الاتحاد الأوروبي يطلق استراتيجية لآسيا تشكل منافساً لاستراتيجية الصين
يتوقع أن توقع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي "استراتيجية آسيا للتواصل" الجديدة التي تهدف إلى تحسين العلاقات في مجالات النقل والتكنولوجيا والطاقة وفي الوقت ذاته تعزيز المعايير الخاصة بالبيئة والعمل. ومن المقرر أن يتم توقيع الاستراتيجية الجديدة خلال قمة كبرى لقادة اوروبا وآسيا الشهر المقبل.
وتؤكد بروكسل على أن الاستراتيجية ليست ردا على أي جهة أخرى ولكن إطلاقها يأتي في الوقت الذي تنحسر فيه الاضواء عن مبادرة بكين "طريق الحرير الجديد"، التي تهدف إلى بناء سكك حديد وطرق وموانئ في أنحاء العالم باستخدام قروض صينية بمليارات الدولارات.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني أن المحادثات تجري منذ عدة أشهر مع عدد من الدول الآسيوية "المهتمة بتجربة الطريقة الأوروبية"
تحدي مبادرة بكين "طريق الحرير الجديد"
وأضافت موغيريني: "ستهدف مبادرتنا إلى استحداث الوظائف الجديدة والنمو الاقتصادي ومنح المجتمعات المحلية المزايا والفوائد". وتابعت "لا استطيع أن أقول أن هذه المبادرة مختلفة عن اقتراحات آخرين، ولكن هذا هو اقتراحنا".
وتأتي الاستراتيجية الجديدة بعد أن دعا رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر إلى سياسة خارجية أقوى في الاتحاد الأوروبي تتناسب مع قوته الاقتصادية لمواجهة استراتيجية الرئيس الاميركي دونالد ترامب "اميركا أولا" وانخراط الصين النشط في إفريقيا وآسيا.
ويقول مايكي اوكانو-هيجمانز، وهو خبير العلاقات بين الاتحاد الاوروبي وآسيا في معهد كلينغيندايل في هولندا، إن المبادرة "خطوة مهمة جدا" بعد انتقاد بعض الأوساط للاتحاد الأوروبي بأنه بطيء في رده على أسلوب القوة الناعمة الذي تتبعه الصين.
وأضاف: "لا نستطيع أن نتهمهم بعد الآن بأنه ليس لديهم رؤية. التحدي هو كيف يمكن أن نحول هذا إلى بديل حقيقي لبعض الدول، لأن ذلك يتطلب الكثير من المال" مؤكدا "لا أحد يمكنه منافسة الأموال الصينية".
صرح الرئيس الصيني شي جينبينغ في وقت سابق هذا الشهر أن تجارة الصين مع دول "الحزام والطريق" تجاوزت 5 مليارات دولار، فيما فاق الاستثمار المباشر 60 مليار دولار. ولكن بعض الدول بدأت تفكر ف يما إذا كانت القيود المرتبطة بهذه الأموال ستشكل عبئا عليها بدلا من أن تعود عليها بالفائدة.
ورغم أن التفاصيل الدقيقة للمشروع الاوروبي - بما في ذلك مسألة التمويل الحساسة - لم توضع بعد، فإن المشروع يؤكد على أهمية "المعايير الاجتماعية والبيئية العالية" وأهمية "الاستدامة المالية لمشاريع البنى التحتية".
ويبدو أنه تم وضع ذلك لمواجهة الانتقادات الكبيرة لمشروع الحزام والطريق الذي أطلق في 2013 بحجة أن السخاء الصيني يخلق فعلياً مصائد ديون.
مخاوف من هيمنة الصين على دول ضعيفة
وتزايدت هذه المخاوف العام الماضي عندما اضطرت سريلانكا إلى منح الصين عقد إيجار لمدة 99 عاماً لميناء استراتيجي بسبب عدم قدرتها على سداد قروض لمشروع قيمته 1,4 مليار دولار.
كما تزايدت المخاوف في آب/أغسطس عندما قالت ماليزيا أنها تخلت عن ثلاثة مشاريع تدعمها بكين من بينها مشروع بناء سكة حديد بقيمة 20 مليار دولار، فيما تعهدت باكستان، التي كانت حتى وقت قريب من المتحمسين للحصول على قروض صينية، بالشفافية وسط مخاوف من عدم قدرة البلاد على سداد الديون.
ويقول فيليب لو كوري من برنامج أوروبا وآسيا في مؤسسة كارنيغي انداومنت للسلام الدولي إنه مع تزايد أهمية الأمن المعلوماتي بالنسبة للعديد من الحكومات حول العالم، فإن اصرار الاتحاد الأوروبي على الشفافية قد يكون أكثر جاذبية من الانخراط مع الصين في "طريق الحرير الرقمي".
وأضاف لو كوري أن هذا المشروع "يسمح لشركات الاتصالات الصينية ببناء بنى تحتية في هذه الدول، ما يتيح لهذه الشركات الوصول إلى البوابات والمنصات الالكترونية وأي شيء رقمي".
وأشار إلى أن بعض الدول بدأت تدرك "أنه ليس من الجيد وضع البيض كله في سلة واحدة، وأن الاعتماد على الامبراطورية الصينية يشكل مخاطرة كبيرة خصوصا عندما يتعلق الأمر بالتحكم في المعلومات والتكنولوجيا". (أ ف ب)