
إذ يجب اعتبار يائير لابيد شريكاً جاداً في هذا الائتلاف، فهو ينوي المشاركة في الائتلاف الحكومي وفي منصب بارز. لكن كيف سيتمكن لابيد من تنفيذ الوعد الشعبوي الذي قطعه على نفسه أثناء الانتخابات، وهو النضال من أجل المساواة في الخدمة العسكرية، إذا كان هذا الهدف من التابوهات بالنسبة للأحزاب اليمينية والدينية، التي يُنظر لها على أنها الحليف الطبيعي لنتنياهو؟
الإجماع غير ممكن
أما إذا ما تم تشكيل ائتلاف بدون الأحزاب الدينية، وهو ما لم يسبق حدوثه في تاريخ إسرائيل البرلماني، فكيف سيتم التوفيق بين تعهدات تسيبي ليفني بتحريك مفاوضات السلام مع الفلسطينيين والأيديولوجية الاستيطانية البحتة لنفتالي بينِت (ونتنياهو أيضاً)؟
وإذا تم إقناع شيلي يحيموفيتش بالانضمام إلى ائتلاف كبير، فكيف سيتم التوفيق بين أجندتها الاشتراكية الديمقراطية المبنية على "المساواة الاجتماعية" والليبرالية الجديدة والرأسمالية المتطرفة التي يتبناها نتنياهو؟
وإذا لم تتكلل جهود تشكيل ائتلاف واسع النطاق بالنجاح، فإن توازن القوى بين الكتلة اليمينية البرلمانية، الممثلة بـ62 مقعداً، وكتلة الوسط واليسار الممثلة بـ58 مقعداً، ستصعّب عمل الحكومة المقبلة.
لكن الواضح بكل تأكيد هو أن ما تمخضت عنه الانتخابات الحالية لن يكون جيداً بالنسبة للصراع مع الفلسطينيين، ناهيك عن التوصل إلى حل له. وهذا ليس مفاجئاً، لأن جميع الأحزاب التي أحرزت نتائج جيدة في الانتخابات الحالية تجاهلت عن قصد هذا الموضوع في حملاتها الانتخابية.
أما تلك التي ركزت على هذه القضية في حملاتها، مثل حركة "ميريتس" والشيوعيين وحزب "الحركة" بزعامة ليفني، فقد تعرضت لمزيد من التهميش من قبل الناخبين.
وما قاله نتنياهو ذراً للرماد في العيون أثناء الدورة البرلمانية المنتهية واستمر في هدمه أثناءها، سيستمر بشكل منهجي ودائم في الفترة المقبلة، ألا وهو التأكيد على عدم التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، والاكتفاء بالقليل من الحركة في الركود الذي تحول إلى أيديولوجية.
موشيه زوكرمان
ترجمة: ياسر أبو معيلق
تحرير: علي المخلافي
حقوق النشر: تاغيس تسايتونغ/ قنطرة 2013
يعمل موشيه زوكرمان أستاذاً للتاريخ والفلسفة في جامعة تل أبيب. وصدر له مؤخراً كتاب بعنوان "ضد روح العصر: مقالات وحوارات حول اليهود والألمان والصراع في الشرق الأوسط ومعاداة السامية".